البث المباشر الراديو 9090
جمال رائف
إذا تونس يومًا أرادت الحياة فلابد أن يستجيب الشعب التونسى الذى منحته تونس الحياة من قبل، ولهذا تلاحمت الإرادة الشعبية مع القرار السياسى للرئيس قيس سعيد لإنقاذ البلاد من عشرية سوداء أدخلت تونس فى ديمومة الفشل المستتر بشعارات ثورية وخطابات شعبوية أتاحت المجال لديمقراطية شكلية جأت بجماعة إرهابية الى الحكم، وما تلك الديمقراطية بهذا الشكل المقيت سوى وسيلة تبرر غاية الجماعات المتطرفة للسيطرة على مفاصل الدول وأفشلها، فالديمقراطية التى لا تنطبع نتائجها على الاستقرار والسلام المجتمعى والتنمية المستدامة فهى أكذوبة تودى بالدول الوطنية الى الهلاك، ولا يليق بالشعوب العربية والإفريقية أن تصبح فئران تجارب للديمقراطية المستوردة من الخارج، بل عليهم صناعة تجاربهم الخاصة التى تتوافق وتطلعاتهم وآمالهم المستقبلية وتقطع الطريق أمام الجماعات المتطرفة التى تسطوا على الأوطان وتتاجر بالأديان.

خرجت تونس من فخ جماعة الإخوان الإرهابية والمتمثلة فى حركة النهضة بعد عقد كامل شهد تجاذبات سياسية بالداخل التونسى ادعت خلالها تلك الجماعة المارقة المظلومية واستخدمت كل الوسائل التى تمكنها من السلطة والسيطرة على مفاصل الدولة ومقاومة التيار الوطنى الذى يتبناه أبناء الحبيب بورقيبة ولعل فترة حكم الرئيس الراحل الباجى قائد السبسى كانت أحد محطات مقاومة هذا التيار المتطرف الذى أنقض على المقدرات التونسية عقب ما يسمى بالخريف العربى، ولكن للأسف عقب وفاة السبسى لم يكن رئيس الوزراء السابق يوسف الشاهد والشريك بحزب نداء تونس على القدر الكافى من القدرة لمجابهة هذا التيار المتطرف خاصة وأن خلافاته مع السبسى فى الفترة التى سبقت وفاته عقدت المشهد، ما أفسح المجال أمام حركة النهضة للعودة والسطو على السلطة عبر السيطرة على مجلس النواب، لتبدأ خطة الإخوان المعهودة بتسكين رجالهم فى جميع مفاصل الدولة وإقصاء كل الرموز والأحزاب والحركات الوطنية فضلًا عن صناعة كيانات موازية للدولة لإفشال مؤسسات الدولة وإحلال الميليشات المسلحة مكان المؤسسات الأمنية الوطنية، الأمر الذى وجد مقاومة مجددا من الفصيل الوطنى الذى أيقظته النائبة عبير موسى والتى كادت تطيح بالغنوشى الإخوان الذى يعتلى كرسى رئاسة البرلمان، تفرغت حركة النهضة وسخرت كافة أدواتها للحفاظ على السلطة ومقاومة التيار الوطنى فأهملت البناء السياسى والتشريعى للدولة وأنكرت الأزمة الاقتصادية حتى أوشكت تونس على الإفلاس ثم جأت جائحة كورونا لتفضح عورة هذا النظام الإخوانى المفلس بعد إنهيار المنظومة الصحية حيث كادت الجائحة تسيطر على البلاد.

إفشال الدولة الهدف الأسمى لحركة النهضة التى تمثل أحد أدوات الحرب بالوكالة فى المنطقة، خاصة فى ظل ان الخناق يضيق على جماعة الإخوان الإرهابية فى الإقليم لتصبح تونس الملاذ للهاربين تلك الجماعة من مختلف الدول المجاورة، لتتحول تونس فى المستقبل القريب إلى بؤرة تجمع للجماعة ومركز تحركها الاقليمى، وهو ما أعاقه التحرك الأخير الذى قاده الرئيس قيس سعيد حيث أنقذ تونس من التحول إلى دولة تتبنى أفكار أيدولوجية متطرفة مغايرة لفكر الدولة الوطنية، القررات المنقذة لتونس لاقت ترحيب على صعيد الداخل التونسى سواء عبر الشعب أو الدوائر السياسية والنقابية وبالطبع الجيش الذى يعد السند الحقيقى والدرع الحامى للشعوب من تلك الجماعات المتطرفة، امتد الترحيب الى المحيط الإقليمى والدولى سواء على مستوى الدول أو المنظمات فى إشارة لتفهم المجتمع الدولى لخطورة الوضع الرهان على مستقبل الدولة التونسية.

مسارات تونس المستقبلية بعد حركة التصحيح التى يخوضها الرئيس التونسى تشمل ثلاث مسارت رئيسية ممكن إيضاحها كالآتى: المسار الأول والمتعلق بالبناء السياسى وتثبيت مؤسسات الدولة وتدعيمها وهذا فى حاجة لقررات سياسية ومساندة شعبية وحماية من قبل الجيش والمؤسسات الأمنية للدولة التونسية، المسار الثانى وهو الإصلاح الاقتصادى ويتطلب قررات إصلاحية جريئة وتعاونًا جادًا مع الجهات المالية الدولية وقدرة استيعاب من الشعب لتبعات وأثار هذا الإصلاح والذى يتطلب بعض التضحيات الوقتية كضمانة لاستدامة الإصلاح الاقتصادى، المسار الثالث وهو محاسبة رموز حركة النهضة ومحاربة الإرهاب خاصة مع العنف المحتمل من تلك الجماعة للإرهابية كسلاح لتخويف الشعب التونسى فى محاولة للعودة إلى المشهد الذى لم يتحملهم.

تونس عادت وتنفست رحيق الحرية حينما حطمت أغلال حركة النهضة التى كانت تعيق مسيرتها نحو التنمية والبناء وتلبية تطلعات الشعب الذى كانت دوما أحلامه مؤجلة، فالتحافط تونس على صلابة جبهتها الداخلية وتصطف فى وجه التطرف والإرهاب وتستظل بالدولة الوطنية وتحتمى بجيشها حتى تنجو وتصل لبر السلام.

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز