ريهام المهدي
ولأن لكل شهادة بداية فارقك، كانت البداية مع الفريق جلال هريدي، بالفعل بلحظة فارقة، وتحديدًا بعد أحداث ثورة 30 يونيو المجيدة، حيث تردد اسمه على الساحة السياسية أنذاك بقوة، وقد عاهدناه وقتها رمزًا عسكريًا، صاحب تاريخ حافل ومشرف.
الراحل جلال هريدي
كان من أبرز القادة العسكريين في تاريخ مصر الحديث، ومن أهم إسهاماته السياسية، كان تأسيسه لحزب "حماة الوطن" والذي كان يرأسه، وكان الراحل عضوًا بارزًا بمجلس الشيوخ، وأكانت كلماته رنانة جمعت بين القوة في إصدار القرارات الصارمة، وبين لين اللهجة الواضحة في بياناته الموجهة للمواطن.
بحكم عملي الإعلامي، اقتربت من البطل الراحل، فاكتشفت فيه الأب، وليس أي أب بل سند، لمست فيه الطيبة رالاحتواء والدعم والتوجيه والنصيحة والإرشاد، لقد فقدنا أب لكل الشباب المصري، رجل كان يفتح ابواب دعمه للكثيرين سواء بالحزب او خارجه.
تعلمنا على يديه معاني التضحية وحب الوطن، فقدم لنا نموذجاً للبطل العسكري المخلص لبلده، كرس حياته لخدمة وطنه، سواء على جبهات القتال أو بساحات العمل السياسي.
نجح الفريق جلال هريدي، في تأهيل واحتواء وتمكين العديد من الكوادر الشبابية البارزة، نراهم الآن علامات براقة فارقة في مجلس النواب والمحليات وبالحياة السياسية والتنفيذية بوجه عام.
جنرال كانت له توليفته الخاصة، التي جمعت بين صفات الحزم وقوة اتخاذ القرار المعهودة برجل عسكري محنك، وبين الرؤية الصائبة والطيبة المعروفة بأهل الحكمة وشيوخ المعرفة، كان يلقب بـ"الأب الروحي لسلاح الصاعقة" أثناء وجوده بالخدمة.
فقدنا الأب وفقدنا قائدًا من الصعب أن يجود لنا بمثله الزمان، وأمام مشيئة الله، لا نملك إلا الصبر، وأن نلتزم الصمت والرضا، ولا نملك سوى أن نقول «إن العين لتدمع وإنا على فراقك لمحزونون ياسيادة الفريق جلال هريدي»، وعزاؤنا الوحيد في رحيلك هو ما تركته لنا من رجال وشباب تتلمذوا على يديك، وحملوا لواء رسالة عطائك وماغرسته فيهم من قيم ومبادئ وشرف.