البث المباشر الراديو 9090
أراضى طرح نهر
"طرح النهر"، هى الأراضى الأعلى قيمة عقاريًا على مستوى الجمهورية، بمجرد أن يكون لك مشهدًا مطلًا على النيل، يرفع ذلك قيمة العقار أضعافًا مضاعفة، وهو ما يجعل قيمة تلك الأراضى هى الأعلى على مستوى الجمهورية.

فى مصر، هناك ثروة عقارية ضخمة تطل مباشرة على النيل، ولكن هذه القيمة مهدرة وغير مستغلة الاستغلال الأمثل، لعدة أسباب بعضها يرتبط بدقة حصر هذه الأراضى، وتشابك الملكيات عليها، رغم أنها مصنفة أراضى أملاك دولة، وحالات تقنينها كانت تقف عند إجراء إصدار حق انتفاع سنوى أو شهرى، بغض النظر عن طبيعة النشاط المقام عليها سواء كان زراعيًا أو سياحيًا.

يفتح "مبتدا" ملف أراضى "طرح النهر" ككنز مهدر قيمته نتيجة القوانين والتشريعات التى تضعها ضمن ملكية الدولة بشكل عام، دون مراعاة خصوصية هذه الأرض وقيمتها المرتفعة، وعدم وجود تصور للإدارة بالشكل الأمثل الذى يضمن تحقيق أقصى استفادة ممكنة.أراضى طرح نهر

تعريف قانونى

و"طرح النهر" هى أراضى مملوكة للدولة أو الأفراد الواقعة بين جسرى نهر وفرعيه دمياط ورشيد، والتى يحولها النهر من مكانها أو ينكشف عنها الجزر التى تكونت أو تتكون فى مجراه.

وتشمل زمام القرية أو المدينة بالنسبة إلى ما يستجد من "طرح النهر" وأكله، والمساحة المحصورة بين شاطئ النهر، ومحددة عن التقائه بحد الزمام المرسومين على خرائط المساحة وينتهى عند ذلك المحور.

7 تشريعات للتعامل

صدر أول قانون لتنظيم التعامل مع أراضى طرح النهر عام 1932، تلاه صدور 6 قوانين أخرى لتنظيم التعامل، آخرها القانون رقم 7 لسنة 1991، والذى يتضمن بعض أحكام التعامل على أراضى أملاك الدولة بشكل عام، ومنها أراضى "طرح النهر".

وأحدث القرارات المعنية هو قرار رئيس الوزراء رقم 2906 لسنة 1995، بشأن قواعد وشروط تنظيم إدارة واستغلال والتصرف فى الأراضى المخصصة للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية.

وبذلك، يكون إجمالى القوانين المعنية بإدارة أراضى "طرح النهر" باعتبارها أملاك دولة 7 قوانين، وتنقل هذه التشريعات الولاية على تلك الأراضى بين: وزارة المالية، والاقتصاد "غير قائمة حاليًا"، ومؤسسة صندوق أراضى طرح النهر، والهيئة العامة للإصلاح الزراعى، والهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية.

واستقرت هذه التشريعات إلى نقل الولاية على أراضى "طرح النهر" إلى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، والتى حصلت على قرار من رئيس الوزراء بتنظيم عملها على الأراضى التابعة لولايتها بشكل عام ومن بينها تلك الأراضى، مستندة إلى قانون رقم 192 الصادر سنة 1958، رغم إلغاء العمل به.أراضى طرح نهر

معوقات الاستثمار فى "طرح النهر"

المعوق الأول الذى يقف أمام الدولة للاستثمار فى أراضى "طرح النهر" واستخدامها الاستخدام الأمثل وخضوعها لإدارة اقتصادية رشيدة، هو عدم دقة بيانات وحصر مساحات الأراضى وطبيعتها وطبيعة ملكيتها والأنشطة المقامة عليها.

فهناك تنوعًا فى الملكيات بين أراضى مملوكة للدولة وأخرى للأفراد، وهناك شخصيات اعتبارية أخرى، كما أن هناك تنوعًا فى الأنشطة المقامة عليها بين منشأة سياحية وأخرى للصيد والزراعة بخلاف الأندية، وبعض هذه الأراضى هى الجزر التى ظهرت مؤخرًا فى مجرى النهر.

تنسحب أزمة دقة البيانات على جوانب أخرى منها عدم دقة المساحات المرصودة فيصعب معها تحديد قيمة حق الانتفاع المطلوب سداده للدولة، كما أن بعض المساحات مسجلة بأسماء أشخاص، وفى الواقع يستغل نفس المساحات أشخاص آخرين، مما يعطل تحصيل قيمة حق الانتفاع من الأساس.

الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، هى هيئة مركزية ليس لديها أذرع فى المحافظات والأقاليم، ولا تمتلك إدارة مخصصة لهذا النوع من الأراضى، رغم أنها الأعلى قيمة بين أراضى الجمهورية، لذلك لجأت الهيئة إلى إصدار تفويضات لجهات مختلفة فى المحافظات لتحصيل حق الانتفاع والحصر بالنيابة عنها، مما يفقد الأمر قيمته عند التنفيذ على أرض الواقع، وهذه التفويضات لا تمكن هذه الجهات البديلة من العمل على إزالة التعديات على أراضى "طرح النهر" التى هى أملاك دولة وحقًا للشعب.

أيضًا، تضارب الاختصاصات بين وزارة الزراعة والرى والجهات الأخرى يمنح المعتدين على أراضى "طرح النهر" الفرصة للتهرب من سداد قيمة حق الانتفاع عن الأراضى التى يستغلونها.

والنزاعات القضائية على آليات تقييم حق الانتفاع وتحديد قيمة الأرض وأهميتها ومساحتها، يعطل تحصيل حق الدولة على أملاكها، والسبب عدم وجود جهة مختصة بهذه الأراضى الأعلى قيمة على مستوى مدن الجمهورية.أراضى طرح نهر

ثلاثة حلول

هناك ثلاث طرق للتعامل مع أراضى "طرح النهر"، باعتبارها الأراضى الأعلى قيمة بين أراضى الدولة على مستوى الجمهورية.

الأول: إصدار تشريع مختص بالتعامل على أراضى الدولة واستثمارها على الوجه الأمثل الذى يحقق أقصى استفادة اقتصادية ممكنة، تحقق عوائد مقبولة لخزانة الدولة وأن تكون هذه الخطة متماشية مع مخططات التنمية المستدامة لمصر سواء "رؤية مصر 2030" أو المخطط الاستراتيجى القومى للتنمية العمرانية، وأن ينص القانون على تأسيسى هيئة اقتصادية معنية بإدارة أراضى "طرح النهر" بداية من حصر المساحات وتحصيل حق الانتفاع وإعادة استغلال المساحات غير المستغلة.

الثانى: تأسيس إدارة متخصصة ذات هيكل تنظيمى يراعى فى اختياره ذوى الاختصاص والأعداد المطلوبة لضمان إدارة كفء لأراضى "طرح النهر" على مستوى المحافظات، وأن تكون هذه الأراضى داخل جهة الولاية الحالية، وهى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية.

الثالث: إصدارات القرارات التنظيمية المطلوبة، لنقل ملكية وتبعية أراضى "طرح النهر" إلى صندوق مصر السيادى، نظرًا لأهمية وارتفاع القيمة الاقتصادية لهذه الأرضى طبقًا للقانون رقم 177 لسنة 2018 بشأن تأسيس وتنظيم صندوق مصر السيادى.

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز