البث المباشر الراديو 9090
كمال الملاخ
ارتبط اسم كمال الملاخ بالسينما والصحافة أكثر من أى شىء آخر.. يتذكر المتابع له بالتأكيد دوره المهم فى تأسيس مهرجان القاهرة السينمائى، وأيضًا يتذكر تأسيسه لجمعية كتاب ونقاد السينما، ورئاسته لها فترة طويلة، ومقالاته التى كانت طريقًا ممهدًا لترسيخ فن النقد السينمائى.

لكن اسم الملاخ، أيضًا، ارتبط بواحدة من الاكتشافات المصرية الأثرية العظيمة، وهى "مراكب الشمس".كمال الملاخ

كيف حدث ذلك؟ 

ولد كمال وليم يونان الملاخ فى 26 أكتوبر عام 1918 بمدينة أسيوط، وألتحق بالمدرسة السعيدية الثانوية بالجيزة، مع انتقال والده للعمل فى القاهرة.

وظهرت موهبة الملاخ فى الرسم، وهو لم يتجاوز الـ14 من عمره، والتحق بكلية الفنون الجميلة قسم عمارة عام 1943، وكان الأول على دفعته، فتم تعيينه مُعيدًا بالكلية.

يذكر كمال الملاخ فى كتابه "طه حسين - قاهر الظلام" أن عميد كلية الفنون الجميلة وقتها أوقفه فجأة عن التدريس، وألغى جدول المحاضرات الخاص به، فتوجه الملاخ إلى المستشار الفنى لوزير المعارف وقتها، وكان عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، الذى قال له: "لماذا لا تتجه لدراسة الآثار؟!"، فرد عليه الملاخ: "مالى أنا والآثار، وقد عقدت العزم أن أكون أستاذًا فى العمارة"، فرد عليه حسين: "وهل الآثار إلا عمارة.. أنا أريد تمصير الآثار المصرية بحيث لا تبقى مدى الدهر فى أيدى الأجانب، أنت أولى بحضارة بلدك".

وجه عميد الأدب العربى، الملاخ، لمقابلة عالم الآثار المصرية الكبير إيتين دريتون، وبالفعل درس الآثار بجانب العمارة حتى عشقها، وحصل على ماجستير فى "اللغة المصرية القديمة والآثار" عام 1948.

يقول الناقد السينمائى سمير شحاتة، صاحب كتاب "الفرعون الأخير"، إن فترة اشتغال الملاخ بالآثار هى أخصب فترات حياته المهنية وأكثرها مشقة، إذ عمل بأسوان والأقصر لسنوات معدودة، طاف فيها القرى والكفور والنجوع من أقصاها إلى أدناها، تتلمذ خلالها على أيدى دريتون وجوكييه، ودكتور سامى جبرة وسليم حسن، وأتيح له العمل فى ترميم آثار النوبة ومعبد فيلة.

واكتشف الملاخ أول كوبرى فى التاريخ على بعد 150 مترًا جنوب تمثال أبوالهول، وأضاف شحاتة: "قام الملاخ بترميم أبوالهول، ووقتها حذر من سقوط رأسه بفعل عوامل التعرية الجوية وبخار الماء مع الشمس، أعاد الملاخ إقامة أقدم مسلة فى مصر، وهى مسلة سنوسرت بالمطرية، التى كانت تهددها المياه الجوفية، كما أنه كان أول مصرى يرمم أهرامات الجيزة من داخلها وخارجها".كمال الملاخ

مراكب الشمس

يقول الناقد السينمائى فى كتابه: "إن الملاخ عمل لمدة 18 عامًا كمفتش للآثار، وكان بيته ومكتبه بجوار الأهرامات، وذات يوم وجد الملاخ طبقة من الطوب اللبن تحيط ببقايا مساكن، تشبه الأسفلت، وشرع يحفر حتى عثر على سقف حجرة، ومن ثقب صغير وجد شيئًا غريبًا أشبه بقطعة قماش شبه مثلثة، استمر فى الحفر، فإذا به يجد غرفة سرية للملك خوفو وعائلته، ومع توسيع الثقب طهرت أول هياكل مركب ضخم عُرف فى تاريخ الإنسانية، هو عبارة عن ألواح كثيرة لمركبة خشبية يبلغ طولها نحو 43 مترًا، وأكبر عرض لها 6 أمتار".

أعلن الملاخ اكتشافه فى 26 مايو 1954، إذ يعتبر أحد أهم الاكتشافات الفريدة من آثار الملك خوفو، صاحب الهرم الأكبر.

وعقد الملاخ مؤتمرًا صحفيًا كبيرًا، وأعلن عن اكتشافه الذى اهتم به العالم، وأفردت له صحف العالم صفحات وصفحات.كمال الملاخ

لقاؤه مع عبدالناصر

فى يونيو 1954، قابل الملاخ الرئيس جمال عبدالناصر، وكان ناصر مازال رئيسًا للوزراء، إذ لقى تشجيعًا كبيرًا منه، بل ووعده بزيارة الاكتشاف، وبالفعل تم هذا بحضور المشير عبدالحكيم عامر وكمال الدين حسين وصلاح سالم وغيرهم، وانبهر عبدالناصر بما شاهده، وقال للملاخ: "أنت تستحق تقدير الوطن".

ولقى الملاخ دعوة من جريدة نيويورك تايمز لزيارة أمريكا، وبالفعل طاف ولاياتها للحديث عن مراكب الشمس، الأمر الذى بسببه صدر قرار إدارى بخصم 15 يومًا من راتبه، وإيقاف ترقيته إلى درجة مدير عام!

متحف مراكب الشمس

وأقيم متحف مراكب الشمس، عام 1982، وافتتحه فؤاد محيى الدين، رئيس الوزراء وقتها، ووقف الملاخ فى الافتتاح يشرح اكتشافه وطريقة تجميع المراكب وترميمها بكل عشق وفخر وحب، وبعد 5 سنوات مات الملاخ فى حجرته وحيدًا.

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز