أحمد الطيب وحلمى النمنم
ولن تقتصر المشاركة الأزهرية فى المعرض على عرض بعض كتب وإصدارات الأزهر فقط، بل ستكون هناك ندوات وفعاليات فنية وثقافية كثيرة، فى وقت تحتاج فيه الحالة الثقافية المصرية لمثل هذه المشاركة، التى من شأنها فرض تصورات جديدة أو بديلة لتصورات أخرى سادت لسنوات، هذه التصورات التى يرجع الكثيرون إليها موجات الإرهاب المتتالية التى تعانى منها مصر والمنطقة كلها منذ سنوات.
الكاتب سعيد الكفراوى قال إن مشاركة الأزهر بجناح مستقل خلال فعاليات معرض القاهرة للكتاب خطوة مهمة ومتأخرة أيضًا.
وأضاف الكفراوى: "الأزهر جزء من بنية الفكر العربى والإسلامى، وعلى طول تاريخه قدم للوعى العام الكثير، وهو يمثل تيارًا أساسيًا فى الفكر الدينى".
وأشار إلى أن مشاركة الأزهر فى فعاليات المعرض تأخرت، لما يمثله الأزهر من مرجعية أساسية وتاريخية للفكر والتاريخ الإسلامى والثقافة الدينية.
وأكد الكفراوى ضرورة أن تجمع الندوات التى يقيمها الأزهر بين العناصر المختلفة فى الرأى للخروج بنتائج مفيدة وذات قيمة، حيث إن الاستماع لنفس الصوت ومناقشة الرأى الواحد هى فى الأصل نقاشات ليس لها قيمة، وليست أكثر من تضييع وقت.
وتابع: "أتمنى فقط أن تبتعد النقاشات عن التهميش والتخوين والاتهام. نريد لهذه المشاركة أن تمثل إضافة للمعرض، وعلى الأزهر أن يعود للوراء ويتذكر أن محمد عبده وطه حسين وعلى عبد الرازق وأخيه مصطفى خرجوا من الأزهر، وإذا كنا فى وقت نعانى فيه أشد المعاناة من الفكر المتطرف والأفكار الظلامية فإننا فى حاجة ملحة لأمثال هؤلاء المفكرين الذى يقدر الأزهر على تزويدنا بهم كما فعل فى الماضى، وله فى أيام الحقبة الليبرالية مواقف رائعة ونقاشات ثرية للغاية".
الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، يرى إن اشتراك الأزهر فى معرض القاهرة للكتاب، خطوة مهمة نحو تجديد الخطاب الدينى.
وأضاف عصفور: "هذه فكرة ممتازة، ولكن يجب استثمارها جيدًا لتجديد الخطاب الدينى. هناك أفكار كثيرة مغلوطة، وقناعات خاطئة يتشبث بها بعض الأزهريين الذين يجب أن يدخلوا فى مناقشات مع مفكرين ومثقفين مدنيين، لا أن تقتصر الندوات على الأزهريين فقط، لأنها لن تفلح فى هذه الحالة".
وتابع وزير الثقافة الأسبق: "أتمنى أن أستمع إلى أصوات جديدة ووجوه جديدة بدلًا من الشخصيات التى عرفنا آراءها واستمعنا لها أكثر من مرة. تجديد الخطاب يحتاج لأصوات مختلفة ووجوه ليست مألوفة أيضًا. لدينا فرصة جيدة جدًا لاتخاذ خطوات كبيرة فى هذا السياق، ولذلك يجب الاهتمام بهذه المشاركة، وكذلك على الأزهر أن يدرك قيمة الخطوة".
وأشار عصفور إلى أن المرحلة الحالية شهدت مطالب كثيرة بتجديد الخطاب الدينى، وللأزهر دور فى ذلك، ومسئولية خطيرة، واشتراكه فى المعرض هو المكان الأمثل للترويج لفكرته.
يؤكد الكاتب يوسف القعيد على أن الأزهر سيكون فى مهمة خاصة جدًا خلال اشتراكه فى معرض القاهرة للكتاب.
وأضاف: "المشاركة الأزهر يمكن النظر إليها باعتبارها فرصة فى غاية الأهمية والخصوصية وفى توقيت خطير للغاية، حيث نخوض مواجهات شرسة مع الإرهاب وأفكاره الهدامة، ولذلك فإن الأزهر يجب أن يعبر عن تصوراته لتجديد الخطاب الدينى خلال ندواته بالمعرض، أو بالأحرى البحث عن خطاب دينى جديد".
وتابع القعيد: "حان وقت مراجعة الأفكار المتطرفة والمتشددة التى تتبناها بعض العقليات الأزهرية، التى يجب أن تدخل فى نقاشات مفتوحة مع القوى المدنية للوصول إلى خطاب جديد يحمل رؤية مشتركة، تحقق لنا الوصول لصيغة جديدة من التفاهم بدلًا من هذا الاستقطاب الرهيب".
من جانبه، تحدث الدكتور محمد عفيفى، أستاذ التاريخ بكلية الآداب جامعة القاهرة، عن اشتراك الأزهر فى فعاليات معرض القاهرة للكتاب، واصفًا إياه بالحدث التاريخى.
وأضاف عفيفى: "هذه فرصة تاريخية كى يقدم الأزهر أفكارًا جديدة، أو بديلة لما تم ترويجه من أفكار خلال سنوات وعقود مضت، وهى أفكار حملت الكثير من التطرف والتشدد. وإذا كنا نتحدث عن ضرورة تجديد الخطاب الدينى فلن نجد، ولن يجد الأزهر، فرصة أفضل من هذه لمناقشة الفكرة"
وتابع: "على الأزهر أن يلتفت لجمهور المعرض، وهو جمهور أغلبه شباب، وستكون فرصة جيدة أن المعرض يقام خلال إجازة نصف السنة الدراسية وهو ما يضمن إقبالًا كبيرًا من الشباب، وهم الذين يجب توجيه الخطاب لهم لأنهم الأكثر استجابة والأكثر قابلية للتعاطى مع الأفكار الجديدة، إذ سيكون من غير المستساغ أن تخاطب من تخطى الخمسين لتغير أفكاره أو تناقشه فى قناعاته".
وأشار عفيفى إلى أن البرنامج لا بد أن يضمن تواجد مفكرين ومثقفين إلى جانب الضيوف المنتمين للأزهر، حيث إن اقتصار الندوات على ممثلى الأزهر سيفقد الفكرة معناها.