
سيد حجاب
سيد حجاب الذى أسهم فى إثراء القاموس الشعرى، والأغنية الدرامية المصرية، لقب بشاعر الفقراء بسبب إحساسه بهمومهم ومشاكلهم، وعبر عنهم بكلماته وأشعاره، ليبقى فى حياته وبعد مماته قيمة كبيرة فنية وإبداعية ووطنية.
حجاب من مواليد قرية المطرية، أقصى الشمال الشرقى من محافظة الدقهلية على شواطئ بحيرة المنزلة، وبعد حصوله على شهادة الثانوية العام، رحل إلى الإسكندرية ليلتحق بكلية الهندسة، ولكنه لم يستمر فيها كثيرا، وأثناء وجوده فى كلية الهندسة بدأت موهبته فى البزوغ.
أشاد به صلاح جاهين، وتنبأ به وبموهبته، وكتب مقالا عنه عام 1961، قائلا انتظروا هذا الشاعر سيكون له شأن كبير فى الحياة الإبداعية والثقافية المصرية، وفى هذا التوقيت كان جاهين وفؤاد حداد لهما إنجازات كبيرة فى القصيدة العامية المصرية، وكان تجاوزهما صعب جدا، ولكن سيد حجاب ومعه عبدالرحمن الأبنودى استطاعا أن يقدما الجديد على مستوى الجملة، وبناء القصيدة، وبناء المعنى.
ساهم حجاب فى تطور الأغنية فى الدراما المصرية، وكتب العديد من الأغانى التى ارتبطت بها الأعمال الدرامية مثل "ليالى الحلمية، الأيام، الوسية، الشهد والدموع، المال والبنون، حدائق الشيطان، ناصر، غوايش، أحلام لا تنام، الأصدقاء"، كما كتب أغنيات فيلم "الأراجوز"، ومجموعة من الأغنيات التى تغنى بها مجموعة من المطربين، أشهرهم على الحجار، كما فى أغنيات "هنا القاهرة، ويا مصرى".
كان والد سيد حجاب بمثابة المعلم الأول له فى الشعر، فقد كان يشاهده فى جلسات المصطبة الشعرية حول الموقد فى ليالى الشتاء الباردة وهو يلقى الشعر للصيادين فى مباراة يلقى فيها كل صياد ما عنده، فكان يدون كل ما يقوله كل صياد ويحاول محاكاتهم، وكان يخفى عن والده حتى أطلعه على أول قصيدة كتبها عن الشهيد نبيل منصور، فشجعه والده على المضى قدما فى هذا الاتجاه حتى دخل المدرسة وصادق المعلم الثانى شحاته سليم نصر، مدرس الرسم والمشرف على النشاط الرياضى، الذى علمه كيف يكتب عن مشاعر الناس فى قريته.
وفى إحدى ندوات القاهرة التقى حجاب والأبنودى، ونشأت بينهما صداقة بعد هذا اللقاء، وفى منتصف الستينات من القرن الماضى احتفى المثقفون بأول ديوان له "صياد وجنية"، وبعده انتقل إلى الناس عبر الأثير من خلال مجموعة البرامج الإذاعية الشعرية "بعد التحية والسلام" و"عمار يا مصر" و"أوركسترا"، وكان الأبنودى يقدم معه البرنامج الأول بالتناوب، كل منهما يقدمه 15 يوما، وبعد فترة انفصلا وبدأ كل منهما يقدم برنامجا منفصلا. كما شارك سيد حجاب فى الندوات والأمسيات الشعرية والأعمال التليفزيونية والسينمائية فى محاولة للوصول للجمهور، وقدمه جاهين لكرم مطاوع ليكتب له مسرحية "حدث فى أكتوبر".
وعندما دخل سيد حجاب مجال الأغنية، غنى له عبدالمنعم مدبولى وعفاف راضى وصفاء أبو السعود، ثم كتب أغانى لفريق الأصدقاء، بعدها لحن له بليغ حمدى أغنيات لعلى الحجار وسميرة سعيد وعفاف راضى، وقدم معه الحجار "تجيش نعيش"، وكتب لمحمد منير فى بداياته أغنية "آه يا بلاد يا غريبة" فى أول ألبوم له، ثم 4 أغنيات فى ألبومه الثانى، ثم كتب أشعار العديد من الفوازير لشريهان وغيرها، بجانب العديد من تترات المسلسلات التى عرض بعضها فى رمضان.
توفى سيد حجاب يوم 25 يناير 2017، عن عمر يناهز 77 عاما، بعد صراع مع المرض، ليرحل عنا ويتركنا نتذكر وصيته التى كتبها شعرًا فى "مختارات من شعر سيد حجاب":
ولما أموت
لو مت ع السرير ابقوا احرقوا الجسد
ونطوروا رمادى ع البيوت
وشوية لبيوت البلد
وشوية ترموهم على تانيس
وشوية حطوهم فى إيد ولد
ولد أكون بُسُته.. ولا أعرفوش
ولو أموت..
قتيل.. وأنا من فتحة الهويس بافوت
ابقوا اعملوا من الدما حنة
وحنوا بيها كفوف عريس
وهلال على مدنة
ونقرشوا بدمى على حيطان بيت نوبى تحت النيل
اسمى...
