البث المباشر الراديو 9090
البابا تواضروس بكنيسة مارجرجس
ألقى البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، اليوم السبت، كلمة خلال تدشين كنيسة مارجرجس فى عين شمس.

وجاءت الكلمة بعنوان" ماذا فى قلبك؟ "، وتضمنت:

"باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين.. تحل علينا نعمته وبركته من الآن وإلى الأبد آمين..

نشكر الله أنه أعطانا فى هذا الصباح المبارك أن ندشن هذه الكنيسة الكبيرة.. نفرح بتدشين مذابحها على اسم الشهيد العظيم مارجرجس والمذبح البحرى على اسم العذراء مريم والقديسة مريم المجدلية والمذبح القبلى على اسم القديس الشهيد مارمرقس الرسول، وتدشين أيقونات الكنيسة المباركة كنيستكم جميلة وحلوة، وواضح فيها مجهود كبير.. وربنا يعوض الجميع نيافة الأنبا هرمينا وكل الأباء الكهنة المباركين فى هذه الكنيسة، وكل الأراخنة والشمامسة والخدام والخادمات وكل شعب الكنيسة وهذه المنطقة.

إننا فى الصوم الكبير، وغدًا الأحد منتصف فترة الصوم، وفترة الصوم المقدسة لها ثلاث محطات، الأولى فى يوم الرفاع والثانية فى أحد النصف والثالثة فى جمعة ختام الصوم.

وعن المحطة الأولى وهى "أحد الرفاع"، "تعلمنا الكنيسة وتقدم لنا تدريبًا (ادخل مخدعك وأغلق فمك) أى يدخل الإنسان إلى قلبه، وهذا هو مخدعه، ويغلق بابه الذى هو فمه عن الطعام والكلام، ففترة الصوم هى فترة روحية خاصة نرتفع فيها فوق كل متطلبات الجسد حتى وإن كان بالكلام، لنفرغ نفوسنا ويصير لنا حديث مع الله دائمًا.. ففترة الصوم هى فترة شخصية فردية تُقدِم فيها الكنيسة وجبات روحية.. فالصوم فترة تساعدنا أن نعيش فى الحياة النٌسكية، وحياة الزهد والتقشف، فليس فى ملكوت السموات أكلًا ولا شربًا، أى نتدرب على وجودنا فى السماء.. الأطعمة النباتية هى أطعمة الفردوس ففى الفردوس كان الطعام من الأشجار ونباتات الأرض.

دائمًا أدخل إلى مخدعك وأغلق بابك لأنك طول السنه خارج قلبك، فيأتى وقت الصوم ويصير من المناسب أن يأتى الإنسان، ويفتش فى قلبة لأن القلب هو الذى سوف نأخذه معنا، ونقف به أمام الله يوم الدينونة أمام الديان العادل، ويفتح قلوبنا ويرى ما فيها.. لذلك القلب مختفى فى حياتنا لا يراه أحد، وما فى القلب يراه الله، فهل قلبك به الفضيلة والمشاعر الإيجابية؟ هل قلبك متسع ويحمل كل أحد ؟

أما عن المحطة الثانية وهى "أحد النصف" الموافق غدًا، فى قصة السامرية ولقاءها بالسيد المسيح ونقرأ كلمات "كل من يشرب من هذا الماء يعطش" كما قال لها السيد المسيح، فكل من يشرب من ماء العالم يعطش، لذلك نُسميه بحر هذا العالم الذى لا يروى، لن يقدم لك العالم شيء يشبعك، ربما يشبعك قليلًا ولكن لن يشبعك مدى الحياة.

فهناك يهتم بالشهرة مهما شرب لا يشبع وفى واحد يشرب من المال والمناصب ولن يشبع سوف يعطش، فلتجعل الماء الذى تشرب منه هو الماء الحى.. ويقصد بها الحياة الروحية التى لا تستطيع أن ترويها عندما تقف للصلاة وترفع يدك فأنت تشرب من الماء الحى، وعندما تتقدم للتوبة والاعتراف والأسرار المقدسة، فأنت تشرب من الماء الحى وترتوى، ونسمع داود النبى فى مز 42 يقول: "كما يشتاق الإيل إلى جداول المياه.. هكذا تشتاق نفسى إليك يا الله.. عطشت نفسى إلى الله إلى الإله الحى.. متى أجيء وأتراءى أما الله.. يا بخت الإنسان المشتاق دائمًا لربنا وللماء الحى.. من لا ينشغل بالتراب والأرض وفقط فكره نحو السماء، ومحطة المنتصف تقول لك انتبه هل استفدت أم لا؟ ومن حكمة الكنيسة أنها وضعت قصة السامرية فى المنتصف.

وعن المحطة الأخيرة فى الصوم فهى "جمعة ختام الصوم"، ونقرأ فيها الكلمات القاسية التى قالها السيد المسيح موجهها إلى أورشليم كما ذكرها إنجيل متى 23: 37 «يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا!"، وتأتى العبارة التالية أكثر صعوبة "هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا"، فالكلمات موجهة للنفس، والنفس هى أورشليم، فكم مرة تأتى الفرصة من السيد المسيح ويضيعها الإنسان، فأين هى توبتك ونقاوتك وإرادتك؟

وكلنا نعرف المثل "سمكة كبيرة وميتة وسمكة صغيرة وحية والسمكة الميتة تمشى مع التيار، لكن السمكة الحية لها أرادة وتستطيع أن تمشى عكس التيار".

لذا فترة الصوم هى أيام ثمينة فلا تتركها دون استفادة من كل ساعة فيها، اقرأوا فى الكتاب المقدس، اجتهدوا فى الأصوام النباتية و والانقطاعية، والكنيسة تعلمنا الأصوام والنغمات والألحان الكثيرة، وإن لم يكن لك أعمال رحمة واضحة فى حياتك، فاصنع أعمال رحمة فى حياتك، فلا يكن قلبك حجر وكن رحيمًا، فطوبى للرحماء على المساكين.

نحن اليوم سعداء بتدشين هذه الكنيسة الجميلة.. فعلا كنيستكم حلوة وأول مرة آتى إلى هنا، وهى حلوة كمان بشعبها وبكل شعب عين شمس ونيافة الانبا هيرمينا كثير دعانى، ولكن كنت أتأخر حتى جاء الوقت المناسب وأفرح معكم.. وطبعًا كل الآباء الأساقفة والآباء الكهنة فرحانين بالكنيسة الجميلة.

ربنا يحفظكم ويبارك فى حياتكم وكل بيت وكل الآباء الكهنة إللى يخدموا هنا والناس إللى فى المسرح وفى الكنيسة الأثرية والقديمة والأنبا تيموثاوس وكل الحضور.

لإلهنا كل المجد والكرامة من الآن وإلى الأبد.. آمين".

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز