
دينا المقدم
للجماعات الإرهابية تحت راية الجهاد تاريخ طويل دموى، بدأ عندما تأسست الحركة الجهادية عام 1981 على يد الطبيب الفلسطينى فتحى الشقاقى.
خلال السبعينيات، درس الشقاقى الطب فى جامعة المنصورة فى مصر، والتحق بجماعة "الإخوان المسلمين وتأثر بأفكار حسن البنا وسيد قطب.
تعرّف "الجهاد" عن نفسها على أنّها "حركة إسلامية جماهيرية مجاهدة مستقلة، الإسلام منطلقها، والعمل الجماهيرى الثورى والجهاد المسلح أسلوبها، وتحرير كامل لفلسطين من الاحتلال الصهيونى هدفها.
ولا تعترف الحركة بأى اتفاقية أو مشاريع تسوية، وتعتبرها "باطلة"، وتحديداً اتفاق أوسلو (1993) الذى شكّل محطّة فاصلة فى الخلاف بين "الجهاد"، وحركة "فتح".
تهدف الحركة بحسب نظامها الأساسى إلى "تحرير كامل فلسطين، وإقامة حكم الإسلام على أرضها، وبناء على هذا الشعار يتم تجنيد وتدريب الإرهابيين الذين جابوا الأرض طولا وعرضا وقاموا بمئات العمليات الإرهابية دون أن يتجهوا إلى فلسطين كما يتاجرون بالقضية".
اتخذت الجماعات المتطرفة القضية الفلسطينية، كذريعة قوية نحو جذب المزيد من المتطرفين، ولكن فى عرف الجماعات الإرهابية تتوقف أهمية القضية عند تلك النقطة فقط، حيث إنها تستغلها كمسوغ للتجنيد، ثم يتم توجيه المجندين نحو القيام بعمليات فى مناطق أخرى وأهداف مختلفة، بدافع أن المستهدفين سواء عدو قريب أو بعيد يشنون حربا على الإسلام والمسلمين فيتعمق لدى المجندين مفهوم العدو ويتسع من إسرائيل إلى سائر الدول التى تريد الجماعات وفقا لنطاق عملها استهدافها، وتتجاهل مع الوقت القضية الفلسطينية لتصبح مجرد شعارات، مع ظهور بعض العمليات التى تتخذ من القضية دافع.
وربما تنطلق الجماعات الإرهابية من مبادئ "استغلال الظروف"، وإعادة هيكلة ذاتها والتبلور فى إطار القضية الفلسطينية، خاصة وأن تنظيم مثل القاعدة يريد العودة والسيطرة على المشهد مرة أخرى، لذا فأن طرح مثل هذه الأسئلة يمكن أن يترجم فى إطار عرف الجماعات الإرهابية كنوع من أنواع الدعم.
ولكن إن حلت القضية الفلسطينية سوف نغلق هذا الباب نهائيا أمام هذه المليشيات التى سببت عدم الاستقرار فى المنطقة وزعزعت أمن الدول.
وبالتالى، يجب على وسائل الإعلام أن تشرح وتحذر وتعمم الوعى للتأكيد على أن هذه الجماعات تستخدم فقط القضية الفلسطينية كذريعة لتجنيد المقاتلين الذين يقومون بعمليات خارجية لا صلة لها بالقضية أو تلك التى تؤثر داخليا على حياة المواطنين الفلسطينيين.
إن حل القضية الفلسطينية هو مفتاح إنهاء أزمات منطقة الشرق الأوسط، كما قال سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، لذلك فإن استمرار الجهود المصرية لحل القضية هو استمرار لمحاربة الإرهاب واستكمال لمسيرة القضاء على الإرهاب.
على مدار سنوات طويلة كان الاعتقاد السائد منا جميعا لحل القضية الفلسطينية، هو إرسال ملايين الدولارات ظنا أنها تذهب لإعمار فلسطين وإحياء شعبها، إلا أنها تذهب إلى داعمى الانقسام وتجار القضية، واعتراضى الدائم مؤخرا هو ضد العاطفيين الذين يعيشون فى نعيم الحرية والأوطان الآمنة وشعاراتهم العقيمة التى لا تخدم القضية بل تضرها.
فهل تعى دول العالم وأولهم دول الشرق أن القضاء على الإرهاب هو نتيجة من نتائج حل القضية الفلسطينية؟
من وجهة نظرى كمواطنة عربية أن منطقة الشرق الأوسط بحاجة ملحة إلى خلق بيئة هادئة ومستقرة حتى تلتفت الدول العربية إلى مستقبلها ومستقبل شعوبها، فالقضايا العربية بحاجة إلى قوة سياسية واقتصادية وعسكرية، وهذا لن يتم إلا بالاستقرار الأمنى للمنطقة، فالحل هو القضاء على الارهاب الدولى والإرهاب المضاد أيضا.
والإرهاب المضاد كبعض الصراعات التى تحدث فى المنطقة فتبرر تدخلها فى دول المنطقة وتحقق أطماعها الخاصة، مثل إيران وتدخلها فى لبنان متمثلة فى حزب الله، ليدخل فى حروب مع إسرائيل وكم من صراع تحت راية القضية الفلسطينية والزحف نحو الاقصى ولكنهم لا يزحفون ولن يفعلوا.
وعلينا أن ندرك جميعا أن حل القضية الفلسطينية بشكل جذرى ونهائى هو حفاظ على أمن مصر القومى أولا وقضاء تام على خطة الإرهاب والمتاجرون بالقضية الفلسطينية التى أنهكت طاقة هذا الوطن.
