البث المباشر الراديو 9090
فرشة كتب- أرشيفية
ماذا تفعل لو كنت كاتبًا، ورأيت كتابك الذى تخبرك دار النشر أنه لا يبيع، يرتاح على فرش الكتب المنتشرة بكثرة على أرصفة الشوارع لا فى وسط البلد فقط، بل أصبح الأمر موضة فى كل محافظات مصر.

ولو وقفت لتسأل هؤلاء الباعة ستذهل من المبررات الكثيرة والجاهزة التى سيخبروك بها، ومن فرط ثقتهم فى ما يقولون قد يحدث وتقتنع بكلامهم.

منذ أن صدرت رواية سوف أحكى عنك لأحمد مهنى، وهى تحقق مبيعات مذهلة، بحسب دار دون للنشر، حيث طبعت الرواية 51 طبعة حتى الآن بواقع 62 ألف نسخة تقريبًا. هذه هى المبيعات الرسمية دون أن نأخذ فى الاعتبار النسخ المضروبة.

وبينما يمر أحمد مهنى، ذات يوم، بفرشة كتب، وجد روايته مضروبة، استفزه الأمر، ليقف ويسأل البائع عن مصدرها.

يقول مهنى لـ"مبتدا": "عندما سألته عن الوسيلة التى حصل بها على الرواية ارتبك جدًا، وقال لى إنه حصل عليها كالآخرين ولا غرابة فى ذلك. بعد ذلك أخبرته أنى مؤلف الرواية وناشرها فى نفس الوقت، وحينها ذهلت من ردة فعله".

ما أذهل مهنى هو أن البائع رحب به للغاية قائلًا: "شرفتنا يا أستاذ أحمد، ده انت فاتح بيوتنا كلنا، ربنا يكرمك، لازم نشربك شاى".

يؤكد مهنى على أن البائع كان يتكلم بحميمية وكأنهما صديقان! لم يهتم بتوضيح موقفه مثلًا، أو يعتذر لهذا الكاتب "اللى فاتح بيوتهم" وهو فى الوقت نفسه يخرب بيوت المؤلفين والناشرين. تركه مهنى وانصرف، ولم يكرر الموقف مرة ثانية. أصبح فقط، يحتفظ بغضبه داخله ويمضى.

صدفة، رأى الكاتب أدهم العبودى روايته "الطيبيون" على إحدى فرشات الكتب، وهى أكثر رواياته التى تعرضت للتزوير.

يقول: "منذ ثلاث سنوات ونصف وهى تضرب، فى هذا اليوم سألت البائع عن مصدر الرواية وكانت إجاباته غير مقنعة. تركته وذهبت".

تكرر الموقف مع روايته الأخيرة "حارس العشق الإلهى" التى طبعت منها دار المصرى 11 طبعة حتى الآن، ولكن تم تزويرها أيضًا. فى هذه المرة لم يرضَ العبودى بإجابات البائع غير المقنعة.

يوضح: "لم أترك البائع إلا بعد أن عرفت منه المزور، ثم أخبرت الناشر، ولم نترك هذا اللص إلا بعد أن فضحناه. هى جريمة وهو مثل قاتل أو سارق، الأمر لا يخصنى وحدى، ولكن يضر بالصناعة كلها".

مع الكاتب باسم شرف يختلف الأمر. كان يغضب كثيرًا فى بدايات علاقته مع النشر والكتابة، ثم هدأ الأمر تدريجيًا، لم يحدث وتحدث مع أحد الباعة بخصوص كتاب مزور له، وعلى الرغم من أن كتابه "يا سلمى أنا الآن وحيد" حقق مبيعات كبيرة وتكرر الأمر مع روايته "جرسون" الصادرة يناير الماضى، إلا أنه لا يرى مبررًا لحديث يجريه مع مزور كتب.

يشرح باسم: "ما الفائدة من مناقشتى مع شخص يدرك ما يفعل ويعلم أنه يقترف خطأ ومع ذلك يمضى فى طريقه غير منشغل بمصير هؤلاء الكتاب الذين يتضررون معنويًا وماديًا نتيجة جريمته؟ "

ينظر باسم للمسألة من زاوية أخرى: "هناك ميزة، ضرب كتاب معناه أنه مطلوب، أن هناك من قرأه ورشحه لآخرين حتى انتشر وحقق شهرة وهذه مسألة إيجابية للكاتب، أقصد طبعًا بالإيجابية أنه بات مقروءًا ومعروفًا، ولكن فى الوقت نفسه تفسد عليه فرحته بأن يكسب من هذا النجاح، وأن تطبع الدار نسخًا رسمية أكثر".

الآن، يمر باسم على فرش الكتب وما إن تقع عيناه على كتاب له، حتى يبتسم، ثم يكمل طريقه تاركًا خلفه مافيا تهدد صناعة النشر والكتاب.

فى معرض القاهرة للكتاب السابق، سأل الكاتب وجدى الكومى أحد الباعة داخل خيمة سور الأزبكية عن مصدره ليحصل على رواية "إيقاع" التى فاز عنها الكومى بجائزة الإبداع العربى العام الماضى، ليقدم له البائع الفاتورة الخاصة بالكتاب.

يؤكد صاحب "شوارع السماء" على أن البائع التزم بالحصول على الكتب بطريقة مشروعة وحصل على فواتير فقط لتأمين نفسه، لأن هناك مراقبة فى المعرض، وبسهولة، يمكن اتخاذ إجراءات حاسمة معه، وهو ما يوضح أننا نحتاج لقانون يحمى الصناعة وأن هناك نتائج يمكن أن نصل إليها حال تطبيق هذا القانون.

لا يحب وجدى أن يدخل فى مناقشات مع بائعى الكتب المضروبة، ولا يجد فائدة فى ذلك. يؤكد أن هذا ليس دوره، وأى حوار سيبدو وكأنه نقاش بين ضحية تسأل قاتلها عن مبررات قتله ووسائله لتحقيق ذلك. فى نظر وجدى، هذا لا يصلح إلا لقصة.

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز