الدكتور مصطفى مدبولي
وكان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، قد ألقى نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، كلمة خلال الجلسة رفيعة المستوى الثانية تحت عنوان "التحول الصناعي وتحديث الزراعة والتنمية الخضراء".
جاء ذلك ضمن فعاليات قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي بالعاصمة الصينية بكين، بحضور رفيع المستوى ضم الرئيس سيريل رامافوزا، رئيس دولة جنوب أفريقيا، ووانج هونينج، رئيس المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، وعددا من رؤساء الدول والحكومات المشاركة بالقمة.
واستهل رئيس الوزراء كلمته في مقر المركز الوطني للمؤتمرات بالعاصمة بكين، بتوجيه الشكر إلى جمهورية الصين الشعبية الصديقة، وفخامة السيد الرئيس "شي جين بينج"، على حفاوة الاستقبال وكرم الاستضافة للمنتدى التاسع للتعاون بين الصين وإفريقيا، كما تقدم بالتهنئة لجمهورية الصين الشعبية الصديقة؛ بمناسبة قرب حلول العيد الوطني الـ 75.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، أن مصر كانت أول دولة عربية وإفريقية تعترف بجمهورية الصين الشعبية وتُقيم علاقات دبلوماسية معها منذ عام 1956، وكان ذلك بمثابة انطلاقة لما يتجاوز نصف قرن من علاقات وثيقة مع دولة صديقة تتشارك مع مصر ومع إفريقيا وشعوب العالم النامي في تطلعاتها لتحقيق التنمية والازدهار والسلام.
وأشار رئيس الوزراء، إلى أن اجتماع اليوم يأتي في سياقٍ عالمي يَمُوج بالأزمات والتحديات السياسية والأمنية والاقتصادية على كافة الأصعدة، وهو ما يُحتم تَبَنَّي توجه مختلف أكثر عدالةً وأكثر إنصافاً، يراعي التحولات الدولية والاحتياجات التنموية المتزايدة لدول الجنوب، وعلى الأخص القارة الأفريقية، في إطار من تجديد الالتزام الدولي بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وعلى رأسها مكافحة الفقر والجوع، وإعادة تصدر أجندة ۲۰۳۰ لأولويات العمل الدولي، مع تحقيق التنسيق والترابط والتكامل بينها وبين أولويات أجندة أفريقيا 2063، والتي تم تدشين خطتها العشرية الثانية فيما يُعرف بعقد تسريع وتيرة التنمية الافريقية.
ولفت إلى أن القارة الإفريقية تتمتع بآفاق رَحْبة للتنمية، لكونها تمتلك أكبر معدلات للنمو السكاني في العالم، حيث تجاوز عدد السكان 1.5 مليار نسمة هذا العام، ولذا تعدُ سوقاً ضخمة تُوفر فُرصًا واعدةً للتجارة والاستثمار، لاسيما بعد التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة القارية ودخولها حيز التنفيذ، وهو الإنجاز الضخم الذي تحقق خلال الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقي عام 2019، مضيفاً أن الشعوب الأفريقية كذلك شُعوبٌ شابة، ما يفرض على الحكومات الأفريقية العمل الدؤوب لكي تُوجه جهود هؤلاء الملايين من الشباب في سبيل بناء أوطانهم.
ومن هذا المنطلق، أكد الدكتور مصطفى مدبولي أن مصر سعت، بحكم رئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، للجنة التوجيهية لوكالة الاتحاد الإفريقي للتنمية - النيباد، الذراع التنفيذي التنموي للاتحاد الإفريقي، إلى توظيف فترة رئاستها لتسريع وتيرة تنفيذ الأهداف التنموية للاتحاد الأفريقي المتضمنة في أجندة 2063، والعمل مع الأشقاء والشركاء على التغلب على المعوقات الكبيرة التي تُعرقل تنفيذها، وعلى رأسها حشد التمويل للمشروعات الأفريقية الرائدة، مثل سد انجا، وممر التنمية الرابط بين البحر المتوسط وبحيرة فيكتوريا VICMED، والطريق البري القاهرة - كيب تاون، فضلاً عن استكمال شبكة الربط الكهربائي بين مختلف أنحاء القارة، وذلك إيماناً بمحورية مثل هذه المشروعات في دفع جهود التكامل الاقتصادي والاندماج القاري.
