
مقتل شقيقين فى العمرانية
داخل منطقة شعبية مكتظة بالسكان والمحال التجارية، تحديدًا فى شارع الدكتور فؤاد، الذى تتواجد به كنيستين، الأولى الأنبا رافائيل فى أول الشارع، والثانية مار بوليس فى آخره، مسلمون ومسيحيون يعيشون مع بعضهم وسط ود ومحبة.
ويوجد مَحلان، أسفل العقار رقم 37، الأول لبيع الخمور، والثانى لبيع زيوت السيارات، وكان مغلقًا لأن يوم الأحد هو الإجازة الأسبوعية له.. أشرف وعادل بولس شقيقان، كتب لهما القدر أن يلتقيا ربهما فى وقت ومكان واحد، كان المحل الخاص بهما مغلقًا، وحضرا فى ساعة متأخرة من الليل، لمرافقة عم رؤوف، صاحب محل الخمور، فى الاحتفال بالكريسماس.
فى تمام الواحدة والنصف بعد منتصف ليلة أمس، تحولت ضحكات الشقيقين، وعم رؤوف إلى صراخ وموت، عندما توقف "توك توك" أمام محل الخمور، وأخرج مُلثم بندقية آلية وأمطر الشقيقين بوابل من الأعيرة النارية وفر هاربًا، وسقطا الشقيقان غارقان فى دمائهما، وتعالت صرخات المواطنين بعد وقوع الجريمة.
انتقل "مبتدا" لموقع الحادث، ورصد التفاصيل الكاملة للجريمة التى هزت أرجاء المنطقة.. "جهزنا العشا وكنا لسه هناكل، لقينا ضرب نار شغال"، هكذا قال صاحب سوبر ماركت والعاملون به، والمقابل لموقع الحادث، وتابعوا: "خرجنا نجرى لقينا أشرف وعادل غرقانين فى دمهم، وشوفنا توك توك بيجرى بسرعة كبيرة، ومعرفناش نلحقه علشان كان الشارع فاضى، اتصلنا بالشرطة وجت بسرعة جدًا، والإسعاف شالت الضحيتين وودوهم المستشفى".
"كانوا طيبين وفى حالهم ومش بيتأخروا عن حد"، تلك هى الكلمات التى قالها الحاج فتحى السوهاجى، صاحب محل لبيع البويات، مجاور لموقع الحاث، مضيفًا أنه سمع دوى إطلاق نار، ونظرًا لكبر سنه، لم يستطع أن ينزل الشارع فى ساعة متأخرة، وأفاد بأن القتيلين كانا يتمتعان بسيرة طيبة بين أهالى المنطقة ومحبوبين، وليس لهما أى عداوة مع أحد.
وقال أحد شهود العيان، رافضًا ذكر اسمه، أنه منذ أسبوع تقريبًا، وقعت مشادة بين شابين وصاحب محل الخمور، بسبب محاولتهما الحصول على "كانزات بيرة" دون دفع ثمنها، مشيرًا إلى أن أهالى المنطقة تجمعوا وتعدوا عليهما بالضرب، ورجح أن يكون هؤلاء من قاموا بالحادث، انتقامًا من صاحب المحل.. واستبعد أهالى المنطقة أن يكون الحادث إرهابى، على اعتبار أن هناك كنيستين فى الشارع، ولم يقترب القاتل منهما.
وشكلت الأجهزة الأمنية بالجيزة، فريق بحث مُكبر بالتنسيق مع قطاع الأمن الوطنى، ومصلحة الأمن العام، لكشف ملابسات الحادث، وأظهرت التحريات الأولية أن الجريمة وقعت ما بين الساعة الواحدة والنصف و2 بعد منتصف الليل، وأنه أثناء توقف أشرف بولس عازر، وشقيقه عادل مالكا محل البطل لزيوت السيارات، أمام محل لبيع الخمور ملك جارهما رؤوف، فوجئا بتوقف توك توك يخرج منه ملثم، حاملًا بندقية آلية، وأطلق منه عدة أعيرة نارية صوبهما، فسقطا غارقين فى دمائهما وفر المتهمون، وتم نقل الضحيتين إلى مستشفى أم المصريين، وتبين مقتل أحدهما بينما خضع الآخر للعلاج، إلا أنه بعد قرابة ساعتين فارق الحياة متأثرًا بإصابته.
وتولى فريق البحث، مناقشة عدد من شهود العيان فى مسرح الحادث، الذين تصادف وجودهم بمسرح الجريمة، وكشفت التحريات الأولية التى أجريت بإشراف اللواء إبراهيم الديب، مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، أن الحادث استغرق 4 دقائق منذ توقف التوك توك وخروج الجانى منه وإطلاقه الأعيرة النارية وفراره، كما تبين أن التوك توك كان يقل شخصين أحدهما يقود التوك توك والآخر يجلس بالمقعد الخلفى، وهو من أطلق النيران، ثم فرا تجاه الطريق الدائرى.
وتركزت خطة البحث على فرعين، ووضع احتمالية الدافعين الجنائى والسياسى، إذ يتولى فريق مباحث الجيزة فحص علاقات المجنى عليهما، وما إذا كانت لهما خلافات مع آخرين من عدمه سواء فى العمل أو شخصية، بينما يتولى ضباط الأمن الوطنى فحص الشق السياسى، وما إذا كان الدافع إرهابى، وقام ضباط مباحث العمرانية بمناقشة شهود العيان حول مواصفات التوك توك وما إذا كانت به علامة مميزة لتعميم نشرة به والبحث عنه، وانتقلت النيابة لمسرح الحادث، وقامت بتحريز كاميرات مراقبة مثبتة أعلى عدد من المحلات، لتفريغها وبيان محتواها وما إذا كانت سجلت لقطات للجريمة، وأسفرت المعاينة عن العثور على 5 فوارغ طلقات نارية وآثار دماء بالأرض، تم رفعها بمعرفة خبراء الأدلة الجنائية لفحصها كما أجرى فريق النيابة مناظرة لجثتى المجنى عليهما، بعد نقلهما إلى مشرحة زينهم، إذ تبين إصابة المجنى عليه الأول أشرف بعيار نارى بالمنطقة العليا من الجسد، فيما تبين إصابة المجنى عليه الثانى عادل برصاصة بالمنطقة السفلى "الحوض"، وإحدث الطلقتين فتحتى دخول وخروج بالجثتين، وأمرت بندب الطب الشرعى لتشريح الجثتين لبيان أسباب الوفاة، وصرحت بدفت الجثتين عقب الانتهاء من التشريح.
وطلبت النيابة تحريات الأمن الوطنى والبحث الجنائى حول ملابسات وظروف الجريمة لتحديد هوية الجانى والدافع وراء ارتكابها، كما قررت استدعاء أسرة الضحيتين لسماع أقوالهما حول الواقعة، وما إذا كان لهما خلافات سابقة مع أحد من عدمه، وقررت النيابة إرسال كاميرات المراقبة المحرزة بعد تفريغ 20 دقيقة منها إلى خبراء الإذاعة والتليفزيون لفحصها وكتابة محتواها فى تقرير يقدم للنيابة العامة، وأمرت النيابة باستدعاء مالك محل الخمور لسماع أقواله باعتباره شاهد واقعة واستدعاء باقى شهود العيان من أصحاب المحلات الذين تواجدوا وقت وقوع الجريمة.
