اقتراع فى الانتخابات
واستعرضت المؤسسة المشهد السياسى بشكل عام، وتحركات القوى السياسية المختلفة، وما يثار على الساحة، مقدمة عدد من التوصيات للدولة المصرية من شأنها تعزيز شفافية الانتخابات ونزاهتها، وإعطاء ضمانات سياسية تحفز على المشاركة الفاعلة فى الانتخابات من المرشحين والمواطنين.. وجاء نص التقرير على النحو التالى:
فى خطوة كبيرة نحو الاستحقاق الرئاسى، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات يوم الإثنين الموافق 8 يناير 2018 الجدول الكامل للعملية الانتخابية، والتى يفترض ان تنطلق أولى مراحلها فى الـ20 من يناير الجارى، وتعلن نتائجها الرسمية والنهائية فى الأول من مايو 2018، ومن ثم فقد انتقلت العملية برمتها إلى مربع جديد سيكشف عن التوجهات والنوايا والاستعدادات الحقيقية للمرشحين المحتملين.
وعلى الرغم من اقتراب فتح باب الترشح بعد أقل من أسبوعين، إلا أن الحراك السياسى فى مصر يشهد حالة من الجمود لا يرقى بقيمة التحولات الديمقراطية التى تشهدها مصر هذه الفترة، ولا يتناسب مع أهمية الحادث الفارق المتمثل فى ثانى انتخابات تعددية بعد ثورة 30 يونية، وثالث انتخابات بعد ثورة 25 يناير ورابع انتخابات رئاسية تعددية فى تاريخ مصر.
فبين حالة من الفراغ السياسى لدى غالبية الأحزاب السياسية المصرية، وبين غموض موقف الكثير من الشخصيات السياسية المحتمل ترشحها، بات هناك عدد محدود من المرشحين المحتملين خوضهم الانتخابات القادمة، حتى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى لم يُحدد موقفه بعد، الأمر الذى أثار حالة من التكهنات حول هوية الرئيس المرتقب لمصر، فيما برزت بعض التحركات من القوى المعارضة من أجل الخروج بمرشح رئاسى قادر على منافسة الرئيس السيسى حال ترشحه، فضلاً عن تحركات مستترة من قبل جماعة الإخوان كمحاولة للمشاركة بطريقة ما فى تلك الانتخابات.
وتأتى الانتخابات الرئاسية 2018 فى ظل الجدل فى وجود الكثير من الضمانات التى توفر حيادية ونزاهة الانتخابات، وذلك بعد تشكيل الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات التى نص عليها الدستور، والتى بدأت بالفعل ممارسة مهامها بتنظيم وإشراف كامل على الانتخابات التكميلية لمجلس النواب لمقعد دائرة جرجا بعد وفاة أحد النواب، ومن المقرر أن تقوم الهيئة الوطنية ببدء أول خطوة رسمية فى مسار الانتخابات الرئاسية بالإعلان عن فتح باب الترشح والجدول الزمنى للعملية الانتخابية بأكملها. ولكن يرى بعض الراغبين فى الترشح ان الضمانات غير كافيه .
وفى هذا الإطار يُصدر مرصد الانتخابات الرئاسية التابع لمؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان “مصر 2018″، تقريره الثالث حول متابعة الإجراءات والبيئة المحيطة بالعملية الانتخابية، استكمالاً لسلسة التقارير التى تقوم المؤسسة بإصدارها بشأن الانتخابات الرئاسية. فقد تم تناول الإطار الدستورى والقانونى باستفاضة فى التقارير السابقة، فيما يتناول هذا التقرير أبرز المرشحين المحتملين ودور الأحزاب السياسية فى الانتخابات، والحديث عن الضمانات اللازمة للعملية الانتخابية، فضلاً عن قراءة فى المشهد السياسى والاقتصادى والأمنى الحالى، وكذلك موقف جماعة الإخوان من الانتخابات الرئاسية، ودور الهيئة الوطنية للانتخابات وتعليقها على الشكاوى المقدمة إليها من بعض المرشحين المحتملين، من أجل الخروج بمجموعة من التوصيات التى قد تُسهم فى رفع كفاءة وحيادية العملية الانتخابية.
