
السفير ألبارو إيرانثو
وقال السفير - في حديث خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ) اليوم الأربعاء، بمناسبة العيد الوطني لإسبانيا والذي يوافق الثاني عشر من أكتوبر - أن شدة الأزمة الحالية في غزة أدت إلى إجراء مشاورات ثنائية رفيعة المستوى، حيث أجرى وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس محادثة هاتفية مثمرة مع نظيره المصري سامح شكري.
وحول الدور الذي تلعبه مصر في المنطقة لضمان الاستقرار والأمن، قال إن مصر تعيش وسط منطقة غير مستقرة حيث الصراعات السياسية مثل تلك الموجودة في ليبيا والسودان وفلسطين وإسرائيل، وغيرها من التهديدات وعلى رأسها الإرهاب والجريمة المنظمة أو الهجرة غير الشرعية.
واعتبر أن الاستقرار والأمن الداخليين اللذين حققتهما مصر خلال العقد الماضي يعتبران في الواقع إنجازا ملحوظا لحكومة مصر وشعبها، كما أنهما عاملان رئيسيان لتوسيع هذا الاستقرار خارج حدودها.
وأشاد بالتزام الدبلوماسية المصرية بتحقيق هذه الأهداف في المنطقة بأكملها، من خلال الحوار والتعاون، مستفيدة في ذلك من معرفتها وخبرتها العميقة.
وأعرب عن استعداد إسبانيا الدائم لتعزيز التعاون الجيد بالفعل في القضايا الأمنية مع مصر، مشيرا إلى الرئاسة المشتركة للاتحاد الأوروبي ومصر للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب في الفترة 2023-2025.
وحول العلاقات التاريخية القوية التي تربط بين مصر وإسبانيا، أشاد السفير بالعلاقات ووصفها بأنها "ممتازة"، مضيفا أن مصر تعد أحد أقرب أصدقاء إسبانيا وأكثرهم ثقة في منطقة المتوسط.
وأشار السفير إيرانثو إلى العديد من القيم التي تتقاسمها البلدان والمصالح المادية، التي أصبحت أكثر كثافة على مر السنين، لافتا إلى أن القاهرة ومدريد تحرصان على دفع التعاون فيما بينها، حيث تتطلب التحديات العالمية المتعددة اليوم تحالفات قوية وإجراءات حاسمة.
وشدد على أن الحوار السياسي هو القوة الدافعة لعلاقاتنا الثنائية، موضحا أنه منذ أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي منصبه في عام 2014، تكررت الزيارات رفيعة المستوى، بدءاً من زيارة الرئيس السيسي الرسمية إلى إسبانيا في عام 2015، تم عقد ما لا يقل عن 20 لقاء ثنائيا رفيع المستوى في كلا البلدين.
وأشار في هذا الصدد إلى زيارة رئيس الحكومة الإسبانية إلى مصر في ديسمبر 2021 وكذا الزيارة التي قام بها وزير الخارجية سامح شكري في أبريل 2022 إلى إسبانيا، كما قام وزير الدولة للتجارة الإسباني بزيارة ناجحة للغاية على رأس وفد تجاري مهم في سبتمبر 2022، وكذا مشاركة رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز على رأس الوفد الإسباني في الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في شرم الشيخ.. وأخيراً، قامت نائبة وزير الخارجية، أنجيليس مورينو، بزيارة إلى القاهرة في يونيو الماضي لإجراء مشاورات سياسية مع عدد من المسئولين، مضيفا أن هناك المزيد من الاجتماعات بين الجانبين في الأشهر المقبلة.
وردا على سؤال حول التنسيق الوثيق بين القاهرة ومدريد فيما يتعلق بالقضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك والأزمات التي يشهدها العالم، قال السفير إيرانثو إن هناك مبادرتين حديثتين وهامتين تم إطلاقهما الشهر الماضي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث لعبت إسبانيا، بصفتها الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي، ومصر دورًا مهمًا؛ وهما "جهد يوم السلام" الذي يعد جهدا متجددا لإعادة تفعيل مبادرة السلام العربية في الشرق الأوسط التي يروج لها الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ومصر والمملكة العربية السعودية والأردن والتي تسعى إلى تطوير الظروف التي ستلي تحقيق السلام في الشرق الأوسط. المنطقة، لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال حل الدولتين.
وأضاف أن المبادرة الأخرى هي "تمويل التنمية" حيث ترأس رئيس الحكومة الإسبانية بالاشتراك مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، اجتماع مائدة مستديرة رفيعة المستوى حول الإصلاح العادل لهيكل التمويل الدولي، وقد تمت دعوة مصر والمشاركة فيها.. مذكرا بان إسبانيا ومصر تشتركان في وجهة نظر مشتركة بشأن الحاجة إلى تعزيز الآليات الحالية لضمان التمويل اللازم لجميع البلدان بغض النظر عن مستوى دخلها.
وعن الخطوات التي يمكن أن تتخذها مصر وإسبانيا لجعل المتوسط بحرًا للسلام، قال السفير الإسباني أن بلاده عملت، جنباً إلى جنب مع الدول المشاطئة الأخرى، لسنوات عديدة من أجل تطوير سياسة شاملة للاتحاد الأوروبي في منطقة البحر المتوسط، الأمر الذي أدى في عام 1995 إلى إطلاق عملية برشلونة ثم الاتحاد من أجل المتوسط.
وأضاف أن إحدى أولويات الرئاسة الإسبانية الحالية للاتحاد الأوروبي تتلخص في تعزيز البعد الجنوبي لسياسة الجوار وتعزيز منطقة الرخاء المشترك على ضفتي البحر المتوسط، وتحقيقا لهذه الغاية، تم إطلاق مراجعة البرنامج الجديد للبحر المتوسط، بناء على اقتراح من إسبانيا وفرنسا.
وفيما يتعلق بالهجرة غير الشرعية، أشار إلى أن مصر وإسبانيا تؤيدان اتباع نهج شامل للهجرة يتجاوز مكافحة الهجرة غير النظامية، لافتا إلى أن إسبانيا تسعى إلى تعزيز سياسة الهجرة الأوروبية المتسقة مع هذا النهج.
وأضاف أن مصر وإسبانيا تتعاونان في هذا المجال، مشيرا إلى أن أحد أهم المشروعات التي ينفذها التعاون الإسباني في مصر، يهدف إلى تعزيز الإطار التنظيمي والمؤسسي والمعرفي لحوكمة الهجرة، والشركاء الرئيسيون هم اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالأشخاص، ووزارة الدولة الإسبانية للهجرة، ووزارة العمل والاقتصاد الاجتماعي، ووزارة العدل ومكتب المدعي العام.
وأكد أن مصر تواصل إظهار الريادة في إدارة الهجرة وفي التزامها بالاتفاق العالمي للهجرة من خلال تعزيز مبادرات التعاون داخل القارة الإفريقية، مع الدول الأوروبية والعالم العربي، وتدعم إسبانيا هذه الجهود.
