
ثروت إمبابي
حيث تضمن للمزارع بيع المحاصيل بأسعار متفق عليها مسبقًا، ما يقلل من مخاطر تقلبات الأسعار مع وجود هامش ربح أعلى، كما أنها تسهم في كسر حلقات الاحتكار، مع توفير منتجات ذات جودة أعلى، ناهيك عن تعزيز الأمن الغذائي وهو ما يرفع عبئاً ثقيلاً عن كاهل الدولة المصرية برمتها.
كما تلعب الزراعة التعاقدية دورًا محوريًا في تقليل الاعتماد على الاستيراد، خاصة لمحاصيل مثل الذرة الصفراء، حيث تستورد مصر حوالي 8.2 مليون طن سنويًا، مما يشكل عبئًا على الميزانية العامة.
ويعد تعريف مفهوم الزراعة التعاقدية في حد ذاته أمرا محيرا أمام القاعدة العامة من المزارعين، ويقف غياب المعرفة الكافية حول فوائد الزراعة التعاقدية وآليات تنفيذها حائلاً أمام تحقيق أكبر استفادة ممكنه لكل الأطراف الفاعلة، في غياب وضع البرامج الشارحة، وتذليل العقبات التي تحول دون الوصول إلى أكبر قاعدة ممكنة، بالإضافة إلى بعض المشكلات مع الشركات التي تتعاقد مع المزارعين دون الوفاء بالالتزامات، ما يسبب خسائر مالية ترهق التوسع في تفعيل سياسة الزراعة التعاقدية قبل المزارعين أنفسهم.
والمُلفت للنظر غياب آليات تحكيم واضحة رغم وجود هيئة تحكيم مُستقلة، إلا أن هناك حاجة إلى تفعيل آليات قانونية أكثر قوة لضمان حقوق الطرفين ومن اهم التحديات صعوبة توفير التمويل حيث يحتاج المزارعون إلى دعم مالي لشراء مستلزمات الإنتاج، وهو ما قد يكون عائقًا أمام تنفيذ عقود الزراعة التعاقدية.
والجدير بالذكر أيضاً تذبذب الأسعار العالمية يلعب دورًا مهمًا، حيث يؤثر عدم استقرار الأسعار في الأسواق العالمية على فعالية الزراعة التعاقدية، خاصة إذا كانت الأسعار المتفق عليها غير مناسبة للظروف السوقية وقت الحصاد.
وبات من المهم تبنى بعض الآليات لتنفيذ الزراعة التعاقدية في مصر ومنها وضع خطط استراتيجية بحيث يكون هناك خطط حكومية واضحة تضمن نجاح الزراعة التعاقدية، كما تم تطبيقها مؤخرًا على 8 محاصيل استراتيجية تشمل القمح، الذرة البيضاء والصفراء، القطن، عباد الشمس، وفول الصويا.
وأيضًا بات من الضروري تفعيل التشريعات حيث قامت الدولة المصرية بإصدار قانون الزراعة التعاقدية، والذي دخل حيز التنفيذ لأول مرة 2018، بهدف تنظيم العلاقة بين المنتجين والمشترين.
ويعتبر من أهم الآليات هو إنشاء مراكز تحكيم مستقلة لضمان حقوق جميع الأطراف، تعمل الحكومة على تطوير مراكز تحكيم متخصصة للفصل في النزاعات بين المزارعين والشركات، تعزيز البنية التحتية الزراعية التي تشمل ذلك زيادة السعات التخزينية من خلال مشروع الصوامع، مما يسمح بتخزين كميات أكبر من المحاصيل الاستراتيجية لتوفير استقرار في الأسعار، وإجراء توعية للمزارعين عبر برامج إرشادية وتدريبات توضح لهم فوائد الزراعة التعاقدية، وكيفية التفاوض على العقود بأفضل الشروط.
ومن ذلك تمثل الزراعة التعاقدية في مصر فرصة هائلة للنهوض بالقطاع الزراعي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وحماية المزارعين من تقلبات السوق، ومع استمرار الدولة في تطوير هذه المنظومة، يمكن تحقيق فوائد اقتصادية واجتماعية واسعة النطاق، مما يسهم في تعزيز الأمن الغذائي وتحقيق التنمية المستدامة.
د. ثروت إمبابي
ـ أستاذ مساعد بكلية الزراعة جامعة بنها.
ـ رئيس لجنة الزراعة والرى بحزب الوعي.
