البث المباشر الراديو 9090
حسام الدين الأمير
تثبت مصر يوما بعد الآخر مواقفها الداعمة دوما لإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط والعالم وإفريقيا، ولا يستطيع أحد أن يزايد على هذا الدور، وقد أثبتت المواقف والأزمات وردود الفعل المصرية تجاه القضية الفلسطينية خلال السنوات الماضية بشكل عام، ومن بعد عملية السيوف الحديدية وطوفان الأقصى من 7 أكتوبر الماضي 2023 بشكل خاص، أن الدور المصري ثابت تجاه القضية الفلسطينية رغم أنف الجميع ورغم كافة المحاولات التي كانت تحاول أن تنتقص من الدور المصري أو تعظم من أدوار دول أخرى على حساب مصر.

وما يدلل على الدور المصري الواضح والصريح ما تم خلال الساعات الماضية إعلان الدولة المصرية في بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، عن اعتزام مصر التدخل رسمياً لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية للنظر في انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة.

 

ويأتي التدخل المصري في وقت بالغ الأهمية أمام التصعيد المتتالي من الإدارة الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، ومحاولة عدد من الدول الكبرى أن يكون لها موطأ قدم وموقف تجاه ما يحدث في الأراضي الفلسطينية بعد أن كانت هذه الدول داعمة بشكل أساسي للتحركات الإسرائيلية، وما يدلل على ذلك ما صرح به أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي مؤخرا، وتأكيده إن تقرير الولايات المتحدة خلص إلى أن إسرائيل تصرفت أحيانا بطريقة لا تتسق والقانون الإنساني الدولي في قطاع غزة، وعلى النقيض كانت تصريحات الإدارة الامريكية وتحديدا تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن بعد الهجوم الذي شنّته حركة حماس والذي أكد فيه أن دعم بلاده لإسرائيل "صلب كالصخر" و"راسخ" وقال وقتها: "اليوم يتعرض شعب إسرائيل لهجوم من منظمة إرهابية هي حماس وفي هذه اللحظة المأساوية أود أن أقول لها وللعالم وللإرهابيين في كل مكان إن الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل ولن نخفق أبدا في دعمهم"، وأعلن بايدن صراحة في تحد سافر بأنه وجه مجلس الأمن القومي الأمريكي للتنسيق عسكرياً مع الإسرائيليين.

 

وعلينا أن نعود بالذاكرة إلى البيان المشترك الذي أصدره قادة الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة و فرنسا أكتوبر الماضي 2023 في نفس الشهر الذي اندلعت فيه الحرب بين حماس وإسرائيل والذي أعربوا فيه عن دعمهم لإسرائيل وكان نصه: "نحن - الرئيس الفرنسي ماكرون، والمستشار الألماني شولتس، ورئيسة وزراء إيطاليا ميلوني، ورئيس وزراء المملكة المتحدة سوناك، والرئيس بايدن رئيس الولايات المتحدة - نعرب عن دعمنا الثابت والموحد لدولة إسرائيل، وندين حركة حماس وأعمالها الإرهابية المروعة وستدعم بلداننا إسرائيل في جهودها للدفاع عن نفسها وشعبها ضد مثل هذه الفظائع، ونؤكد كذلك أن هذه ليست اللحظة المناسبة لأي جهة معادية لإسرائيل لاستغلال هذه الهجمات لتحقيق مكاسب".

وقال البيان: "إننا جميعا ندرك التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني، وندعم التدابير المتساوية لتحقيق العدالة والحرية للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، ولكن لا ينبغي لنا أن نخطئ، فحماس لا تمثل هذه التطلعات وهي لا تقدم شيئاً للشعب الفلسطيني سوى المزيد من الإرهاب وسفك الدماء".

 

واليوم تقطع مصر المسافة على كل المزايدين باعتزامها التدخل دعماً لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، ليس هذا فقط بل علينا قراءة الموقف المصري الذي يتعامل بحرفية شديدة في إدارة المشهد ويؤكد ذلك أنه للمرة الأولى منذ بداية الحرب على غزة تطلب مصر من سائقي شاحنات المساعدات بإخلاء منطقة معبر رفح من الجانب المصري مع مواصلة تعزيز الإجراءات الأمنية، بعدها تردد في أوساط السياسة العالمية أن المسؤولين المصريين أبلغوا مدير المخابرات المركزية الأمريكية، وليام بيرنز الذي زار مصر مؤخرا، بضرورة ممارسة ضغوط جدية على إسرائيل وإجبارها على إنهاء عملياتها في رفح والعودة إلى المفاوضات بجدية، وإلا ستعمل القاهرة على إلغاء معاهدة السلام معها، وهذا الامر تلويح جديد من مصر وورقة ضغط على إسرائيل أن تنتبه لها جيدا لأن التهديد المصري جاد في موقفه حال استمرار إسرائيل بمواصلة العملية البرية في رفح الفلسطينية.

 

وبقراءة جادة لبيان وزارة الخارجية المصرية نلاحظ مطالبة مصر للمجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه ما تشهده الأراضي الفلسطينية من اعتداءات ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة وتجديد مصر مطالبتها لمجلس الأمن والأطراف الدولية المؤثرة، بضرورة التحرك الفوري لوقف إطلاق النار في قطاع غزة والعمليات العسكرية في مدينة رفح الفلسطينية، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين الفلسطينيين.

 

ورغم كل الجهود المصرية إلى أن المجتمع الدولى ذاته والمطالب بمسئوليته تجاه ما يحدث فإن الجميع لم يلتفت إلى ما جاء بالتقرير الكارثي الصادر عن إدارة بايدن والذي أشرف على إعداده وزارة الخارجية الأمريكية ولم يتم نشره إلى الأن والذي يؤكد أن حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة لا تشكل انتهاكا للقانون الدولي والأمريكي، الأمر الذي يعود بنا إلى نقطة الصفر مرة أخرى ويثبت الإدعاءات الكاذبة من المجتمع الدولي والإدارة الامريكية ويؤكد قوة الدولة المصرية في مواقفها الثابتة تجاه القضية الفلسطينية.

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز