إيرينى ثابت
وكتبت تعليقا على الصورة: "صورة حقيقية بأمل حقيقى لواقع حقيقى بعيدا عن زيف الصور والفيديوهات الكارتونية "السعيدة" التى نستهلكها فى مناسباتنا، وكأن السعادة وتحقيق الأمنيات لا يمكن أن يكون من دون تسطيح ألمنا أو تجاهله. رجاء لا ترسلوا إلى صورا مفرطة فى البهجة لا تمت لواقعنا بصلة لأننى فى اللحظة التى أرفع فيها ناظرى عن هاتفى بعد مشاهدتها، أصطدم بصورة مغايرة حولى. لا ترسلوا إلى تلك الصور. ارسلوا لى صورا حقيقية فى ألمها وصمودها وأملها كتلك القادمة من الموصل".
أعجبنى مفهومها الواضح عن الواقع.. وأعجبتنى الصورة بما فيها من ألم وأمل.. ولما كنت أبحث عن موضوع إيجابى لأكتب مقال بداية العام بعيدا عن التعليق على القتل والإرهاب والتفجير والثورات والحروب داخل وخارج بلادنا ومنطقتنا والعالم كله، وجدت صورة وتعليق صديقتى المصرية ذات الهوى العراقى.. ووجدت أن الأمل فعلا لا يعنى تجاهل الألم.. ووجدت فى الصورة تجسيدا لواقع العالم كله.. الواقع الذى نتجاهله!!
فى مطلع العام نسير ببطء وحرص وقلق لنترك عاما مليئا بالأوجاع الإرهابية.. كانت أقساها بالنسبة لى شخصيا تفجير طنطا ورحيل أناس أعزاء أعرفهم تقريبا كلهم.. ولم يختلف آخر العام عن أوله بل امتلأ بالشهداء والدماء من غرب مصر إلى سيناء.. مما جعل ولوجنا إلى العام الجديد حزينا يشوفه الخوف.. ودشن مقتل الأخوين فى العمرانية الساعات الأولى من العام الجديد.. فانقلبت مخاوفنا إلى واقع.. وسار ألمنا على أقدام تخطو بحزن على أرض الواقع..
وصارت محاولات التفاؤل كلها صناعية.. صورا ملونة بألوان الكريسماس الزاهية من أحمر وأخضر وذهبى.. صورا، فعلا كما ذكرت صديقتى، كرتونية راقصة لشجر الكريسماس ولشخصياته الشهيرة.. محاولات لصنع بهجة لا تلبث إلا ثوان معدودة.. ولا تنتج إلا ابتسامات باهتة.. مهما كانت النوايا صادقة لصنع الفرح.. لكن النتيجة هى أن الواقع المخيف يفرض نفسه على كل مدينة يسهر فيها الأمن حول الكنائس.. وتغلق فيها الشوارع.. وتأتى الأعياد بهموم ومخاوف وقلق من حادث إرهابى جديد..
إلى أن جاءت الصورة الموصلية.. أمل يسير على قدمين لرجل حقيقى يلبس ملابس بابا نويل بألوان حقيقية.. ويسير وسط بقايا المدينة ينشر حياة.. اللهم أحفظ بلادنا فى العام الجديد.. واعطنا أملا حقيقيا فى حياة رغم الألم ورغم الحزن ورغم الإرهاب.. وامنحنا ثباتا وإيمانا بمستقبل فى علمك آخره نور وألوان بهجة حتى لو كنا الآن نعبر فى أوجاع.. ولا تسمح أن ينطفئ فينا الأمل لأن فى الرجاء حياة..