تظاهرات الليبين ضد الغزو التركى
وتوضح صحيفة "المرصد" الليبية فى نسختها الإنجليزية، كيف جاءت التظاهرات الليبية الحاشدة على مدار اليومين الأخيرين تعبيرا عن غضب الشارع الليبى ورفضه لقرار البرلمان التركى بالموافقة على مشروع قانون قدمه أردوغان بإرسال قوات تركية إلى ليبيا، وهو القرار الذى صوت عليه 325 نائبا، بينما عارضه 184 نائبا تركيا.
وأشارت صحيفة المرصد إلى أنه فى الوقت الذى أثار فيه قرار البرلمان التركى غضبا عارما وتنديدا واسعا فى شوارع ليبيا، كان قادة ميليشيات ما يسمى بحكومة "الوفاق" يسارعون للثناء على القرار التركى، فيما انطلقت ثورة الغضب داخل ليبيا، فصدرت البيانات الليلة الماضية ضد تركيا من قادة البرلمان الليبى والحكومة المؤقتة والجيش الوطنى الليبى وزعماء القبائل والعشائر والشخصيات السياسية فى بنغازى وطبرق وبيضة ودرنة وبنى وليد وزنتان وصورمان وغات وأجدابيا وشحات، وصبراتة، والقبة والكفرة وجميل وعجيلات وتازربو، وغيرها الكثير من القبائل والبلدان الليبية.
واستعرض "المرصد" فى تقريره الموسع رد فعل القبائل والشعب الليبى ضد القرار التركي..
إدانة الشخصيات السياسية الليبية
وتشير "المرصد" إلى أن الإدانة من المؤسسات السياسية الليبية والشخصيات الرئيسية جاءت سريعة، إذ يؤكد وزير الشؤون الخارجية فى الحكومة الليبية المؤقتة، عبد الهادى الحويج، أن "الغزو التركى لن يكون نزهة فى ليبيا"، مشيرًا إلى أن معركة العاصمة طرابلس ستكون سريعة وستكون عاقبتها النصر، مشيرا إلى أن حكومته فى حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات قرار البرلمان التركى بالموافقة على نشر القوات التركية فى ليبيا.
وبحسب "المرصد"، فمن المقرر أن يجتمع مجلس النواب الليبى اليوم السبت، إذ يصدر قرارات تتعلق بالخطوات العملية حيال التهديد التركى بالتدخل العسكرى فى ليبيا فى ضوء موافقة البرلمان التركي.
وقالت القيادة العامة للجيش الوطنى الليبى، بقيادة قائد الأركان المشير خليفة حفتر، إن من واجب الشعب الليبى القتال من أجل حماية الوطن، حيث استقبل المشير حفتر، أمس، فى مقر القيادة العامة للجيش الوطنى الليبى فى الرجمة، ببنغازى، شيوخ القبائل وكبارها، حيث أكدت قبائل السباع دعمها القوى للجيش الوطنى الليبى، وباركت العمليات العسكرية المستمرة لتحرير العاصمة من الجماعات الإرهابية التى تدعمها تركيا، مؤكدة دور القوات المسلحة فى صد الغزو التركى وهزيمته، واستعادة سيادة ووحدة الوطن ضد الغزاة العثمانيين.
وفى خطاب متلفز إلى الأمة ليلة الجمعة، أشاد المشير خليفة حفتر بجميع الليبيين الذين احتجوا على الغزو التركى، داعيًا جميع الليبيين للنفير العام والانضمام للمقاومة المسلحة ضد الغزو التركى المرتقب لليبيا.
وأشاد القائد الأعلى للجيش الوطنى الليبى بالدور المتميز الذى تقوم به قبائل السباع وجميع القبائل الليبية الأصيلة فى دعمها للعمليات العسكرية ضد قوى الإرهاب والغزاة الغاشمين، داعيا جميع العناصر الاجتماعية للمجتمع الليبى إلى بذل قصارى جهدها من أجل تحقيق وحدة البلاد والدفاع عن سيادتها.
هذا بالإضافة إلى عدة شخصيات ليبية بارزة، أكدت إدانتها لأى تواجد للقوات التركية فى ليبيا، إذ قالت عائشة القذافى، ابنة الرئيس الراحل معمر القذافي: "عندما تدنّس أحذية الجنود الأتراك أرضنا التى روتها دماء شهدائنا، وإذا لم يكن هناك أحد منكم لصد هذا العدوان، فاتركوا ساحة المعركة للنساء الحرة فى ليبيا، وسأكون فى طليعتهن".
المجتمع الدولى يدين تهور أردوغان
وأكدت "المرصد" أن إدانة قرار البرلمان التركى لم تقتصر على الداخل الليبى، فقد أدان المجتمع الدولى الأمر، وحذر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، أردوغان، فى اتصال هاتفى من أى تدخل عسكرى فى ليبيا، وذلك بعد ساعات من تصويت البرلمان التركى بالموافقة على هذه الخطوة، وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنه يتعين على الجهات الفاعلة التوقف عن تأجيج الصراع فى ليبيا.
كذلك، فى روسيا، أكد رئيس لجنة الدوما الحكومية للشؤون الدولية، ليونيد سلوتسكى، أن التدخل العسكرى لم يكن "الخيار الأفضل لحل الأزمة فى ليبيا".
كما أعرب الاتحاد الأوروبى عن قلقه الشديد إزاء قرار البرلمان التركى بالسماح بنشر القوات العسكرية فى ليبيا، قائلاً إن الإجراءات التى تدعم الصراع لن تؤدى إلا إلى زعزعة استقرار البلاد والمنطقة ككل.