واعتبر رئيس الوزراء أن تحقيق الآمال المشروعة للشعوب الإفريقية في النمو والتنمية والازدهار، والتغلب على المعوقات التي تقف أمام ذلك، هو مسئولية الحكومات والشعوب الأفريقية في المقام الأول بلا جدال، مستدركاً بأن ضخامة كل من الفرص والتحديات التي تواجه القارة وشركائها الاستراتيجيين، مثل الصين، يفرض على الجميع التفكير خارج الصندوق وتبني مقاربات جديدة لتحقيق المصالح المشتركة.
وفي هذا الصدد، ثمن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مبادرة التنمية العالمية التي أطلقتها الصين عام 2021، والتي شددت على هدف قيادة الدول النامية لعمليات التنمية الاقتصادية وفقاً لأولوياتها الوطنية، مع فتح الباب على مصراعيه للاستفادة من التجربة الصينية في القضاء على الفقر وتحقيق قفزات عملاقة وسريعة على صعيد التنمية الشاملة والنهضة الاقتصادية.
وأشار إلى أن مصر تتفق مع هذا الطرح، ومضيفاً أن رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة تتكامل مع أولويات "المبادرة العالمية للتنمية"، وكذا "مبادرة الحزام والطريق".
كما أكد رئيس الوزراء إشادة مصر بالمبادرات العشر التي أعلن عنها الرئيس "شي جين بينج"، رئيس جمهورية الصين الشعبية، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للقمة صباح اليوم، تجاه تعزيز العلاقات الصينية ـ الأفريقية في كافة المجالات.
ومن هذا المنطلق، أشاد رئيس الوزراء ـ خلال كلمته ـ بالاختيار الموفق لموضوع نقاش جلسة اليوم "التحول الصناعي وتحديث الزراعة والتنمية الخضراء"، للارتباط الوثيق لهذه الموضوعات بتحديات اليوم والغد في مصر وفي القارة الأفريقية، وعلى رأسها توفير فرص العمل للمواطنين، والارتقاء بمستويات معيشتهم، وتلبية طموحاتهم في الحياة الكريمة.
وأكد رئيس الوزراء أن القارة الإفريقية في حاجة إلى شراكة حقيقية مع الصين التي نجحت في تحقيق طفرة صناعية، وهو ما يقع في إطار أهداف المنتدى الصيني الأفريقي، ويتسق كذلك مع مخرجات قمة الاتحاد الأفريقي الاستثنائية للتصنيع التي عقدت في نيامي بالنيجر عام 2022، والتي جددت التزام الاتحاد الأفريقي بتنمية وتعزيز هذا القطاع الهام، كما يتسق مع مبادرات الاتحاد الأفريقي ذات الصلة، وعلى رأسها مبادرة تسريع التنمية الصناعية في أفريقيا AIDA.
وأشار إلى ضرورة أن يتضمن ذلك، العمل على رفع قدرات ومهارات العمالة ونقل الخبرات، والاستفادة من الاتفاقيات التجارية المتعددة بين التجمعات الاقتصادية الأفريقية بهدف زيادة معدلات التصدير، فضلاً عن تحفيز القطاع العام والخاص الصيني لتوجيه مزيد من الاستثمارات الصينية إلى الدول الأفريقية لدفع جهود توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا، والاستفادة من القدرات الكبيرة التي تمتلكها بلدان القارة، وأيضا من خلال نقل المعرفة وتبادل الخبرات.