
ولاء عزيز
وفي انتخابات 2026، يُتَوقع أن تسجل النساء حضورًا لافتًا في الترشح، والمقاعد، وهو أمر يُحسَب للمسار العام الذي يشجع انخراط المرأة في الحياة العامة.. لكن هل هذا الحضور يُترجَم دائمًا إلى تأثير فعلي؟ أم أنه يظل - في بعض الأحيان - حبيس الرمزية، والتمثيل الشكلي؟
كثير من النساء اللاتي يخضن التجربة الانتخابية، وخصوصا في القرى، والمراكز الصغيرة، لا يُواجهن منافسين سياسيين فقط؛ بل يصطدمن بثقافة اجتماعية ما زالت تُقيِّم المرأة بناءً على سلوكها، أو مظهرها، وحتى وضعها العائلي، وليس على كفاءتها، أو رؤيتها.
في هذه الدوائر، تصبح "المرأة السياسية" شخصية مستفزة لبعض الأشخاص؛ فقط لأنها تخرج عن الدور النمطي المرسوم لها.
على الرغم من وجود كوادر نسائية واعدة داخل عديدٍ من الأحزاب، فإن التأهيل السياسي الحقيقي للنساء ما يزال ضعيفًا. غالبًا ما تُدفَع المرأة إلى الترشح كجزء من توازنات داخلية، أو لإكمال مشهد تطوعي، دون تدريب كافٍ على أدوات العمل البرلماني، أو تقنيات إدارة الحملات الانتخابية.. النتيجة؟ مرشحات لديهن الحضور المجتمعي، ولكن بلا أدوات للمنافسة الجادة.
من الجوانب التي لا تُناقَش كثيرًا أن بعض أشكال التمكين النسائي تتحول من أداة للتغيير إلى وسيلة للاستيعاب. يتم احتواء المرأة داخل هياكل سياسية تفتقر إلى الديمقراطية الداخلية، فيتحول حضورها إلى مشاركة رمزية أكثر منها فاعلية حقيقية. وهكذا، تُستهلك الطاقات دون أن تُترجم إلى أثر تشريعي، أو رقابي واضح.
في مقابل من يخضن المعركة، هناك نساء فضَّلن البقاء خارج اللُّعبة، على الرغم من امتلاكهن المؤهلات والكفاءة. هذا الغياب - في كثير من الحالات - ليس استسلامًا؛ بل تعبيرا عن وعي بصعوبة التأثير داخل منظومة ما زالت تضع سقفًا غير مُعلَن لطموحات النساء. هذا الصوت الغائب يستحق أن يُسمَع.
لكي يتحقق تمكين حقيقي للمرأة في الحياة السياسية، لا يكفي فتح الباب للترشح، أو تخصيص مقاعد. التمكين يبدأ من الطفلة التي تتعلم الثقة بالنفس، ومن الشابة التي تتلقى تدريبًا سياسيًا جادًا، ومن مجتمع يرى المرأة قائدة، لا فقط واجهة.. التغيير يبدأ حين نؤمن أن صوت المرأة ليس فقط مسموعًا… بل مؤثرًا.