أولاً.. أبرز المرشحين المحتملين:
رغم اقتراب فتح باب الترشح للحدث الأكبر على الساحة المصرية والعربية، ألا وهو الانتخابات الرئاسية، إلا أن هوية المرشحين لخوض الانتخابات لم تتضح معالمها بعد، نظراً لغموض موقف العديد من القوى السياسية التى ترددت أسماؤها على الساحة، ووسط وجود رغبة لدى البعض فى خوض الانتخابات، ولم يتأكد بشكل نهائى سوى موقف الفريق أحمد شفيق الذى أعلن رسميا أنه لن يخوض السباق بعد أن كان قد اعلن رغبة معاكسة منذ أقل من شهر، وبين إعلان آخرين نيتهم خوض الانتخابات، تتناول السطور التالية أبرز الشخصيات التى يمكن تقدمها رسميًا بأوراق الترشح فى فبراير القادم:
عبدالفتاح السيسى:
هو الرئيس الحالى لمصر منذ يونيو 2014، بحصوله آنذاك على 23 مليون صوت انتخابى، ويرى مؤيدى الرئيس عبدالفتاح السيسى أنه نجح فى تحقيق التنمية الاقتصادية والنهوض بالاقتصاد فضلًا عن استقرار الأوضاع الأمنية فى عهده، ليأتى ترشحه لفترة رئاسية ثانية استكمالًا لما بدأه خلال السنوات الماضية، ورغم أن جميع المؤشرات تؤكد خوضه للسباق الانتخابى لدورة رئاسية ثانية، إلا أنه لم يعلن صراحة ترشحه بشكل رسمى حتى الآن.
ويرى البعض أن شعبيته تأثرت سلبًا خلال الفترة الماضية نتيجة إجراءات الإصلاح الاقتصادى التى أدت لزيادة معدلات التضخم وارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى تراجع معدلات السياحة وعدم زيادة الاستثمارات الأجنبية، ويرفض البعض ترشحه لفترة رئاسية ثانية من جانب قوى المعارضة بسبب استمرار العمليات الإرهابية وانسداد الأفق السياسى.
خالد على:
عاد المرشح خالد على من جديد ليعلن رسميًا نيته الترشح للانتخابات الرئاسية، والذى سبق وأن ترشح فى انتخابات 2012، وجاء ترتيبه السابع من بين 13 مرشح، وعلى الرغم من ضعف شعبيته بين جموع المواطنين، إلا أنه اعتاد فى الآونة الأخيرة الظهور كطرف فى منازعات قضائية كان أبرزها قضية تيران وصنافير، والتى كانت سببًا فى اتجاه الأنظار إليه وكسب شعبية خاصة لدى صفوف الشباب والنخب السياسية والحقوقية المعارضة للنظام الحالى الحاكم.
وأعلن خالد على عن ملامح برنامجه الانتخابى والذى يعتمد على فتح المجال العام وإطلاق الحريات المختلفة، كما اتخذ خطوات هى الأولى من نوعها فى الانتخابات المرتقبة وهى تعيين الصحفى خالد البلشى متحدثًا باسم الحملة وهالة فودة الاستاذة الجامعية وأمين لجنة الحريات بالحزب المصرى الديمقراطى مديرة للحملة وهو ما يعنى أنه يسير بجدية نحو إتمام ترشحه.
ورغم كونه ناشط حقوقى ومعروف لدى الأوساط السياسية المعارضة فى مصر إلا أنه لم يحظى بدعم أى حركة أو حزب سياسى حتى الآن بخلاف حزبه العيش والحرية الذى لا يزال تحت التأسيس ولم ينجح فى الوصول لعدد خمسة آلاف مواطن وهو الحد الأدنى اللازم لتأسيس الحزب رسميا فى مصر.
محمد أنور السادات:
سياسى مصرى، وعضو مجلس نواب لعدة دورات، وهو رئيس حزب الإصلاح والتنمية، فضلًا عن أنه رئيس واحدة من أهم الجمعيات التنموية وهو يستمد جزء كبير من شعبيته كونه ابن شقيق الرئيس السابق أنور السادات.
