البث المباشر الراديو 9090
الدكتور أشرف الصباغ
لا نستطيع إلا أن نتمنى لأشقائنا السوريين السلام والأمن والخير فى العام الجديد على الرغم من أن كل أطراف الأزمة، الخارجيين والداخليين، لديهم توجهات تكاد تجزم بأن الأمور لن تسير كما كانت فحسب، بل من الممكن أن تتفاقم أيضا.

والأخطر أن هذا التفاقم لن يكون فى سوريا وحولها، ولكن فى الدول الداعمة لنظام بشار الأسد، وعلى رأسها روسيا وإيران، أما تركيا فستكون مشاكلها أكثر على الرغم من تأرجح سياساتها، ومحاولاتها حمل أكثر من "بطيخة" بيد واحدة!

الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الذى أعلن من قاعدة حميميم الروسية فى سوريا أنه سيسحب قواته من سوريا، أعلن قبل أيام من نهاية عام 2017 بأن القاعدتين الروسيتين فى حميميم وطرطوس ستواصلان عملهما بشكل دائم، مؤكدا بأنهما قلعتان لحماية المصالح الروسية فى سوريا.

وكشف عن أن 48 ألف عسكرى روسى شاركوا فى العملية الروسية التى استمرت فى سوريا خلال عامين، بل وشدد على أن روسيا تنوى مواصلة تحديث معداتها العسكرية والقدرة القتالية لجيشها، ولا يمكن هنا أن نتجاهل تصريحات سابقة لوزارة الدفاع الروسية التى كانت قد أكدت بأنها جربت جرَّبت أكثر من 66 نوعا من الأسلحة الحديثة التى أثبتت كفاءتها أثناء العمليات العسكرية فى سوريا.

للأسف الشديد، لا تزال روسيا تعرب بشكل متكرر عن مخاوفها من انتقال تنظيم داعش إلى أفغانستان، فى وقت بدأت بعض العمليات الإرهابية تعلن عن نفسها فى روسيا، والمعروف أن عام 2018 هو عام انتخابات رئاسية هناك، إضافة إلى استضافة روسيا كأس العالم لكرة القدم، الأمر الذي يثير الكثير من القلق والمخاوف، وإذا أضفنا العقوبات الأمريكية والأوروبية لهذا المشهد، سنجد أن روسيا فى وضع لا يستهان به، خاصة وأن الولايات المتحدة لا تنوى التراجع أو الاستسلام فى أى من الملفات العالقة بينها وبين روسيا، وكذلك ممارسة الكثير من الضغوط على حلفاء موسكو فى طهران وأنقرة.

وفى ما يتعلق بموضوع الإرهاب الذى يثير قلق روسيا، وخصوصا حصول المسلحين والمعارضة السورية على أسلحة حديثة ومتطورة، فقد اتهم خبراء عسكريون روس، عبر وسائل الإعلام الحكومية الروسية، السعودية والولايات المتحدة بالتورط فى الهجوم على قاعدة حميميم الروسية فى سوريا خلال الأسبوع الأخير من العام المنصرم، إذ رجح الخبير العسكرى الروسى ألكسى ليونكوف بأن تكون الصواريخ، التى استخدمها مسلحون فى الهجوم على قاعدة حميميم الروسية فى سوريا، قد اشترتها السعودية من بلغاريا أو أوكرانيا وسلمتها للمسلحين، كما رجح أن يكون المسلحون قد تلقوا تدريبا على هذه المنظومة الصاروخية فى القاعدة الأمريكية فى سوريا.

أما وزارة الخارجية الروسية فقد اعتبرت استهداف قاعدة حميميم الروسية بسوريا استفزازا يهدف إلى إفشال عملية التسوية السورية وإعاقة عقد مؤتمر ما يسمى بـ "الحوار الوطنى السورى" المزمع عقده فى مدينة سوتشىالروسية يومى 29 و30 يناير الحالى، وأعربت عن القلق إزاء حصول الإرهابيين على أسلحة جديدة، يستطيعون استخدامها لتنفيذ مثل هذه الهجمات، مشيرة إلى أن هناك تساؤلات بشأن مصدر هذه الأسلحة، وأكدت أن "الوقائع تدل على أن دعم التشكيلات الإرهابية بالسلاح من الخارج لم يتوقف إلى الآن".

وذهبت التقارير الإعلامية لوسائل الإعلام الحكومية الروسية إلى أن توتير الأجواء الميدانية فى جبهات ريف اللاذقية حدث بعد أن حسمت القيادة العسكرية الروسية أمرها وبدأت بعمليات واسعة نحو معاقل "النصرة" فى ريفى حماة وإدلب.

وقد انعكس ذلك رعونة فى تصريح "أردوغان" الذى طالب الرئيس الأسد "المنتصر" بالتنحى وجعله يتجه نحو التصعيد فى الميدان، رغبة منه فى تأجيج الصراع من جديد، حيث بدا تزويد مسلحى النصرة بصواريخ مضادة للطائرات.

واتهمت أردوغان بأنه لجأ إلى أحد الخيارات الخطيرة، حيث ظهر ذلك خلال استهداف أحد المسلحين لطائرة سورية فوق ريف حماة، وكذلك خرق الهدوء في جبهات ريف اللاذقية، إضافة إلى إطلاق رشقات صاروخية من الخاصرة الشرقية قرب "جسر الشغور" وصلت ثلاثة منها إلى أجواء "حميميم".

ورأت وسائل الإعلام هذه أن توجه القيادة السورية نحو فتح معركة إدلب الكبرى، يعد من أهم العوامل التى ساهمت فى إخراج الرئيس التركى عن طوره، كما يعتبر الهدف الروسى الجديد والذى يتضمن القضاء على "جبهة النصرة" فى 2018 سببا إضافيا لجنونه.

غالبية التقارير الاقتصادية تتوقع أزمات اقتصادية، وربما سياسية أيضا، فى تركيا، أما إيران، فهى تواجه منذ بداية الأسبوع الأخير فى العام الماضى حالة غليان شعبى فى العديد من المناطق، والمعروف أن تركيا وإيران شريكتان لروسيا فى صيغة "أستانا" حول سوريا، وتجهزان معها أيضا لمؤتمر ما يسمى بـ "الحوار الوطنى السورى" فى نهاية يناير الحالى.

أما الولايات المتحدة، فهى لا تنوى الخروج من سوريا، بالضبط مثل روسيا وتركيا وإيران، وهو ما يشيع حالة من التشاؤم الذى تعود أسبابه إلى المسافة الواسعة بين تصريحات هذه الدول، وبين الواقع وما تنوي أن تفعله خلال العام الحالى.

وربما تكون الأحداث الإيرانية المقبلة من أكبر المؤشرات على تدهور الأحداث ليس فقط في الداخل الإيرانى، بل وفى سوريا أيضا.

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز