
حفل تدرشين كنيسة أبى سيفين
هذا اليوم يوم تدشين الكنيسة المباركة كنيسة القديسين الشهيدين الشهيد أبى سيفين والشهيدة دميانة فى هذه الإيبارشية المحبة للمسيح، وفى هذا اليوم تذكار لأمنا العذراء مريم "21 من كل شهر قبطى" فهو يوم عيد لأمنا العذراء وللقديسين فكل مذبح له اسم قديس، ونعتبر أن يوم التدشين هو يوم شهادة ميلاد الكنيسة، والكنيسة المحلية يصبح لها عيد سنوى هو عيد تدشينها.
يعيش نيافة الأنبا تادرس، ويعمر والآباء الكهنة الأحباء فى هذه الكنيسة، وأحب أن أذكر أسمائهم "أبونا القمص مينا عبدالله، والقس إثناثيوس فؤاد، والقس بساده دانيال، والقس فيلوباتير عبدالملك، والقس بولس عدلى والقس كاراس غالى، والآباء الأساقفة والمطارنة الحاضرين"، فكل الآباء فرحانين ويشاركونا هذه الفرحة، نفرح بالوجود معكم فى هذه الكنيسة وهذه الإيبارشية.
أود أن أقول لكم فى مناسبة التدشين بعض العلامات لنعيش بها:-
أولًا:- علو الكنيسة "حياة السمو" فعلو سقف الكنيسة ليس الغرض منه بناء مبنى شاهق لكن ليعلمنا حياة السمو وأقوى طريق للسمو هو الصلاة، فصلواتنا التي نرفعها حتى وإن كانت قصيرة أو قليلة ترفع الإنسان للسماء، فداود النبى فى مزمور 55 قال عبارة جميلة "ليت لى جناحًا فأطير وأستريح" فكلما تدخل هذه الكنيسة تتذكر كيف أن الراحة فى القرب من السماء، والسيد المسيح وكنيستنا تعلمنا أن لا نحب التراب والأرض، نحن نعيش فى الأرض كل منا يمارس مسئوليته لكن دائمًا فكرك فى السماء وفترة الأصوام القادمة الصوم الأربعينى وأسبوع الآلام هى فترة ليسمو الإنسان ويرتفع.
وفى كل مرة فى القداس تستمع للكنيسة تقول "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التى فى العالم" كالأم التى تربى أولادها تكرر لكى يتعلم ابنها ويعيش ويتمتع ويأخذ خبرة الحياة، نحن لا نكره العالم فنحن نذاكرونعمل ونجتهد ونخدم ولكن تفعله بروح وفكر السماء ومن أجل السماء.
ثانيًا:- إتساع الكنيسة بمعنى إتساع القلب بالمحبة للكل، فقلب الإنسان بلا محبة مسكوبة من الله يصير ضيقًا فلا يعرف كيف يحب من حوله حتى نفسه، فعندما تدخل الكنيسة لا تنبهر بشكلها المعمارى، بل فى إتساعها تعلم قلبك أن يكون أكثر إتساعا، الله فى رحمته واسع القلب وعندما يأتى آحاد الصوم الكبير نختبر هذا من خلال لقاء السيد المسيح مع السامرية والمفلوج منذ 38 عامًا والمولود أعمى، وأيضًا فى مثل الابن الضال نرى الأب الذى قابل ابنه الذى عامله بخشونة معتبرًا أباه فى عداد الموتى، طلب ميراثه وما يخصه وتاه فى الخطية وعندما رجع استقبله بالأحضان ووهبه نعم حلة جديدة وخاتم وحذاء وذبح العجل المسمن.
