السياحة العلاجية
جاء ذلك في التقرير الذي أصدره مركز المعلومات، اليوم الاثنين، سلط خلاله الضوء على صناعة السياحة العلاجية والاستشفائية، وسبل تعزيز السياحة العلاجية والاستشفائية في مصر.
وأوضح التقرير، أن مصر توفر علاجات تعتمد على الموارد الطبيعية مثل المناخ الملائم وينابيع المياه المعدنية وحمامات المياه الكبريتية والطين والرمال الساخنة. كل هذه الأمور تجعل من مصر وجهة مفضلة للسياحة العلاجية على مستوى العالم.
وفي عام 2017، تم إطلاق مبادرة (Tour n' Cure) لجلب مرضى "التهاب الكبد الوبائي C" إلى مصر للسياحة والعلاج. وأعلنت مصر في عام 2019 أنها ستوفر اختبار "التهاب الكبد الوبائي C" وعلاجه مجانًا لمليون شخص في 14 دولة في إفريقيا، بالتعاون مع "منظمة الصحة العالمية".
وسلط التقرير الضوء على أشهر الأماكن السياحية العلاجية في مصر ومنها الواحات البحرية، وواحة الخارجة، ومدينة أسوان، والتي يوجد بها مركزان لمعالجة الرمال والمياه يستخدمان لعلاج الروماتويد بسبب الأملاح الموجودة في مياه البحر والأشعة فوق البنفسجية، بالإضافة إلى استخدام الرمال السوداء الطبيعية، وواحة سيوة التي تحتوي على 230 ينبوع مياه عذبة طبيعية وألف بئر طبيعية متدفقة. ويعد "جبل الدكرور" أشهر الجبال هناك ويستخدم في علاج الأمراض الروماتيزمية.
ولفت إلى أن مصر تمتلك جميع مقومات السياحة العلاجية، ولهذا يسافر الكثير من الأفراد إليها لتلقي العلاج الطبي كل عام، وفضلًا عن تلك المقومات الطبيعية توجد عدة أسباب جعلت من البلاد وجهة معروفة للسياحة العلاجية منها، التكلفة، وجودة الرعاية الصحية، الاستشفاء بالعلاج البديل.
وبين أن في السنوات الأخيرة، تم إطلاق عدد من المبادرات لدعم السياحة العلاجية في البلاد، كما سبق وأعلنت لجنة السياحة والطيران بمجلس النواب، في ديسمبر 2018، بدء مشروع السياحة العلاجية الذي سيجلب السائحين إلى البلاد، وأبرزت اللجنة أن هناك العديد من المناطق السياحية في مصر التي لديها القدرة على الاستفادة من السياحة العلاجية بما في ذلك 16 موقعًا داخليًا وساحليًا؛ حيث تتوافر العلاجات الطبيعية فيها للعديد من الأمراض مثل حلوان وعين الصيرة والعين السخنة والغردقة والفيوم والواحات وأسوان وسيناء وسفاجا على البحر الأحمر.
وفي ديسمبر 2018 تمت الموافقة على مشروع القانون بشأن السياحة العلاجية؛ لضمان التنسيق بين وزارة السياحة والآثار ووزارة الصحة والسكان في قطاع السياحة العلاجية في البلاد.
كما تم الإعلان عن واحة سيوة المصرية كوجهة عالمية للسياحة الطبية والبيئية، خلال مؤتمر السياحة العلاجية، الذي عقد بالإسكندرية عام 2017.
وأشار التقرير إلى إنشاء أول منتجع طبي وصحي في مصر، حيث وقعت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، وشركة استثمار مصر للتنمية، وشركة "مكسيم جروب" الاستثمارية، عقد إنشاء المنتجع الطبي بالمنطقة الاستثمارية بمركز الصف بمحافظة الجيزة. وستقوم "مكسيم جروب" بتطوير وإدارة وتشغيل المنطقة الاستثمارية التابعة للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بمركز الصف وتحويلها إلى أول منتجع طبي وصحي في البلاد يُطلق عليه "منتجع نايا الصحي"، والذي سيدمج خدمات الرعاية الصحية والضيافة في مكان واحد، ويكون أول مركز من نوعه لتنشيط السياحة العلاجية في مصر.
كما يستهدف المشروع استغلال المنطقة لتصبح نقطة جذب للأنشطة العلاجية والسياحية والخدمية والحرفية والتجارية، ما يعود بآثار تنموية كبيرة على منطقة إقامة المشروع والاقتصاد المصري ككل، ويعد المشروع نموذجًا ناجحًا للشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، تنفيذًا لوثيقة ملكية الدولة التي تؤكد تمكين القطاع الخاص ورفع نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالـي.
وأشار التقرير، إلى افتتاح مصر المؤتمر الدولي للسياحة العلاجية، يوم 2 مارس الماضي، في العاصمة الإدارية الجديدة، بمشاركة 70 متحدثًا من العديد من دول العالم، بحضور رئيس مجلس الوزراء، الذي سلط الضوء خلال المؤتمر على دور صناعة السياحة العلاجية بالنسبة لصحة الإنسان ورفاهيته وازدهاره، مدعومًا بإحصائيات مختلفة تؤكد أهميتها الاقتصادية. وأشار إلى أن سوق الرعاية الصحية العالمية تنمو بسرعة، متجاوزة الناتج المحلي الإجمالي للدول الكبرى مثل اليابان وألمانيا والهند.
وأضاف أن هذا النمو مدفوع بالتقدم في الرعاية الصحية والتكنولوجيا والتقنيات العلاجية، مما يؤدي إلى زيادة السياحة الطبية والاستشفائية. وهذه الزيادة تغذيها شيخوخة السكان، مما يخلق طلبًا متزايدًا على خدمات الرعاية الصحية والسفر المتعلق بالتعافي.
وتناول التقرير التقنيات الحديثة في مجال السياحة العلاجية، حيث أشار إلى تمتع الذكاء الاصطناعي بالقدرة على إحداث ثورة في مجال السياحة العلاجية، مما يوفر فوائد عديدة لكل من المرضى ومقدمي الرعاية الصحية. بدءًا من خطط العلاج الشخصية ووصولًا إلى روبوتات الدردشة وحلول التطبيب عن بُعد التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، ويعمل تكامل تقنيات الذكاء الاصطناعي على تعزيز تجارب المرضى وتحسين الكفاءة التشغيلية وزيادة نتائج العلاج إلى أقصى حد.
وأوضح مركز المعلومات، التحديات والمخاطر المتعلقة بالسياحة العلاجية، فأشار إلى وجود مجموعة مخاوف أولية تنتاب الأفراد قبل اتخاذ قرار السفر للخارج للعلاج؛ حيث تصدرت المخاوف المتعلقة بالمتابعة بعد الخضوع للعلاج بنسبة 53.8%، وذلك وفقًا لما أظهره استطلاع آراء المرضى في مجال السياحة العلاجية لعام 2024 الصادر عن كلٍ من "جمعية السياحة العلاجية" و"المركز الدولي لأبحاث الرعاية الصحية"، وحلت المخاوف بشأن السلامة وجودة المعايير الطبية في المرتبة الثانية بنسبة 51.9%، يليها بعد ذلك انعدام الثقة في مقدم الخدمة، والمخاوف بشأن التكاليف الخفية أو الإضافية بنحو 40.4% و34.6% على الترتيب، يليه عدم اعتماد منشأة الرعاية الصحية أو مخاوف بشأن مصداقية الاعتماد المحلي لمقدم الخدمة بنسبة 30.8%، ثم بعد ذلك مخاوف بشأن سداد المدفوعات دولياً واحتمال التعرض للاحتيال أو الاستغلال بنحو 26.9%.
وأوضح التقرير، أن السياحة العلاجية يمكن أن تكون محفوفة بالمخاطر، ويحتمل خطر حدوث المضاعفات على الوجهة، والمنشأة التي يتم فيها تنفيذ الإجراءات العلاجية، وما إذا كان المسافر يتمتع بصحة جيدة لإتمام تلك الإجراءات، وتشمل المشكلات الأخرى التي يمكن أن تزيد من خطر تعرض المسافر للمضاعفات مقاومة مضادات الميكروبات، وجودة واستمرارية الرعاية، وتحديات التواصل من خلال اللغة، والسفر جوًا.
وتناول التقرير، في ختامه، كيفية تعزيز السياحة العلاجية والاستشفائية في مصر، مشيراً إلى ما اتخذته الدولة المصرية من خطوات حثيثة لتعزيز المنظومة البيئية للسياحة العلاجية والاستشفائية في ربوعها، مضيفاً أنه لا تزال هناك جهود مُبتكرة عدة يُمكن تبنيها لتحويل مصر إلى وجهة عالمية لهذا النوع من السياحة، لتُصبح رافدًا أصيلًا لتعزيز مسارات النمو والتنمية الاقتصادية الشاملة تحقيقًا لرؤية مصر 2030.
وأشار إلى أنه يُمكن الوقوف على تدابير ومبادرات وتجارب ناجحة تم تبنيها دوليًا، يُمكن لمصر الاهتداء بها لتأسيس صناعة تنافسية وجذب مزيد من الاستثمارات الوطنية والأجنبية إليها، وتوفير تجربة صحية سياحية استثنائية.