
دينا المقدم
وقديمًا، كان النبلاء هم أصحاب القدح المعلى فى تكوين الجيوش باعتبارهم سادة القوم الذين يقع على عاتقهم الحفاظ على حدود البلاد وأمنها القومى الشامل.
تميز هذا الجيش النبيل بأنه من الشعب وللشعب، وفى معظم فتراته التاريخية كان ومازال هو الأقوى والأعرق فى جنوب البحر المتوسط.
مُنذ بدايات الحضارة المصرية والجيش المصرى يلعب دور كبير فى الدفاع عن الحضارة المصرية ضد الغزاة، على مر العصور قدم الفكر العسكرى المصرى أرقى مفاهيم وتقاليد الجندية وخاض الجيش المصرى معارك كبيرة ضد جيوش ضخمة.
الجيش المصرى من أقوى جيوش العالم، جيش مُسلح بأحدث الأسلحة وأضخمها.. تدريبات لا تنتهى.. وإنكار للذات لا ينتهى أيضًا.
قال كلوت بك الطبيب الفرنسى، ربما يُعد المصريين أصلح الأمم لأن يكونوا من خيرة الجنود، ومن صفاتهم العسكرية الأمتثال للأوامر والشجاعة والثبات عند الخطر، والتذرع بالصبر فى مواجهه الخطوب والمحن، والإقدام على المخاطرة والاتجاه إلى خط النار، وتوسط ميادين القتال بلا وجل ولا تردد.
كما قال نابيليون بونابرت، لو كان عندى نصف هذا الجيش المصرى لغزوت العالم.
هكذا الأمر يا سادة، تاريخ هذا الجيش وحاضره يخبروننا دائمًا عن مؤسسة تدافع بكل ما أوتيت من قوة وصبر وجلد وترابط وحتى آخر قطرة دماء عن أرض هذا الوطن فلا عجب أن ينتفض قلبك كلما سمعت أغانى نصر أكتوبر المجيد وتوارثنا رواية المحلمة العظيمة.
لقد خط الجيش المصرى بيده تاريخ انتصاراته ضد كل عدوان خارجى بحروف من نور وإيمان ويقين، ما من معركة أو اعتداء إلا وكان هذا الجيش حائط منيع للاحتلال والعدوان الخارجى.
أما فى المعارك الداخلية فما من أزمة تحدث لهذا الشعب إلا وتجد الجيش كان سببًا فى حلها والقضاء عليها بلا رجعة، حلول جذرية تنبع من علم وخبرة وإدراك جيد للغاية لمجريات الأمور ومتطلبات الشعب والوطن، سواء كانت أزمة ترتبط بمعيشتهم اليومية أو بحياتهم السياسية أو أى خطر يُهدد أمن هذا الشعب إلا وتجد هذا الجيش يقف كحائط صد ضد كل من تسول له نفسه بإيذاء هذا الشعب وهذه الأرض العطرة الطيبة.
وإن قررنا حصر الأزمات التى تدخل فيها الجيش لحلها لن يتسع مقالى لها، إلا أننى دائمًا ما أتساءل لماذا دائمًا تفوز هذه المؤسسة فى كل المعارك بمعنى أننا جميعًا نعلم أن الجيوش فى العالم يجب عليها الانتصار فى المعارك الخارجية كالحروب وحماية الحدود وأمن البلاد، إلا أن هنا فى مصر هناك عمل آخر يقوم به الجيش، ودائمًا ما ينتصر فيه، وهو أنه يآسر قلوب شعبه دائمًا.
فى حرب 6 أكتوبر التى انتصر فيها الجيش العظيم عام 1973، خرج علينا الرئيس السادات، رحمات الله على روحه الطاهرة وذكراه المسك، صاحب قرار العبور، وأعلن أن القوات المسلحة المصرية قامت بمعجزة على أى مقياس عسكرى، ويستطيع هذا الوطن أن يطمئن أنه أصبح له درع وسيف.. إن الواجب يقتضينا أن نُسجل من هنا وباسم هذا الشعب، وباسم هذه الأمة ثقتنا المُطلقة فى قواتنا المسلحة.. إن التاريخ العسكرى سيتوقف طويلًا بالفحص والدرس حيث تمكنت القوات المسلحة المصرية من اقتحام مانع قناة السويس الصعب، واجتياح خط بارليف المنيع، وإقامة رؤوس جسور لها على الضفة الشرقية من القناة بعد أن أفقدت العدو توازنه فى ست ساعات.. سنُسلم أعلامنا مُرتفعة هامتها، عزيزة صواريها.. فكان النصر العظيم تاج مازلنا نتوج به حتى اليوم، وهنا انتصر الجيش فى الحرب على العدو الخارجى.
أما فى أزماتنا الداخلية، فكانت أزمة الخبز 2008 عندما تدخل الجيش لحلها بعد فشل الحكومة فى حلها ليضع الجنود أصحاب الثقة والأمانة لمباشرة العمل وتوزيع الحصص بالعدل بعيدًا عن تلاعب التجار وأصحاب المخابز وليُساهموا فى القضاء على السوق السوداء، وذلك ضمن سلسلة من الوحدات الإنتاجية التى أقامتها القوات المسلحة فى القاهرة والمحافظات، للمُساهمة فى حل أزمة الخبز بطاقة إنتاجية تصل لـ6 ملايين رغيف يوميًا، وهذه أزمة ترتبط بحياة المواطن اليومية، وليست من اختصاص هذه المؤسسة، لكنها اعتبرتها مسألة حياة أو موت كالحرب بعد أن طلب الشعب من الرئيس مبارك أن يتدخل الجيش لحلها.
وفى أزمتنا السياسية كان له أيضًا دور عظيم فى 2013 فكان لهذا الجيش الدور الأعظم فى تاريخه المعاصر، وهى حرب أيضًا من نوع آخر ضد الإرهاب، عندما قرر أن يحمى هذا الشعب من فصيل هو الأخطر والأكثر دموية "جماعة إخوان الدم" التى فرضت هيمنتها وإرهابها على هذا الشعب لمدة عام أذاقته جميع أنواع الخوف والرعب والعنصرية ليعلن الجيش المصرى ترابطه ضد الإرهاب ويعلن حمايته الكاملة لهذا الوطن دون انشقاق وهذا ما لم يحدث فى باقى الدول المجاورة بعد ما يسمى بالربيع العربى، فوقف الجيش كالوتد ضد عاصفة الإرهاب ودمويتها يضحى بأبنائه من أجلنا نحن الآمنين اليوم بفضل هذا الجيش النبيل، نحن الذين ننعم بالأمن والخير والرخاء بفضل جيشنا العظيم الذى يؤدى واجبه بمنتهى الفناء والإخلاص والعقيدة الراسخة دائمًا "حماية هذا الوطن وشعبه".
هذه ثلاث نماذج حية لدور هذا الجيش فى حياتنا على كافة الأصعدة سواء فى الحرب أو فى حياتنا اليومية أو حياتنا السياسية ومحاربة الإرهاب، وكانت الإجابة أن الجيش يفوز دائمًا فى معاركه لعدة أسباب أهمها على الإطلاق إخلاصه وتفانيه وترابطه، وهذه العقيدة الراسخة بداخله بأن أمن مصر وشعبها كالإيمان بالله لا شك فيه ولا ريبة ولا نقاش ولا احتمالات، ناهيك عن الالتزام والانضباط والإخلاص والأمانة واحترام الوقت والنفس، وأن مصر تجرى مجرى الدم فى عروق هذا الجيش يعلمون جيدًا أهمية هذا البلد وعظمته وكيفية حمايته ضمن خطط استراتيجية محكمة ومُحددة.
أدام الله عزك يا جيشى العظيم وحفظ رجالك فى ترابط إلى يوم الدين.