أحيانا قلبنا خلال الحياة يمتلئ خصومات ومشاعر سلبية تجاه الآخرين، لكن الإنسان الشاطر هو الذى يجمع فى قلبه محبة الناس وقبل هذه محبة الله فيكون فى ذاته مستريحًا، تذكر كلما ترى إتساع الكنيسة إتساع قلب الله الذى يقبل كل أحد، وقلبك يكون متسع بالمحبة لكل أحد من خلال المحبة المسكوبة من على عود الصليب، فالقديس بولس الرسول يقول فى رسالة رومية "محبة الله قد إنسكبت فى قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا". ففى الأحد المقبل أحد الرفاع وأنت تصلى القداس استعدادًا للصوم ستسمع هذه العبارة "أدخل إلى مخدعك وأغلق بابك" "مت 6 : 6" فالمخدع هو القلب الداخلى فعندما تجدد متجرًا يعلق لافته تقول "مغلق للتحسينات" ضعها على قلبك فى الصوم لتكون بداخله لتنقيه، فالله طلب قلبك "يا ابنى أعطينى قلبك"، وأغلق بابك أى الفم عن الطعام وعن الكلام، هذا ليس تدريبًا صعبا لكنه أصل الإستفادة فى الصوم.
ثالثًا:- الزيت وقت التدشين، دعوة أن تمتلئ قلوبنا بالرحمة، فالصلوات الأولى فى وقت التدشين دائمًا ما يكون المرد "كيرياليسون" طالبين الرحمة، وقرب النهاية تكون المردات كلمة "آمين"، أى استجب يا الله، وفى النهاية عند صب الزيت وكل الآباء المطارنة والأساقة نمسح جسم المذبح بزيت الميرون، وقتها يكون المرد "الليلويا" الفرح، طلبنا الرحمة والاستجابة من الله فكان الفرح وقت المسح بزيت الميرون.
الزيت فى الكتاب المقدس إحدى معانيه هو الرحمة فكان يستخدم وقت استقبال الضيوف ومسح الملوك، الزيت الذى نستخدمه لمسح جسم للمذبح هو للتدشين والتخصيص كما رشم الطفل بـ36 رشمه فتصير مدشنا ومخصصًا للمسيح، فالزيت فى معناه يشر إلى الإنسان الذى يستطيع أن يقدم رحمة ويتعامل مع من حوله بلطف لا يكون فظا بل رقيقًا، وقتما ذهب السيد المسيح ليعتمد من يوحنا المعمدان خاطبه "اسمح الآن" فالزيت وقت التدشين دعوة أن تمتلئ قلوبنا بالرحمة، فنحن نرتل فى الصوم الكبير المديحه المعروفه "طوبى للرحماء على المساكين" فوجود الزيت هو علامة ونداء للرحمة.
وهناك ثلاثة أشياء نتعلمها من فرحة يوم التدشين:-
1- الكنيسة العالية وهى حياة السمو بالصلاة.
2- الكنيسة متسعة لتجعل قلبك متسعًا بالحب لكل أحد.
3- زيت الميرون المستخدم لتشين المذبح والإيقونات نداء لتصنع رحمة مع كل أحد.
ربنا يحافظ عليكم، ويعيش نيافة الأنبا تادرس، ويعمر فى الإيبارشية، واليوم هو تذكار السنة الثالثة لترقية الأنبا تادرس، مطرانا، وكل الآباء المطارنة والأساقفة يشاركونا فرحتنا، ربنا يبارك حياتكم وخدمتكم والآباء الكهنة فى هذه الإيبارشية والشمامسة والشعب والخدام والخادمات ومجالس الكنائس وكل الذين يخدمون ربنا يبارك خدمتكم ويكون معكم دائمًا.
أحب أن أسجل الشكر أيضا إلى عادل غضبان، محافظ بورسعيد، لمحبته وتعبه وإلى كل القيادات الأمنية التى معنا، ونصلى من أجل أن يحفظهم الله ويحفظ كل القيادات التى تحمل مسئولية كبيرة فى هذه المحافظة، كما قلت أمس أنها كأيقونة جميلة بين محافظات مصر فبورسعيد مشهورة بأنها المدينة الباسلة بتاريخها الجميل وحاضرها المشرق أيضًا، ربنا يحافظ عليكم ودائمًا فرحانين.