وقال بيتر ستانو، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية للشؤون الخارجية والمتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية والأوروبية فى الجمهورية السلوفاكية، "إن الاتحاد الأوروبى قلق للغاية بشأن قرار تركيا بالتدخل فى النزاع، إذ أن دعم المقاتلين هناك لن يؤدى إلا إلى زعزعة استقرار البلد والمنطقة، ويجب أن يحترم الجميع قرار حظر الأسلحة الذى تفرضه الأمم المتحدة".
كما أصدر زعماء اليونان وقبرص وإسرائيل تحذيرا ثلاثيا صارما، أمس الجمعة. وفى بيان مشترك، قال رئيس الوزراء اليونانى كيرياكوس ميتسوتاكيس، ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، والرئيس القبرصى نيكوس أناستاسيادس، إن "هذا القرار يشكل انتهاكًا صارخًا لقرار مجلس الأمن الدولى بشأن فرض حظر على الأسلحة فى ليبيا، ويقوض بشكل خطير جهود المجتمع الدولى لإيجاد حل سلمى وسياسى للصراع الليبى".
وأشارت "المرصد" إلى رد الفعل القوى من جانب مصر، إذ أكد البرلمان المصرى أن "مصر لن تقف مكتوفة الأيدى فى وجه هذه الأعمال غير المسؤولة التى تهدد أمنها القومي"، وقال إن مصر ستتخذ جميع التدابير اللازمة لمواجهة تلك التهديدات والإجراءات غير المسؤولة"، هذا بالإضافة إلى انعقاد مجلس الأمن القومى المصرى برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسى، لمناقشة تطورات الأزمة الليبية فى بعد ساعة واحدة من موافقة البرلمان التركى على التدخل العسكرى لأنقرة فى ليبيا.
بالإضافة إلى ذلك، خرجت مظاهرات فى مالطا، اليوم، حيث تجمع الليبيون الذين يعيشون فى مالطا أمام السفارة التركية للاحتجاج على قرار أردوغان بإرسال قوات تركية إلى ليبيا، كما دعت حكومة مالطا فى بيان رسمى "جميع الجهات الفاعلة الأجنبية إلى وقف تصعيد تدخلها فى ليبيا وحولها"، مؤكدة على دعم مالطا للاتحاد الأوروبى فى تأكيده على دور المجتمع الدولى لدعم استقرار الشعب الليبى، مع الحفاظ على التوازن الدقيق للأمن والاستقرار فى المنطقة".
حشود القبائل الوطنية
ويؤكد تقرير "المرصد" أن أقسى ردود الفعل على القرار المشين جاءت من القبائل الليبية، وهى القبائل التى تشكل النسيج الاجتماعى لليبيا تاريخيا، خاصة وأن تاريخ العدوان العثمانى فى ليبيا لا يزال فى الذاكرة القبلية لجموع الليبيين، ما دفع القبائل لتنظيم مظاهرات حاشدة فى جميع أنحاء البلاد.
ويشدد التقرير على أن الغضب والحشود الجماهيرية الليبية قد ترجمت دعم القبائل الكبير للجيش الوطنى الليبى، إذ أصدرت كل من القبائل والمنظمات المحلية بيانات قوية تدين فيها التحركات التركية، وعرض التقرير بعضا من هذه البيانات، التى خرجت من قبائل: "شباب العواجير، وقبيلة القبيلى، وسكان كيرين، والمقيمون ، وزعماء وشيوخ الزنتان، وقبيلة التواجير فى بنغازى، وقبيلة العوامة، وقبائل ورفله، وحى صبرى فى بنغازى، وقبيلة التكاخة، وقبيلة الشلوية، وسكان درنة، وأهل مصراتة فى سيرينايكا، ورابطة أعضاء النادى الرياضى العظيم النهرية، وبلدية بنغازى، وسكان سلوق، وسكان الكفرة، وسكان طبرق، وعين مارا الناس والشيوخ، وقبيلة الكوادك فى بنغازى، وبيان من قبيلة منيفة، وقبيلة المسامير، وقبيلة العمارة، والدرسه، وقبيلة الجوازى؛ بالإضافة إلى المحتجين فى المدن والبلدات الليبية.
وفى مؤشر واضح على غضب ليبى عارم من القوات التركية ومحاولات إعادة إنتاج الاحتلال العثمانى لليبيا، رصد التقرير العديد من الاحتجاجات والتظاهرات الغاضبة فى كافة أنحاء ليبيا..
عدوان أردوغان يوحّد الليبيين خلف الجيش
واعتبرت "المرصد" أن الموقف العدوانى للسياسة الخارجية التى ينتهجها أردوغان تجاه ليبيا، بترتيبات مشبوهة مع ميليشيات "الوفاق" المحاصرة فى طرابلس، بقيادة الإخوانى فايز السراج، وزعماء مصراتة من جماعة الإخوان الإرهابية، قد كلف تركيا مستقبلها فى ليبيا.
وأضافت الصحيفة أنه بدلاً من فتح قناة دبلوماسية للحوار مع البرلمان الليبى والقوى الوطنية المناهضة للحرب الأهلية، تسعى تركيا للاستفادة من عدم الاستقرار فى البلاد والظروف اليائسة لميليشيات الوفاق بتوقيع مذكرتى تفاهم غير شرعيتين، مؤكدة أن مذكرات التفاهم تلك قد قلبت الرأى العام المحلى والدولى ضد تركيا، لأنها ببساطة تهدد الاستقرار الإقليمى فى البحر المتوسط، كما أن هذه الاتفاقات أصبحت سببا وجيها لحشد الليبيين وراء الجيش الوطنى الليبى وحملة التخلص من عملاء تركيا وميليشياتها فى العاصمة طرابلس، ومن أى نفوذ عسكرى تركى.