الدكتور محمد مختار جمعة
والكتاب يلقى الضوء، على فن الكتابات والجمل القصيرة، مع بيان الفرق بين الحكمة والمثل، والتوقيع المقتبس والمبتكر، والتغريدة والبوست، مبرزًا الخصائص الفنية لكل فن من هذه الفنون الإبداعية.
ويبين الكتاب أن التغريدة والبوست لا يأتيهما القبول والرفض من جهة كون أى منهما وسيلة تعبير، وإنما من جهة ما يتضمنه أى منهما من قيم أو يثيره من انحلال قيمى، وكون ما ينشر من خلالهما دعوة للبناء أو وسيلة للهدم.
ويقدم للقارئ نماذج مختارة بدقة وعناية من الحكم والأمثال والتوقيعات، مبرزًا بلاغة فن التوقيع التى جعلت جعفر بن يحى البرمكى يقول "إن استطعتم أن يكون كلامكم كله توقيعًا فافعلوا".
وفى مقدمة الكتاب قال وزير الأوقاف، إن الأدباء والشعراء والبلغاء والفصحاء والكتَّاب تفننوا فى ضروب القول ووجوهه ما بين "شعر، وقصة، وأقصوصة، ورواية، ومقالة، ومقامة، ورسالة، وحكمة، ومثل، وتوقيع، وتغريدة، وبوست"، كما تفننوا فى وجوه الإبداع من الإيجاز، والتركيز، والتكثيف فى كتابة الجمل القصيرة التى تمثلت فى أدبنا القديم فى فنون "الحكم والأمثال، والتوقيعات، وبعض الوصايا، والرسائل القصيرة المحكمة".
وأوضح أن الأمر تطور فى العصر الحاضر ليشمل "التغريدة، والبوست، والبرقية، والتلغراف"، وإن كان الأخيران جُنح بهما إلى النمطية إلا ما ندر، فى حين لجأ بعض الكتاب إلى فن كتابة الجمل القصيرة تحت مسميات أخرى عرفوا بها وعرفت بهم، وصار بعضهم علمًا بها أو من خلال كتابتها كـ"نصف كلمة" للكاتب الراحل أحمد رجب.
وكلما كان الكلام أكثر تكثيفًا وتركيزًا، كان أدعى للتأمل فيما وراء جمله وكلماته، وقديمًا قالوا: "البلاغة الإيجاز".
وأكد الوزير، أن فن الكتابات والجمل القصيرة هو الأكثر خصوبة فى باب الدراسات الأدبية والنقدية الحديثة والعصرية، بل إنه ليكاد فى بعض جوانبه أن يكون مجالاً بكرًا أمام الباحثين والدارسين والمهتمين ببلاغة الكلم وفنون القول.
كما أكد أن هذا البحث يعمل على إلقاء الضوء على هذا اللون من الكتابات التى صارت لازمة من لوازم وسائل التواصل الاجتماعى وأكثرها انتشارًا وتأثيرًا وتنوعًا، ما بين تغريدات وبوستات "سياسية، واجتماعية ، ودينية، وفكاهية"، بل إنها اتسعت لتشمل كل مفردات حياتنا اليومية والثقافية، وأضحت أحد أهم المؤثرات فى تكوين ثقافة النشء والشباب وتشكيل الوعى العام للمجتمعات والشعوب، مما يجعل من مقاربتها تحليلاً ونقدًا، ومحاولة الإسهام فى تعظيم إيجابياتها وتلافى سلبياتها أمرا لا غنى عنه لمن يريد أن يتعامل مع العصر بأدواته لا بأدوات غيره من العصور.