البث المباشر الراديو 9090
سوق الكانتو بالغورية
يُعد سوق الكانتو بالغورية أحد الأسواق التاريخية الفريدة في قلب القاهرة الإسلامية، حيث يمتزج عبق التاريخ مع نبض الحياة اليومية.

هذا السوق، الذي اشتهر بتجارة الملابس المستعملة، يحمل في طياته قصصًا عن الجاليات الأجنبية والتجار المصريين الذين شكلوا هويته عبر القرون.

وفي هذا الموضوع، نستعرض تاريخ السوق، أهميته الثقافية، ودوره في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمصريين.

سوق الكانتو بالغورية
سوق الكانتو بالغورية
سوق الكانتو بالغورية


أصل التسمية

كلمة "كانتو" مشتقة من اللغة الإيطالية، وتعني "الركن" أو "الزقاق"، وهي إشارة إلى الحارات الضيقة التي كانت تُقام فيها هذه الأسواق قديمًا.

بدأت تجارة "الكانتو" على يد الجالية الإيطالية في الإسكندرية خلال القرن التاسع عشر، حيث كانوا يجمعون الملابس المستعملة من معسكرات الجيش الإنجليزي ويبيعونها بأسعار زهيدة.

مع مرور الوقت، انتقلت هذه التجارة إلى القاهرة، وأصبحت منطقة الغورية إحدى مراكزها الرئيسية بفضل موقعها القريب من الأسواق التاريخية مثل خان الخليلي والموسكي.

سوق الكانتو بالغورية
سوق الكانتو بالغورية


تاريخ السوق

نشأ سوق الكانتو في سياق تاريخي شهد تنوعًا ثقافيًا كبيرًا في مصر، حيث ساهم الإيطاليون، اليونانيون، الشوام، واليهود في تطوير تجارة الملابس المستعملة.

خلال أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، كان السوق ملاذًا للفقراء الذين يبحثون عن ملابس بأسعار مناسبة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بها مصر آنذاك، وبعد رحيل الجاليات الأجنبية، استحوذ المصريون على السوق، وأصبحت وكالة البلح مركزًا رئيسيًا لتجارة "البالة"، وهي الملابس المستوردة المستعملة.

في الغورية، ارتبط السوق بحياة الأزقة الضيقة والمباني التاريخية التي تعود إلى العصر المملوكي، مثل وكالة الغوري ومسجد الغوري، وهذه المواقع منحت السوق طابعًا خاصًا، حيث يمكن للزائر أن يشعر بأنه يتجول في متحف مفتوح على التاريخ.

سوق الكانتو بالغورية
سوق الكانتو بالغورية


أهمية السوق الاقتصادية والاجتماعية

يُعتبر سوق الكانتو في الغورية ملاذًا لمحدودي الدخل، حيث يوفر الملابس والأحذية بأسعار منخفضة مقارنة بالأسواق الأخرى، ويتم جلب البضائع من مدن مثل بورسعيد، حيث تُنظف وتُكوى قبل عرضها للبيع، مما يضمن جودة مقبولة، وهذا السوق لا يقتصر على الملابس فقط، بل يشمل أحيانًا الأدوات المنزلية والإكسسوارات، مما يجعله وجهة شاملة للمتسوقين.

اجتماعيًا، يعكس السوق تنوع الحياة في القاهرة، حيث يجتمع فيه الباعة والمشترون من مختلف الطبقات والخلفيات، كما أن السوق يحتفظ بطابع شعبي مميز، إذ يتردد صدى أصوات الباعة الجائلين وهم يروجون لبضائعهم بعبارات مثل "القميص بثلاثين جنيه!"، مما يضفي حيوية على المكان.

سوق الكانتو بالغورية
سوق الكانتو بالغورية
سوق الكانتو بالغورية
سوق الكانتو بالغورية


سوق الكانتو بالغورية ليس مجرد مكان للتجارة، بل هو شاهد على تاريخ مصر الاجتماعي والاقتصادي من خلال أزقته الضيقة وحكايات تجاره، يحكي السوق قصة شعب عرف كيف يتكيف مع الظروف الصعبة ويحول التحديات إلى فرص، وزيارة هذا السوق ليست مجرد تجربة تسوق، بل هي رحلة عبر الزمن، تجمع بين الحنين إلى الماضي والحيوية التي تميز الحاضر.

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز