
إبراهيم أصلان
لم يكن أصلان غزير الإنتاج، كتب القصة والرواية والكتابات الخارجة عن التصنيف. حققت روايته "مالك الحزين" شهرة كبيرة وتحولت لفيلم سينمائى بعنوان "الكيت كات" لعب بطولته محمود عبد العزيز الذى جسد شخصية الشيخ حسنى، هذه الشخصية التى نحتها أصلان بحرفية عالية.
كان أصلان شديد الانشغال بالحذف من كتاباته لا الإضافة، وحينما تعلم الكتابة على الكمبيوتر وأصبح يستخدم برنامج الوورد ويعرف كيف يحذف كانت سعادته غامرة، وكثيرًا ما عبر عن فرحته الطفولية هذه للدكتور حسين حمودة، فى أحاديثهما التى كانت تستمر لساعات فى السنوات الأخيرة قبل رحيل أصلان.
مع حسين حمودة
يقول حمودة لـ"مبتدا": "جمعتنى صداقة كبيرة بإبراهيم أصلان توطدت لأقصى درجة قبل رحيله بسنوات وكنا نتحدث ليلًا بالساعات، يخبرنى مثلًا أنه صار جيدًا فى استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة، ويعبر لى عن قلقه بشأن مشروع كتابة جديد، أو ربما كشف لى عن قلقه البالغ بخصوص نشر كتاب له".
يضيف: "لدى مواقف إنسانية كثيرة مع إبراهيم أصلان فى أماكن وأزمنة متفرقة، أذكر منها تقاربنا خلال رحلة للمغرب. ذات يوم اصطحبنى أصلان وجلسنا لنتأمل المحيط الأطلنطى وأخبرنى وقتها أن ظروف مجتمعنا العربى لا تسمح بوجود كاتب كبير".
قبل وفاة أصلان بقليل، كانا يحضران ندوة بمصر الجديدة، ثم خرجا ليبحثا عن تاكسى. وقتها كان أصلان متعبًا أكثر من أى وقت مضى.
يحكى حمودة: "سرنا 100 متر فقط، توقف خلالها أصلان 3 مرات ليستريح على الرصيف. قال لى كلمات مؤلمة بخصوص شعوره بنهاية تقترب، كما أكد لى، فى كلمات أخرى جميلة، عن رضاه التام عما قدم من كتابة رغم ظروف الحياة الصعبة".
أصلان والكفراوى وبينهما الطيب صالح
40 سنة هى عمر صداقة إبراهيم أصلان وسعيد الكفراوى الذى يصف أصلان أنه كان "مفجر الدهشة الأكبر وسارد الحكايات الأصيل".
فى رحلة للعراق حدث موقف ظل راسخًا فى ذاكرة الصديقين، ويتذكره الكفراوى الآن.
يحكى: "كانت أول مرة نسافر فيها خارج مصر. ذات يوم خلال الزيارة، كنا فى الفندق وإذا برجل أسمر الملامح يدخل وينادى بأعلى صوته: "فين إبراهيم أصلان ده؟" كررها ثلاث مرات أو ربما أكثر. لا أذكر، ولكنى أرى الصورة أمامى الآن حيث كنا مدهوشين جدًا مما يحدث. لم نعرف الرجل وقتها، وعندما تعارفنا وجدنا أنه الطيب صالح، الروائى السودانى الأشهر وأحد أهم الروائيين العرب، الذى جاء ليبحث عن إبراهيم أصلان بعد أن عرف أنه نزيل بالفندق".
أصلان والقعيد.. صداقة على "القهوة"
كان المقهى شاهدًا على صداقة إبراهيم أصلان ويوسف القعيد، حيث تعرفا للمرة الأولى بمقهى ريش خلال ندوة نجيب محفوظ، وبعد أن توطدت العلاقة بين الكاتبين استمرت علاقتهما بالمقهى مهما اختلفت الأماكن.
يقول القعيد: "عرفت أصلان فى ريش، وفى إمبابة كنا نتقابل على القهوة، وحتى عندما انتقل إبراهيم ليعيش فى المقطم كنا نجلس فى القهوة القريبة من بيته هناك، وهكذا صار المقهى جزءًا من صداقتنا وتمتع بخصوصية كبيرة".
كان المقهى مهمًا فى حياة إبراهيم أصلان، وحكى عنه كثيرًا فى كتاباته وحكاياته، ودائمًا ما التقط المشاهد الساخرة أو التى يمكن الخروج منها بما يصلح لفكاهة أو طرفة، بحسب القعيد الذى يتابع: "إبراهيم أصلان كان ساخرًا من كل شىء، ويبحث دائمًا عن الوجه المدهش للأشياء، عن العالم بوصفه حدث عابر لا يمكن التعبير عنه فى أكثر من نكتة كبيرة".
