أحمد محمود
كان ذلك بناء على إخطار تلقيته من أحد المسؤولين بوزارة المالية، منذ فترة، بأن المسكن الخاص الأول مُعفى من الضريبة العقارية، وهو ما أخبرني به أيضًا، عديد من الأصدقاء.
ما حدث كان غير ذلك تمامًا، إذ أخبرتني الموظفة المسؤولة عن تلقي الطلبات، أنه لا بد أولًا من تقديم طلب طعن على القيمة الإيجارية، حيث إن تقييم مأمور الضرائب جاء مبالغًا فيه، وعليه لا يمكن البت في مسألة الإعفاء إلا بعد تقديم طلب الطعن.
وطالما أنني مواطن ملتزم، وافقت على تقديم الطلب على الفور، لأفاجأ بأنه يجب تقديم طلبين، وليس واحدًا فقط؛ إذ ينبغي أن أطعن على التقييم القديم، والجديد أيضًا! وهو أمر لم أفهمه أيضًا. ولأنني مواطن ملتزم؛ وافقت على تقديم الطلبين أيضًا، لأفاجأ بضرورة دفع الرسوم مرتين للطعن على التقييم الضريبي للوحدة نفسها، ولأنني مواطن ملتزم؛ قمت بالدفع طبعًا.
استكملت الإجراءات، وعلمت أنه قد تم تقييم الضريبة العقارية على أساس متساوٍ منذ 2013 وحتى العام الحالي، باعتبار أن القيمة الإيجارية، ثابتة من هذا التاريخ، وهو أمر غير منطقي؛ بل ومستحيل أيضًا، إذ كيف يمكن أن تظل القيمة الإيجارية لعقار ما ثابتة على مدار ما يقرب من 10 سنوات، وهو ما يعني الخطأ الأكيد من مأمور الضرائب الذي قام بالتقييم.
والحقيقة، أنه على الرغم من الإنجازات التي يتم نشرها، على موقع مصلحة الضرائب العقارية، ومنها مثلًا، أنه في شهر يوليو 2024، كان هناك إنجاز كخطوة جديدة فى تنفيذ أعمال الميكنة، والتحول الرقمى، وفقا لتوجهات الدولة ورؤية مصر 2030، واستكمالًا للجهود المبذولة والتعاون المثمر بين مختلف قطاعات وإدارات المصلحة المختلفة لتنفيذ أعمال الميكنة، والتحول الرقمى، وفقًا لتوجيهات وكيل أول وزارة المالية، رئيس المصلحة، الأستاذ أنور فوزى - أنهت منطقة الإسكندرية للضرائب العقارية، أعمال الميكنة لملفات العاملين بالمنطقة، حيث أصبح لكل موظف ملف إلكتروني، يحتوي على جميع مستندات الملف الورقى الخاص به، ويتيح الوصول لأي مستند أو نسخة فورية، وتداولها بين الجهات المعنية بكل سهولة ويسر.
صحيح، أن هذا الإنجاز مثلًا مطلوب بالفعل؛ بل وكان يجب أن يكون قد تم تنفيذه منذ سنوات طويلة، لكنني كنت أتوقع أن يكون الإنجاز الحقيقي، هو تنفيذ ميكنة ملفات الممولين أنفسهم، وإتاحة الاستعلام عنها إلكترونيًا، وأيضًا الطعن وتقديم الطلبات والدفع الإلكتروني عبر الموقع الخاص بالمصلحة.
بل إنني أظن أن الإنجاز الحقيقي يكون وضع سياسة تقييم ضريبية عادلة وواضحة، لا تخضع "لهوى" مأمور الضرائب، وأظن أيضًا أن الأصل في دفع الضريبة يجب أن يكون بناء على مساحة العين المملوكة، وليس موقعها، ولا قيمتها الإيجارية؛ لأن ذلك ببساطة يثير كثيرا من اللغط حول عدالة التقييم، فما معني أن يتم تقييم وحدة سكنية في منطقة الشيخ زايد مثلًا بأضعاف مثيلتها في مدينة العبور مثلًا؟ أو أي مدينة أخرى قد تكون السادس من أكتوبر، أو دمنهور، أو البدرشين، ثم من يحاسب مأمور الضرائب، إذا هو أخطأ في التقدير؟!
وما معنى أن يتقدم الممول بأكثر من طعن على العين الواحدة؟! ويسدد رسوم الطعن مرتين، ولماذا يضطر لشراء حافظة من الورق المقوى من المصلحة؟ّ حتى لو كان لحفظ المستندات الخاصة به؟!، تلك المصلحة التي يُفترض أن توفر وسيلة لحفظ الملفات، خصوصا وأنه لو أن المصلحة كانت قد انتهت من تنفيذ ميكنة المنظومة، لما كان هناك داع لتلك الحافظات "الكارتونية" من الأساس.
والحقيقة أيضًا، أنني أعتقد أن أهم إنجاز يمكن أن تحققه مصلحة حكومية، هو أن تُشعِر المواطن بعدالة أدائها؛ ذلك أن هذا الشعور وحده كفيل بإقناع الجميع بضرورة الامتثال لأداء حق الدولة، وأنه سينعكس أيضًا بشكل كبير على المجتمع، لأنه سيُسهم بالشعور بالرضا، والقدرة على تحمل الظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد، وسيدفع المواطن أيضًا إلى الإيمان بضرورة تحمل دوره في مرحلة البناء والتعمير بلا غضاضة.
وأخيرًا، فإنني أتمنى أن يشهد عام 2025 مزيدًا من الجدية في الانتهاء من أعمال رقمنة الخدمات الحكومية، وأن يدرك رؤساء المؤسسات والهيئات، أن الانطلاق للمستقبل، يعتمد بشكل كبير على التقنيات الرقمية، والتي لاتُسهم فقط في تسهيل الإجراءات على المواطنين، وتحقيق الشفافية والانضباط، لكنها تُسهم أيضًا وبشكل كبير جدًا، في نمو وتنمية المؤسسات ذاتها، وتدفعها دفعًا نحو النجاح والاستدامة.