تم فصله من مجلس النواب الحالى، ويعد أحد معارض النظام الحالى ولم تعلن حتى الآن أية جهة دعمها للسادات فى الانتخابات القادمة، وهو يميل بشكل عام إلى التيار الليبرالى.
أسماء أخرى:
هناك الكثير من الأسماء المطروحة على الساحة من بينهم المستشار هشام جنينه الرئيس السابق للجهاز المركزى للمحاسبات، وكذلك تردد اسم عصام حجى الذى يعمل فى وكالة ناسا الفضائية، والذى عُين فى 2013 كمستشار علمى لرئيس الجمهورية لمدة 3 أشهر قبل أن يستقيل، إلا أن المبادرة التى طرحها تحت اسم "مبادرة الفريق الرئاسى"، لا يزال موقفها غامض.
وطرح العديد من الأشخاص أنفسهم كمرشحين للرئاسة، من بينهم السفير معصوم مرزوق، والمحامى عاطف النجمى، ورجل الأعمال محمود رمضان، والدكتورة منى البرنس، والسياسى محمد محى الدين.. أما العقيد بالجيش أحمد قنصوة الذى فقد حُكم عليه بالسجن 6 سنوات على خلفية مخالفته للتعليمات العسكرية.
ثانيًا.. المشهد السياسى:
وسط حالة من الفراغ السياسية تعيشه الأحزاب السياسية فى مصر، ونتيجة لفشل أغلبها فى إخراج مرشح حزبى يستطيع خوض الانتخابات القادمة، اتجهت معظم الأحزاب نحو دعم الرئيس السيسى وحثه على الترشح لفترة ولاية ثانية، استكمالاً لما حققه الرئيس من إنجازات طوال الأربع سنوات التى أوشكت على الانتهاء، ومن هذا المنطلق خرجت هذه الأحزاب للدفاع عن الرئيس السيسى باعتباره الوحيد القادر على بناء استكمال بناء مؤسسات الدولة ومواجهة التهديدات الداخلية والخارجية، وتخطت هذه الأحزاب تأييد السيسى إلى مهاجمة كل من يرغب فى الترشح كمنافس للسيسى وتشويه صورته، رغم أن دور الأحزاب وفق المفهوم السياسى أن تعمل للمنافسة على كافة مناصب الدولة بما فيها رئاسة الجمهورية والتنافس فيما بينها فى طرح البرامج الانتخابية المختلفة، ولكن نظرًا لحالة الضعف السياسى لدى الأحزاب المصرية فإنها اختارت الطريق الأسهل والذى يوفر لها الاستقرار وهو تأييد رئيس الدولة الذى تؤكد المؤشرات فوزه فى الانتخابات المقبلة.
وفى هذا الإطار انطلقت عدد من الحملات لحث الرئيس السيسى على الترشح ودعمه طوال فترة الانتخابات، كحملة كلنا معاك من أجل مصر، وحملة السيسى استقرار وتنمية، وحملة مع السيسى للحصاد، ولكن أهم هذه الحملات على الإطلاق هى حملة "علشان تبنيها" والتى سُرعان ما انضم إليها حزب مستقبل وطن الذى تبناها، تمكنت الحملة من افتتاح 168 مقًرا على مستوى الجمهورية للتواصل مع المواطنين بالإضافة إلى تعيين منسقين للقطاع الخارجى فى 36 دولة، وخلال 3 أشهر من إطلاقها نجحت الحملة فى جمع 12 مليون استمارة لدعم ترشح السيسى لفترة رئاسية ثانية.
وواجهت الحملة العديد من الانتقادات من قبل معارضين الرئيس عبد الفتاح السيسى باعتبارها محاولة لشحن الرأى العام لصالح السيسى فى الوقت الذى تتراجع فيه شعبيته، كما أن هذه الحملة تعمل دون السماح لحملات معارضة بجمع توقيعات لرفض ترشح السيسى، فضلاً عن عدم جدوى هذه الاستمارات، هى لن تتسبب فى فوز مرشح أو خسارته، فالفاصل فى الأمر هو صندوق الاقتراع وبطريقة سرية، وليس من خلال توقيع استمارات بشكل علنى وغير قانونى. وتواجه الحملة اتهامات بأن القائمين عليها هم رجال أعمال ورؤساء أحزاب سياسية، يسعون إلى تقديم الولاء للرئيس السيسى، كنوع من النفاق السياسى.
الأمر الذى قام على إثره عدد من المحامين وبعض المرشحين المحتملين، بتوجيه دعاوى قضائية تطالب السلطات بإصدار قرار بمنع توزيع استمارة الحملة، ومخاطبة الجهات التنفيذية والمحلية لغلق مقرات الحملة إداريًا وإزالة جميع لافتاتها لممارستها عمل سياسى دون ترخيص، فضلاً عن عدم بدء فترة الدعاية الانتخابية التى أقرها القانون، الأمر الذى يضرب بقواعد المساواة وتكافؤ الفرص عرض الحائط وتنهار معه الأسس الديمقراطية.
وعلى صعيد آخر، فشلت المعارضة حتى الآن فى التوحد خلف رؤية موحدة تتعلق بالانتخابات الرئاسية أو كيان سياسى يدعم مرشح منافس للسيسى، بسبب عدم وجود رؤية سياسية واقعية وعدم وجود تفاعل من المعارضين مع الأفكار التى يتم طرحها خاصة فى ظل وجود حيرة لدى عموم المعارضة فى تقبل المصالحة مع الإخوان من عدمه.
وبعد فشل محاولات ممدوح حمزة لخلق كيان سياسى من المعارضين لدعم أحد المرشحين فى مواجهة السيسى، اتجه عدد من الأحزاب لتشكيل كيان جديد لذات الغرض تحت مسمى "الحركة المدنية الديمقراطية" وأعلنت أنها لن تضم أى حزب أو شخصية تنتمى لتيار الإسلام السياسى وتدعم فكره ولكن هذه الحركة ومنذ الإعلان عنها منتصف ديسمبر الماضى اختفت عن الساحة السياسية كطبيعة الأحزاب المكونة لها والتى لا تنشط إلا للحظات محدودة دون فائدة تحققها.
ثالثًا.. ضمانات الانتخابات:
فى الوقت الذى اتجهت فيه الأنظار لمعرفة هوية المرشحين لانتخابات الرئاسة المصرية، خرج العديد من القادة السياسية والمحتمل ترشحهم للانتخابات القادمة، معربين عن استيائهم مما وصفوه بالتنكيل بمعارضى الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأن الدولة المصرية لا تريد منافساً للسيسى فى الانتخابات القادمة، ومن هذا المنطلق، أخذت القوى السياسية التحرك لوضع ضمانات لإجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، كان أول من اقترح مثل هذه الضمانات عالم الفضاء المصرى عصام حجى عندما أعلن عن تدشين مبادرة الفريق الرئاسى، وكان آخر من تحدث عن ضمانات الانتخابات هو المرشح المحتمل للرئاسة خالد على.
وتشابهت تقريبًا جميع الضمانات التى نادت بها القوى السياسية، والتى جاء أبرزها إنهاء حالة الطوارئ منذ الإعلان عن فتح باب الترشح للانتخابات، وهو المطلب الذى اتخذته المعارضة كذريعة للتشكيك فى نزاهة العملية الانتخابية رغم عدم البدء الرسمى فى إجراءاتها حتى الآن، وبالرغم من أهمية حالة الطوارئ فى سبيل مواجهة الإرهاب الذى تشهده مصر هذه الأيام، إلا أن إعلان حالة الطوارئ وحدها لم يثبت جدواها فى دحر الإرهاب، بل تسببت فى خلق موجة من التشكيك فى سعى الحكومة وعلى رأسها الرئيس السيسى فى إجراء انتخابات حرة ونزيهة.
وشملت المطالبات فتح المجال العام لكافة المصريين للتعبير عن إرادتهم فى اختيار حاكمهم ومحاسبته، وكذلك إطلاق حرية الصحافة والرأى والتعبير وحرية تداول والمعلومات وإلغاء الحجب عن المواقع الإلكترونية الصحفية والحقوقية، وهو المطلب الذى طالما نادت به المنظمات الحقوقية نظرًا لوجود حوالى 465 موقع اليكترونى تم حجبهم.
كما تم مطالبة الهيئة الوطنية للانتخابات بأن تتدخل لوقف الدعاية الصريحة والمباشرة للرئيس الحالى عبدالفتاح السيسى، والمتمثلة فى حملات الدعم التى تطالبه بالترشح للانتخابات وعلى رأسها حملات "عشان تبنيها"، على الرغم من عدم تكليف الرئيس السيسى لأى جهة أو فرد بالقيام بحملات لدعمه.
وطالبوا كذلك بكفالة حق المرشحين وحملاتهم فى أن يلتقوا بالمواطنين وينشروا دعاياتهم ويعقدوا مؤتمراتهم وهو حق مكفول فى الدستور والقانون.
وكذلك هناك مطالبات بضرورة التزام أجهزة الدولة التى تشارك فى العملية الانتخابية بمعايير الحياد والموضوعية . وكذلك هناك مطلب بوقف استخدام المال العام عن الدعاية لمرشح أو ضد مرشح بطريق صريح أو مستتر، هو من محظورات الدعاية الانتخابية التى أقرها قانون الانتخابات الرئاسية فى مادته الثامنة عشر.
وهناك دعوة لإجراء تعديل تشريعى لفترة الدعاية الانتخابية لتكون بين ثلاثة إلى أربعة أشهر على الأقل، بدلاً من 21 يومًا التى يقرها القانون، رغم أنه لم يعد يفصلنا على بدء الانتخابات بشكل رسمى سوى أقل من 40 يوم.
كما يوجد مطلب آخر وهو دعوة وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدنى لمتابعه العملية الانتخابية.
ويمكن القول بأن هناك مطالب جيدة يجب النظر فى مدى توافرها ويجب ان تضعها الهيئه الوطنيه نصب أعينها وتعمل على توافرها وهناك جانب كبير من هذه الضمانات مكفول بالقانون ولا يمكن الحكم بعدم توافرها إلا بعد التأكد من ذلك أثناء الانتخابات وممارسه الإجراءات وتطبيق القانون على ارض الواقع.
رابعًا.. الهيئة الوطنية للانتخابات:
فى إطار استكمال تشكيلها وبناءها الإدارى انتقلت الهيئة الوطنية للانتخابات، برئاسة المستشار لاشين إبراهيم، إلى مقرها الجديد الذى تم اختياره بشارع قصر العينى بوسط القاهرة، وقامت بعقد مؤتمر صحفى فى 8 يناير 2018 للإعلان عن دعوة الناخبين للاقتراع للانتخابات الرئاسية وإعلان تفاصيل الجدول الزمنى للعملية الانتخابية برمتها.
وقالت الهيئة أن الناخبين المقيدة اسماءهم بقاعدة بيانات الناخبين مدعوون للإدلاء بأصواتهم بمقار اللجان الفرعية، وتجرى الانتخابات المشار إليها خارج مصر أيام الجمعة والسبت والأحد 16، 17، 18 مارس، وداخل مصر، أيام الإثنين، الثلاثاء، الأربعاء الموافقين 26، 27، 28 مارس، وحال الإعادة فسيتم إجراء الانتخابات خارج مصر أيام الخميس والجمعة والسبت 19، 20، 21 أبريل، وداخل مصر أيام الثلاثاء، والأربعاء، والخميس، الموافق أيام 24، 25، 26 أبريل.
كما أعلنت الهيئة إن الانتخابات ستجرى تحت إشراف قضائى تام، وسيكون لكل صندوق قاضٍ، وسنعمل على التيسير للناخبين، وأنه تم تشكيل لجان فى المحاكم الابتدائية، لنقل الموطن الانتخابى من محافظة لأخرى، وعملت الهيئة لتقريب اللجان الانتخابية وتسهيل الانتقال إليها.
وزاد رئيس "الوطنية للانتخابات"، أنّ الهيئة لن تتهاون فى تطبيق القانون، وسنعامل المرشحين بمساواة وممارسة حقهم فى الترشح.
وتتجه الهيئة لحذف أكثر من 2000 شخص مدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية بالإضافة للمتوفين من قاعدة بيانات الناخبين، وذلك فى إطار تنقية وتحديث قاعدة البيانات، ويعد الأشخاص المدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية وفقاً للقرار بقانون رقم 8 لسنة 2015، بشأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، محرومين من التصويت والترشّح فى الانتخابات المقبلة ولمدة ثلاث سنوات، ومن المقرر أن تخضع الانتخابات لإشراف قضائى كامل تحت إدارة الهيئة الوطنية حتى عام 2024.
وفى إطار ضمان حيادية المؤسسات الإعلامية فى تناول ملف الانتخابات الرئاسية يناقش المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المعايير الخاصة بالتغطية الإعلامية للانتخابات الرئاسية المقبلة، مع وضع قائمة المخالفات التى تقوم بها وسائل الإعلام مع وضع لائحة جزاءات لهذه المخالفات.
وفى هذا الإطار، أثار المرشح الرئاسى المحتمل ورئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات قضية هامة تناولها الإعلام بشكل واسع، حيث لفت إلى أنه لم يتلق ردًا على الخطاب الموجه للهيئة الوطنية للانتخابات، بتاريخ 15، 23 أكتوبر 2017، بشأن الضمانات والحيادية فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، لافتًا إلى أنه يحاول على مدى شهرين حجز قاعة بأحد فنادق وسط البلد فى القاهرة، لعقد مؤتمر صحفى للإعلان عن موقفه من الانتخابات الرئاسة،
ويرى البعض بان موقف الهيئة الوطنية للانتخابات فى عدم الرد على خطابات السادات وعدم التدخل لوقف حملة “علشان تبنيها” بأن الانتخابات لم تبدأ بعد ولم تعلن الهيئة من الأساس المواعيد المقررة لكل مراحل العملية الانتخابية بما فيها الدعاية الانتخابية بكافة أشكالها، بما يعنى أن تحرك حملة علشان تبنيها وغيرها عمل سياسى بعيدًا عن الهيئة.
خامسًا.. الإخوان والانتخابات الرئاسية:
تحاول جماعة الإخوان التمسك بجميع الأوراق الممكنة للظهور من جديد على الساحة السياسية، وتتشبث بجميع الخيوط التى من الممكن أن تقودها لتحقيق هذا الهدف، وعلى الرغم من إدراج الإخوان كجماعة إرهابية، إلا أنها لم تكُف عن السعى من جديد نحو كرسى الرئاسة المصرية، ورغم استحالة تحقيق ذلك خلال الفترة الحالية، إلا أن الإخوان وضعت نُصب أعينها عدة خطوات تمثل بريقًا من الأمل للوصول للحُكم ولو من خلف الستار.
دأبت الجماعة طوال الفترة الماضية على التشكيك فى الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها فى 2018، ووجهت منابرها الإعلامية للزعم بأن السلطات المصرية تمهد الطريق للرئيس السيسى للفوز بفترة ولاية ثانية، فضلاً عن الإطاحة بكل سُبل المعارضة والتنكيل بهم لعدم منافسة الرئيس السيسى، فى محاولة منها لإيصال رسالة إلى العالم بأن الرئيس السيسى هو الأقرب للفوز من خلال انتخابات بعيدة عن النزاهة والحيادية، وفى ذات الوقت أعلنت الجماعة بشكل رسمى رفضها أية انتخابات قادمة سواء رئاسية أو برلمانية دون وجود الرئيس الأسبق محمد مرسى فى منصبه الرئاسى.
وكشفت تحركات الجماعة عن الخطة الحقيقية التى ستسعى إلى تنفيذها الفترة القادمة ومنها الانضمام للمعارضة والتخلى عن آمال القيادة لبعض الوقت باعتباره أفضل الحلول خلال هذه الفترة، فدعم الإخوان للمعارضة بشكل مباشر سيعمل على ارتفاع قدرة المعارضة على منافسة الرئيس السيسى، وبالتالى إن نجحت فى الفوز بالانتخابات، سيكون هناك صلاحيات ولو محددة لجماعة الإخوان تحت القيادة السياسية الجديدة، ومن هنا ظهرت العديد من حركات المعارضة التى تسعى إلى تشكيل جبهة مضادة للرئيس السيسى واختيار مرشح قادر على منافسته.
وكان آخر الحركات التى تأسست الفترة الماضية "الحركة المدنية الديمقراطية" بقيادة محمد أنور السادات وخالد على وهشام جنينة، والعديد من الأحزاب المعارضة وعشرات الشخصيات العامة التى تسعى إلى خلق منافس قوى فى الانتخابات الرئاسية، وسُرعان ما لحقت هذه الحركة بمثيلتها "جبهة التضامن للتغيير" بقيادة ممدوح حمزة، الذى أعلن بعد سفره عن نيته تدشين حركة جديدة لم يعلن تفاصيلها حتى الآن.
ويمكن ان تتجه الجماعه الى الدفع بمرشح إخوانى غير محسوب على الجماعة، أى ينتمى فكريًا للجماعة، ولكن بصفة مستقلة، لم يسبق له الهجوم على الجيش والشرطة، ولم يتورط كذلك فى الاعتراف بما تردد له الجماعة "شرعية مرسى"، أى أن هذا المرشح شخص مدنى ذو سجل سياسى نظيف، وينتمى فكرياً للجماعة دون الإعلان عن ذلك، أما هوية هذا الشخص فهى مجهولة حتى الآن لسببان، الأول أن الجماعة لا تريد حرق مثل هذه الورقة التى ستضع عليها بعض آمالها الفترة القادمة، والسبب الثانى هو عدم الاستقرار داخل الإخوان حول الدفع بممثل للجماعة أم دعم أحد المعارضة، وبالتالى من المؤكد أن الجماعة تضع عدد من البدائل للانتخابات القادمة.
سادسًا.. المشهد الأمنى:
تأتى الانتخابات الرئاسية فى مصر فى ظل حرب أعلنتها الدولة المصرية ضد الجماعات الإرهابية التى توغلت وارتفعت وتيرة أعمالها الخسيسة عقب ثورة يناير 2011، نتيجة للانفلات الأمنى وخاصة فى محافظة شمال سيناء؛ فضلاً عن تداعيات ثورة 17 فبراير من نفس العام فى ليبيا، وسقوط مخازن الأسلحة التى كان يقتنيها نظام القذافى فى أيدى الثوار، والتى وفًرت كميات لا حصر لها من الأسلحة المتطورة مختلفة الأشكال والأنواع، تم تهريبها إلى سيناء، الأمر الذى تسبب فى تزايد وجود الجماعات الإرهابية والتكفيريين فى شبه الجزيرة.
وارتفعت وتيرة العمليات الإرهابية بشكل ضخم بعد ثورة الثلاثين من يونيو عام 2013، التى تسببت فى عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى، وتوسعت دائرة استهداف قوات إنفاذ القانون والمساجد والكنائس لتكشف الجماعات الإرهابية عن وجهها الحقيقى والتخلى عن الستار الدينى الذى طالما اتخذته ذريعة لتبرير عملياتها الإجرامية، ولم تعد تفرق بين مدنى أو عسكرى، ولا مسلم أو قبطى؛ الأمر الذى ترتب عليه استمرار فرض حالة الطوارئ فى البلاد حتى الآن.
ونجحت قوات إنفاذ القانون فى شن العديد من الضربات الاستباقية لمعاقل التكفيريين والجماعات الإرهابية خاصة فى شمال سيناء، إلا أن العمليات الإرهابية لم تتوقف، وباتت تقع من حين لآخر عدد من الهجمات التى أزهقت الكثير من أرواح أبناء الوطن، ولعل الأحداث الأخيرة التى شهدتها مصر قبيل الاحتفالات بأعياد الميلاد ورأس السنة، تكشف عن حجم التحديات التى لا زالت تواجهها الدولة المصرية فى الحرب على الإرهاب.
وقد أصبحت الأوضاع الأمنية عامل ضغط تستغله أفراد وحكومات للضغط على مصر سياسيًا، وخير دليل على ذلك هو حادث الطائرة الروسية الذى ترتب عليه انقطاع السياحة الروسية لمدة تخطت العامان بحجة غياب الأمن، وكذلك قيام الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرًا بعرض مشروع قانون فى الكونجرس بهدف حماية الأقباط فى مصر.
سابعًا.. الوضع الاقتصادى:
تأتى الانتخابات الرئاسية فى ظل أوضاع اقتصادية بالغة الصعوبة والتعقيد حيث أن هناك غضب شعبى كبير من ارتفاع الأسعار للسلع والخدمات، فيما تواصل الدولة إنشاء المشروعات القومية الكبرى لتوفير فرص العمل وتهيئة بيئة مناسبة للاستثمار الأجنبى مع زيادة التوقعات الإيجابية من المؤسسات الدولية بشأن تحسن الاقتصاد المصرى وهو ما ينعكس على الانتخابات الرئاسية بشكل أساسى.
ويعد عام 2017 هو حصاد السياسات الاقتصادية وخطط الإصلاح المالى التى اتبعتها الدولة منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى رئاسة الجمهورية فى يونيه 2014، وشهدت المؤشرات الاقتصادية فى عام 2017 وصول معدل التضخم إلى أعلى مستوياتها منذ 30 عامًا، فقرر البنك المركزى رفع أسعار الفائدة لتصل إلى 18.75%، و19.97% على التوالى، من أجل العمل على سحب السيولة من السوق، لكبح جماح التضخم.
وحققت البورصة المصرية أعلى مؤشر لها فى 2017، لم تشهده من قبل سواء فى حجم التداول، أو حجم القيد للشركات، كما أنه بالرغم من التحديات الاقتصادية، شهد 2017 أكبر مؤشرات لافتتاح المشروعات القومية، وجذبت مصر منذ قرار التعويم فى نوفمبر 2016 نحو 40 مليار دولار عبر الاستثمارات والتحويلات من الخارج.
وتعد السياسات الاقتصادية هى العامل الرئيسى الذى استغلته المعارضة للعمل على خفض شعبية الرئيس السيسى عما كانت عليه عام 2014، حتى وإن ظل متمسكًا بقبول شعبى يؤهله للفوز بفترة رئاسية ثانية.
ولذلك، فإن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ستكون لها أهمية كبيرة على مجريات الانتخابات الرئاسية، فما بين القبول الشعبى للرئيس السيسى، وبين تحمل المواطن للأعباء الاقتصادية والمعيشية.
التوصيات
من خلال استعراض المشهد السياسى بشكل عام وتحركات القوى السياسية المختلفة والمرشحين المحتملين وما يثار على الساحة يمكن تقديم عدد من التوصيات للدولة المصرية من شأنها تعزيز شفافية الانتخابات ونزاهتها، وإعطاء ضمانات سياسية تحفز على المشاركة الفاعلة فى الانتخابات من المرشحين والمواطنين، وتتمثل هذه التوصيات فى الآتى:
- وضع ضمانات لعدم إساءة استخدام إعلان حالة الطوارئ حيث إنه توجد تخوفات من استخدامها ضد المرشحين والتعرض لتحركاتهم الدعائية من مؤتمرات جماهيرية وجولات بين المواطنين واستخدام الوسائل الدعائية المختلفة.
- اتخاذ الهيئة الوطنية للانتخابات الإجراءات اللازمة فى مواجهه الحملات التى تطالب الرئيس السيسى بالترشح لفترة ثانية حيث إنها تتعارض مع القوانين والإجراءات المنظمة للانتخابات وقواعد المنافسة العادلة.
- تفاعل الهيئة الوطنية للانتخابات بشكل سريع مع كل الشكاوى التى تعرض عليها بخصوص الانتخابات الرئاسية حتى قبل بدء المواعيد الرسمية للعملية الانتخابية، لأن الهيئة مخولة بكافة ما يتعلق بأمور الانتخابات والاستفتاءات بشكل دائم، وتفاعل الهيئة مع كل ما يتعلق بالانتخابات يعزز الثقة ويزيل أجواء الشك لدى المهتمين بالعملية الانتخابية.