
سكين - صورة أرشيفية
دخلت لوكيل نيابة المرج، وبعد التحقيق الذى انتهى بحبسها أربعة أيام، خرجت نسرين، قاتلة زوجها بنصل سكين فى فخذه الأيمن، وقفت فى الطرقة تنتظر باقى قاضايا زميلاتها، حتى يتم أخذهن لسيارة الترحيلات.
اقتربنا من نسرين.ع، تشعر وكأنها حائرة، مشتتة، ذهنها فى مكان آخر غير التى موجودة فيها، أو أن تفكيرها يأخذها فى منطقة أخرى، غير مستوعبة المشهد، التى وضعت نفسها فيه، تحدثنا معها وقالت: كنت فتاة تحلم بالزواج، وبالحياة المستقرة مع زوج يتفانى فى تدليلها، وأبناء يحيون بالحب والحنان، لم أحلم يوما بأن أحتل مكانة مرموقة فى عملى، كنت دوما أتمنى التفرغ للاهتمام بالبيت والأسرة، وأن أصحى من النوم، كما يحلو لى، لكن دائمًا تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، تزوجت من شاب صاحب فرن للخبز، لم تستمر الحياة بيننا طويلًا رغم إنجابى منه طفلًا، لكن كانت المشاجرات والمشادات الكلامية تغزو حياتنا بصفة مستمرة، لم نتفق فى الطباع والسلوك، وكانت النتيجة الطبيعية هى الانفصال.
تستكمل نسرين قائلة: مرت الأيام والشهور، التقيت بشاب مرحًا فى حفل زفاف نجلة خالى، تحدثنا مع بعض، شىء من الوفاق والتجاذب حدث بيننا، شعرت بالقبول والحب ناحيته، كانت عيناه معلقة بى طوال حفل الزفاف، ابتسامته سرقت قلبى، انتهى الحفل، عدت إلى منزلى، ولكنه صورته لم تفارقنى، أفكر فى كلامه لى، مشاعر غريبة سيطرت علىَ ناحيته، فوجئت به فى اليوم التالى يتصل على تليفونى، بعد أن أخذه فى الليلة الماضية، يطلب منى لقائه فى كافيه، لم أستطع الرفض، وفى نفس الوقت لم أؤكد له الموعد، حينما جاء موعد اللقاء، لم أدر بنفسى، سحبتنى قدماى إلى هذا الكافيه، التقيت به، جلست معه على مائدة واحدة، ودار بيننا حديث عن الحب والزواج، وتعددت تلك اللقاءات، اتفقنا على الزواج، ولكن ظروفه المادية لم تكن لتسعفه، اتفقت معه على العيش معه على قدر إمكانياته المادية، ولكن جائتنى فكرة حتى نوفر ثمن إيجار الشقة، وهى الزواج فى شقتى بمنزل والدى بالمرج، لم يوافق أيمن زوجى فى البداية، ولكن بعد إلحاح وإقناعى له اضطر على الموافقة، تزوجنا، وعشت معه أيام جميلة، كان عطوفا، طيب القلب.
أضافت: فى أحد الأيام جلست مع شقيقتى، ودار بيننا حديث حول عملية التنقيب عن الآثار، من خلال بعض الأشخاص، واتفقت معه على الدخول فى هذه العملية لتوفير مبلغًا ماليًا كبيرًا، نستطيع به تأمين مستقبلنا، وكان الحل هو اقتراض مبلغ مالى من شقيقتى، وبالفعل طلبت منها 50 ألف جنيه، ووافقت، ولكن راحت هذه الأموال سدى، حيث تعرض زوجى لعملية نصب، واكتشفنا أننا نبحث عن الوهم، انقلبت الحياة، وتغير لونها، زوجى أصبح مطالبًا بسداد ما عليه من ديون، والإنفاق على البيت، ولأن رابته الذى يتقاضاه من عمله فى أحد المطاعم الشهيرة بسيط، لم يستطع سداد الأموال لشقيقتى، وكل يوم كانت تنشب بيننا مشاجرة، بسبب تلك الأموال وإلحاح شقيقتى على، وفى أحد الأيام طلبت منه نفقات المنزل، فنهرنى.
هنا تحولت إلى إنسانة أخرى، حينما أفقد أعصابى لا أشعر بنفسى، ونشبت بيننا مشاجرة، انتهت إلى أننى أسرعت إلى المطبخ، استليت سكينًا، وطعنته به فى فخذه الأيمن، طعنة أصابت الشريان الرئيسى، الدماء انهالت منه كشلال ماء تدفق من ماء عالى، ارتبكت، لم أستطع فعل شىء، أسرع زوجى إلى شقيقتى بالطابق الأسفل، وأخذته إلى مستشفى المطرية، وأسرعت خلفه، ولكن فور وصوله المستشفى أبلغنا الأطباء انه فارق الحياة، وقتها شعرت بمأساة، وفاجعة كبيرة، وكأن صاعقة من السماء أحلت بى، دموعى كانت تزرف من عينى بغزارة دون أشعر، وبعد مرور الوقت جاء رجال مباحث المرج، بعد أن أبلغت المستشفى قسم شرطة المرج، وبمعاينة الجثة وسؤال الطبيب، أكد لهم أنه تعرض لطعنة فى شريانه الرئيسى بفخذه الأيمن، هنا لم أستطع التفكير، وكأن عقلي توقف، سألنى الضابط، فقلت له أنه تشاجر مع طليقى، حتى أبعد الشبهات عنى، تلعثمت، ارتبكت، لم أعرف لماذا قلت هذا، ولكن لم أرد إلصاق الاتهام به ولكن كنت أبعد عني الجريمة، لأننى إلى الآن أشعر وكأنى فى كابوس لم أفق منه حتى الآن.
استكملت نسرين: نظر لى المقدم محمد رضوان، رئيس مباحث المرج، شعرت أنه لم يصدقنى، أرسل معى ضابط شرطة، لمعاينة مكان الجريمة، واكتشف أن الدماء داخل الشقة وعلى سلالم البيت، وهنا تأكد أن الجريمة تمت داخل الشقة، واتضح له أننى أكذب عليه، اصطحببنى إلى قسم الشرطة، واعترفت بجريمتى كاملة.
وأستطردت قائلة: اكتشفت خطأى لكن بعد فوات الآوان، زوجى كان طيبًا، كريمًا، لم يبخل علىَ يومًا، لكن ظروف الحياة، هى التى وضعتنا فى هذا المشهد، والآن أنا حامل منه فى شهرى الثالث، وأنا أؤمن بالقدر، ولكن الأمر الذى ساعد على موته أنه كان مصابًا بسيولة فى الدم، لأنه كان يعالج من الصرع لمدة 3 سنوات، ويأخذ دواءً نتج عنه سيولة فى الدم، مما ساعد على مصرعه، لم يكن بيننا اختلاف على المال فى المصاريف، ولكن المشكلة جاءت من القرض الذى أخذه من شقيقتى.
وأنهت نسرين قائلة: لم أقصد قتله، ولكنها لحظة شيطان، سيطر فيها علىَ، ارتديت ثوبه، وسيطر على تفكيرى، حتى ارتكبت الجريمة، وبعدها شعرت بالندم، والآن أدفع ثمن ذلك من عمرى وربما حياتى، فحبل المشنقة يراودنى كل يوم فى نومى، البذلة الحمراء تأتينى فى كابوس يفزعنى ويوقظنى، وأنا غارقة فى النوم، جثمان زوجى يطاردنى فى أحلامى، والآن انتظر حكم المحكمة.
