الصلاة
وأكدت الإفتاء، أن الفقهاء اتفقوا على أنه لا تسليم من سجود التلاوة إذا كان فى الصلاة، واختلفوا فى التسليم منه فى غير الصلاة؛ فمذهب الجمهور؛ من الحنفية، والمشهور عند المالكية، والقول المقابل للأصح عند الشافعية، ومقابل المختار عند الحنابلة، وهو المفتى به، أنه لا تسليم من سجود التلاوة فى غير الصلاة، كما لا يسلم منه فى الصلاة، ولأن التسليم تحليل من التحريم للصلاة، ولا تحريمة لها عند الحنفية ومن وافقهم، فلا يعقل التحليل بالتسليم.
ومن الفقهاء من يرى أن التسليم من سجود التلاوة فى غير الصلاة مشروعٌ، حيث يقول الإمام ابن قدامة الحنبلى فى "المغنى" (1/ 445، ط. مكتبة القاهرة): [اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِى التَّسْلِيمِ فِى سُجُودِ التِّلَاوَةِ: فَرَأى أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَبِهِ قَالَ أَبُو قِلَابَةَ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَرُوِى أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ؛ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: قَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا التَّسْلِيمُ فَلَا أَدْرِى مَا هُوَ.
وقَالَ النَّخَعِيّى وَالْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ: لَيْسَ فِيهِ تَسْلِيمٌ، وَرُوِى ذَلِكَ عَنْ أَبِى حَنِيفَةَ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِيهِ. وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الَّتِى اخْتَارَهَا الْخِرَقِى قَوْلُ النَّبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: "تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ"، وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ ذَاتُ إحْرَامٍ، فَافْتَقَرَتْ إلَى سَلَامٍ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى تَشَهُّدٍ.
وأكد أنه لا تسليم من سجود التلاوة فى الصلاة باتفاق الفقهاء، أما خارجها فمحل خلاف بين الفقهاء، فمن سلَّم فلا حرج عليه، ومن ترك التسليم فلا حرج عليه أيضًا؛ إذ من المقرر شرعًا، أنه "لا ينكر المختلف فيه".