توأم ملتصق
وحددت الإفتاء الضوابط لإجراء عملية فصل التوأمين الملتصقين فى أن يكون القائمون بإجرائها من الأطباء المتخصصين، وأن يكونا بالغين عاقلين ويعطيان الإذن بإجرائها، فإن كانا ناقصى الأهلية، فإن حق ولاية الإذن بالجراحة يعتبر بحسب قوة التعصيب، ويليهم فى سلطة الإذن صاحب الولاية العامة، وهو الحاكم أو القاضى.
وأضافت أنه يجب ألا يترتب على التوأمين مفسدة تفوق مفسدة بقائهما ملتصقين كوفاتهما، أو تلف عضو من أحدهما فى مقابل سلامة الآخر، وكذلك يحرم إجراء الجراحة لو غلب على الظن حصول ذلك، وكذلك إذا أكد الأطباء المختصون باليقين أو الظن الغالب أن أحدهما سيعيش بعد الفصل والآخر سيموت، أما إذا كان الاستمرار على ذلك سيسبب وفاتهما جاز الفصل، وأشارت دار الإفتاء إلى أنه يصعب وضع ضابط واحد لكل الحالات، إذ ينبغى أن تدرس كل حالة على حدة.
وتابع جواب دار الإفتاء أنه لا يجوز لطبيب إجراء الجراحة إذا لم يوافق عليها من له حق الإذن، فإن كانت هناك فرصة كبيرة لنجاح عملية الفصل ورفضت أسرة التوأمين، فإنه لا يتم إجراء العملية إلا بعد رفع الأمر للقاضى؛ ليرفع النزاع فى هذا الأمر.
وأوضحت أنه لا يجبر التوأمان عليها إن كانا بالغين عاقلين، طالما كانا راضيين بما ابتليا به، بخلاف ما إذا قبل أحدهما ورفض الآخر، فيرجع حينئذ للأطباء المختصين، فإن قالوا بإمكان إجراء جراحة الفصل الآمن بين التوأمين، جاز إجبار الرافض منهما عليها؛ لما فى امتناعه من مضارة أخيه.
جاء ذلك خلال رد الإفتاء على سؤال أحد المواطنين حول جواز إجهاض الأم الحامل إذا اكتشف وجود توائم ملتصقة أثناء الحمل؟
وهل التوأمان الملتصقان روح واحدة أو اثنتان؟ وهل يحق للتوأمين الملتصقين الزواج، وما الحكم والكيفية؟
وأضافت الإفتاء، أنه بخصوص حكم الإجهاض إذا ما اكتشف الطبيب وجود توائم ملتصقة أثناء الحمل، فإن مرّ على الحمل مائة وعشرون يومًا فأكثر فى بطن الأم، فقد نفخت فيه الروح، وإذا ما نفخت الروح فى الحمل لم يجز إسقاطه، وكان إسقاطه قتلًا للنفس التى حرم الله تعالى قتلها إلا بالحق، أما إذا كان الحمل لم تنفخ فيه الروح بأن كان قبل هذه المدة فيجوز إسقاطه والحالة هذه طالما لا يوجد ضرر محقق أو مترجح على الأم من جَرّاء الإجهاض؛ وذلك اتقاء للمشكلات التى تتلازم مع ولادة التوائم الملتصقة، وقد أجاز بعض العلماء إسقاط الحمل قبل نفخ الروح فيه إذا كان ثمَّ عذر معتبر.
ولفتت إلى أنّ كل واحد من التوأمين شخص مستقل له روح مغايرة للآخر فهذا مما لا ينبغى التوقف فى صحته، ومن أبلغ الأدلة عليه أن كل واحد منهما يكون له تفكيره وميوله التى قد لا يشاركه فيها الآخر، وقد يموت أحدهما ويبقى الآخر حيًّا بعده زمنًا كما هو مشاهد معلوم، وهذا لا يكون إلا أن يكون كل منهما متميزًا عن الآخر بروحه وشخصه.
وأما عن زواج التوائم الملتصقة، فإن الزواج عقد من العقود متى توفرت فيه شروطه وأركانه كان عقدًا صحيحًا، ولا تؤثر حالة الالتصاق فى إفساد العقد؛ لأنها أمر خارج عنه.
وأشارت الإفتاء، إلى أن كيفية ممارسة الحياة الزوجية فهذه أمور إجرائية تفصيلية تخضع لأحكام الشرع الكلية وقواعده العامة التى منها أن "الضرر يزال"، وأن "الضرورات تبيح المحظورات"، وأن "ما أبيح للضرورة فإنه يقدر بقدرها"، ونحو هذا من القواعد التى يتفرع عنها فى هذا الصدد الأحكام الشرعية، والشريعة المطهرة تستوعب هذا وغيره بمرونتها وسعتها وإحاطتها، والتفصيل فى كل حالة بحسبها.