د.رانيا أبو الخير
وقد تضمن الأمر الأحكام الآتية:
- حل مجلس الأمة، على أن يتولى الأمير ومجلس الوزراء الاختصاصات المخولة لمجلس الأمة.
- وقف العمل ببعض مواد الدستور لمدة لا تزيد عن أربع سنوات، وهى: المواد 51 و65 "فقرة اثنان وثلاثة"، و71 "فقرة اثنان"، و79 و107 و174 و181، وخلال هذه المادة "أربع سنوات" يتم دراسة الممارسة الديمقراطية في البلاد، وعرض ما تتوصل إليه الدراسة لاتخاذ ما نراه مناسبًا، وذلك بناءً على ما تقتضيه المصلحة العليا للبلاد.
- يتولى الأمير اصدار القوانين بمراسيم قوانين على النحو المكفول له دستوريًا بمقتضى المادة 71 "فقرة أولى"، والتي نصت على أنه إذا حدث فيما بين أدوار انعقاد مجلس الأمة أو في فترة حله، ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز للأمير أن يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون، على أن لا تكون مخالفة للدستور أو للتقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية.
والحقيقة أن إقدام أمير الكويت على هذه الخطوة لم يأت من فراغ، وإنما عكست قراءة دقيقة لواقع سياسى مأزوم عانت منه الكويت لسنوات طويلة، ودفع الشعب الكويتي كثيرًا بسبب هذا الواقع المأزوم، وهو ما أشار إليه الأمير بشكل صريح في إجلاء الأسباب الدافعة إلى إقدامه على مثل هذه الخطوة، إذ أشار إلى أن هذا القرار الذى وصفه بالصعب، جاء بعد أن وصلت الأوضاع في البلاد إلى طريق مسدود، وأصبح من الضروري اتخاذ خطوات حاسمة لمعالجة التحديات التي تواجهها، وفي مقدمتها مؤشرين خطيرين على مستقبل الكويت، وهما:
- وجود ممارسات غير مقبولة وتمادي من قبل بعض أعضاء مجلس الأمة، شملت محاولة التدخل في اختيار ولي العهد، وتعريض الأمن القومي للخطر، وعرقلة تشكيل الحكومة، وممارسة ضغوط على الوزراء.
- انتشار الفساد في مختلف مرافق الدولة، بما في ذلك المؤسسات الأمنية، مما أدى إلى خلق جو غير صحي شجع على تفاقم الأزمات.
وعليه، كان اتخاذ مثل هذه الخطوة فرضية حتمية للحظة الراهنة التي دخلت فيها الكويت إلى نفق مظلم، مع الأخذ في الاعتبار أن إصدار هذا الأمر، وإنما هو مجرد خطوة على الطريق وليس كل الطريق، جاءت لتصحيح المسار عبر إعادة النظر في بعض النصوص الدستورية والتشريعات المنظمة بهدف ضبط إطار عمل المنظومة السياسية من جانب، ومحاربة الفساد وتعزيز سيادة القانون وتحقيق الامن والاستقرار من جانب آخر.
ومن هنا، تبدأ مسئولية الشعب الكويتى في ضرورة أن يتفاعل بإيجابية مع تلك الخطوة عبر بذل المزيد من الجهود لمعالجة تلك التحديات وتقديم رؤى ومقاربات جديدة تستهدف تعميق الممارسة الديمقراطية وتعزيزها، وتحقيق الأمن والأمان والاستقرار، وضمان بناء اقتصادي قادر على تلبية طموحات الشعب الكويتي وتطلعات أبناءه في المستقبل.
نهاية القول، إن الكويت، اليوم، تقف في مفترق طرق، صحيح ان القيادة السياسية ممثلة في الأمير مشعل الأحمد الجابر الصُباح، يملك الرؤية والإرادة للعبور بالكويت من هذا النفق إلى بر الأمن والاستقرار سياسيًا وأمنيًا، إلا أنه من الصحيح أيضًا أن الإرادة الشعبية يجب أن تكون واعية بحجم المخاطر والتحديات التي تواجه الكويت وتصطف خلف القيادة السياسية لتمكينها من العبور بالبلاد إلى بر الأمان.
د.رانيا أبوالخير
الأمين العام للمنتدى العالمي للدراسات المُستقبلية.