
أحمد ياسر
"مصر للمصريين".. يُعد هذا الشعار عبارة قوية، وقومية، ومهمة تاريخيًا في القومية المصرية، تمتد جذورها إلى أواخر القرن التاسع عشر، وتجددت راية هذا الشعار خلال ثورة 30 يونيو، في لحظات الاضطراب الوطني، وما يمكن أن يحمله من تفسيرات متنوعة.
شكَّل هذا الشعار جوهر، ومضمون ثورة 30 يونيو، وعَكَس رفضًا جماهيريًا واسعًا لمحاولات جماعة الإخوان الإرهابية احتكار السلطة وتوجيه الدولة وفقًا لأجندتها الخاصة.
أصل شعار "مصر للمصريين"
1. لأول مرة خلال ثورة الزعيم أحمد عرابي (1879–1882)، هدفت هذه "الثورة - الحركة" في البداية إلى استعادة حقوق ومكانة أفراد، وضباط الجيش المصري، إلا أنها اتسعت وتحولت إلى ملحمة وطنية؛ من أجل الاستقلال السياسي عن النفوذ البريطاني والعثماني، وجسَّد شعار "مصر للمصريين" الرغبة في الحكم الذاتي وإنهاء الهيمنة الأجنبية، لا سيما مع تنامي النفوذ البريطاني في مصر.
2. اكتسبت العبارة أهمية متجددة خلال ثورة 1919 ضد الاحتلال البريطاني، واحتشد الجميع – لا سيما النساء، على وجه الخصوص – تحت هذا الشعار، وأظهرت عنصرًا نَسَويًا قويًا داخل الحركة الوطنية الأوسع، على الرغم من أن مطالبهن المحددة بالمساواة بين الجنسين غالبًا ما تم تهميشها بعد الاستقلال!.
إرث ثورة 30 يونيو: تركت إرثًا مُعقدًا ومُتعدد الأوجه
بحلول 30 يونيو 2013، اكتسب شعار "مصر للمصريين" معنى جديدًا، وإن كان مرتبطًا بالتاريخ، فبينما كان سياقه الأصلي هو الاحتلال الأجنبي المباشر، أُعيد تفسيره في عام 2013 ليعني المطالبة بما يلي:
1. السيادة وتقرير المصير الداخلي: هذا يعني رفضًا للسيطرة الداخلية "الأجنبية"، أو ذات الدوافع الأيديولوجية، مستهدفًا تحديدًا حكم الإخوان.
2. الوحدة الوطنية في مواجهة الانقسام المُتصوَّر: عبَّر الشعار عن هُوية وطنية مشتركة تتجاوز الانتماءات السياسية، أو الدينية؛ بهدف توحيد شعب متنوع ضد حكومة يُنظَر إليها على أنها مُفرِّقة وإقصائية.
3. التحول نحو الاستقرار والتنمية: بعد فترة من الفوضى، اتجهت الدولة نحو ترسيخ الاستقرار الأمني والسياسي، وإطلاق خطط تنموية طموحة؛ مما أثّر بشكل كبير على حياة ملايين المصريين.
ربما سمحت طبيعة الشعار الواسعة وذات الصدى التاريخي لمختلف الأطياف السياسية بتفسيره، واستخدامه لخدمة أهدافها الخاصة خلال ثورة 30 يونيو 2013 وما بعدها.
ولكن أظن أن ما شاهدناه منذ 2013 مرورًا بالأحداث الإقليمية، والدولية حتى 2025، يؤكد أن 30 يونيو، لحظة فارقة في تاريخ مصر، مدفوعة بإرادة شعبية جارفة لاستعادة هُويتها الوطنية، وحماية مؤسسات دولتها، وقد دشَّنت مسارًا جديدًا لمستقبل مصر.
