البث المباشر الراديو 9090
تامر الزيادي
مع بداية العام الجديد ومرور 13 شهرًا تقريبًا منذ إطلاق خطة الإصلاح الاقتصادى والنقدى الناجحة بشهادة كبرى المؤسسات المالية الدولية والتى بدأت بتعويم الجنيه، ثم إصدار قانون الاستثمار ولائحته التنفيذية..

وما أعقب ذلك من تقرير صندوق النقد الدولى الإيجابى عن خطة الإصلاح الاقتصادى والتى دعمت ارتفاع المؤشر العام للبورصة المصرية، وأصبحت مصر الآن مؤهلة لاستقبال الاستثمار الأجنبى..

إلا أنه يجب هنا الانتباه للموقف الأمنى والسياسى للمنطقة ككل والذى بطبيعة الحال سوف يؤثر سلبًا على حجم تدفق هذه الاستثمارات، نظرًا لأن مصر جزء من هذه المنطقة بخلاف التطورات الاقتصادية وتخفيض الضرائب فى عدد من البلاد الكبرى الجاذبة للاستثمار، والتى أعلنت تلك الدول عنها.

ولهذا أعتقد أنه يجب أن تكون هناك خطة أو رؤية لتنمية الاستثمار وفق آليات جريئة وأكثر مرونة حتى نستطيع أن نحجز مكانًا فى هذا الصراع العالمى لجذب الاستثمار ويخدم دعم مركز مصر السياسى والاقتصادى دوليًا ويؤدى لخفض معدلات البطالة والتى بطبيعة الحال تنعكس إيجابًا على مؤشرات مصر الاقتصادية، ولا أنكر أننى أتمنى أن تصل مصر إلى قيمة استثمار تتعدى التريليون دولار، وهذا ليس حلمًا ولكن هو واقع يمكن إدراكه، وفى هذا الصدد أرى أننا يجب أن نعمل على مجموعة نقاط أوجزها فيما يلي:

1- يجب أن تعمل الحكومة وتحفز القطاع الخاص على التوسع فى الصناعات الثقيلة والاستفادة من برامج القروض الأوروبية الكبيرة طويلة المدى لهذه الصناعات، مثل الأسمنت والحديد والبتروكيماويات والمطلوبة عالميًّا بكثافة للتصدير، خصوصًا أن مصر تذخر بالخامات الطبيعية لهذه الصناعات، وأنه أصبح لدى القاهرة الأن الطاقة اللازمة لها من خلال محطات الكهرباء الجديدة واكتشافات الغاز وهنا يجب على الدولة تخفيض رسوم هذه التراخيص المخصصة لهذه الصناعات لتشجيع المستثمر المحلى والأجنبى للإقبال عليها.

2- يجب أن تعمل الحكومة على وضع خطة جذب للمستثمرين فى قطاع الوسائط التكنولوجية والإلكترونية، خصوصًا بعد منح هذا القطاع مميزات كبيرة من الإعفاءات فى قانون الاستثمار ولائحته التنفيذية، وعليه يتبقى وضع خريطة تحرك لعرض هذه المميزات والإمكانيات على الشركات والصناديق المالية الكبرى لجذبها للاستثمار فى مصر فى هذا القطاع الذى يحقق نموًا عالميًّا بوتيرة سريعة جدًا بخلاف أننا لدينا الأجيال الشابة التى يمكنها الإبداع فى هذا المجال، إذا ما توافر لهم التدريب والعمل مع كيانات كبيرة.

3- يجب أن نتجه إلى جذب رؤوس الأموال الكبيرة، فغالبًا ما يأتى إلينا المستثمر ذو الحجم الصغير عالميًا والذى يتراوح استثماره بين 5 و100 مليون دولار، ولكن هنا يبقى معدل الاستثمار والتنمية أقل ما نطمح بكثير، خصوصًا أن معدل نمو المجتمع سنويًّا أكبر بكثير من معدل الاستثمار، وهنا يجب أن نبدأ فورًا فى الخروج من طريقة التفكير الاعتيادية والاستفادة بتجارب الدول الصديقة التى فتحت المجال لاستقبال الأموال الكبيرة وذلك من خلال إنشاء مركز مالى عالمى يتبع القوانين المالية العالمية المعمول بها فى أسواق المال العالمية مثل سوق دبى المالية وسوق أبوظبى العالمية والتى تتبع السوق المالية بلندن وتتبع القوانين الدولية الخاصة لهذه الأسواق، والتى بالتالى تجذب الصناديق الكبرى والبنوك الخاصة للعمل من خلالها، ما يجعل مصر مركزًا عالميًّا لتداول النقد ويؤدى بطبيعة الحال لاستثمار جزء من هذه الأموال داخل السوق المحلية.

4- جب أن تكون هناك منظومة أكثر ديناميكية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وتمويلها من خلال بورصة متخصصة لذلك وبآليات سريعة وآمنة، ويمكننا الاستفادة من التجربة الهندية التى بالتعاون مع البورصة الألمانية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وبما يتفق والواقع الهندى اجتماعيًا وجغرافيًا وقانونيًا قد ساعد الهند فى وضع خطة فعالة للتفوق بطريقة كبيرة فى هذا القطاع، ما أدى لرفع الصادرات الهندية ورفع دخل الفرد الدولة، خصوصًا أن الوضع المصرى قريب جدًا من الوضع الهندى من حيث كثافة الأيدى العاملة وتنوع السوق والاتساع الجغرافى.

5- يجب أن نعمل على إنشاء بورصة عالمية للسلع الإستراتجية مرتبطة عالميًا بالبورصة السلعية العالمية بسويسرا على أن تكون مصر مركزًا للقارة الأفريقية لبيع منتجاتها الزراعية أو البترولية عبر مناطق تخزين لوجيستية بالموانئ المصرية، ما يعزز مركز مصر سياسيًا واقتصاديًا بالنسبة للدول الأفريقية كونها أصبحت نافذة لهم على العالم ويعزز مكانة مصر عالميًا كونها أصبحت مركز بيع قارة بأكملها.

6- يجب أن تعمل الحكومة على إيجاد مصادر تمويل مستدامة بفوائد ميسرة للمشروعات القومية الكبيرة والتى نحن فى أشد الاحتياج لها، وذلك من خلال التعاون مع مؤسسات عالمية تتيح عمليات تمويل بطرق مبتكرة للتمويل بحيث لا تحمل أعباء على السقف الائتمانى للبنك المركزى أو على الموازنة العامة.

7- يجب أن تستفيد مصر من العلاقات السياسية القوية الأوروبية التى أرساها الرئيس السيسى مع هذه الدول، والاستفادة من رغبة هذه الدول الدائمة لوقف الهجرة غير الشرعية فى البحر المتوسط، وذلك من خلال إقناع هذه الدول بإنشاء صندوق مالى عملاق للقارة الإفريقية لتنمية المجتمع ودعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وربطها بخريطة تصدير أوروبية على أن يكون مركز هذا الصندوق قاريًا هو مصر.

8- الضرائب، أعلم تمامًا أن اللائحة التنفيذية قد منحت حوافز استثمار ممتازة لمناطق الصعيد وسيناء، وأعلم تمامًا أن خطة الدولة فى الموازنة العامة تمثل الضرائب بها بندًا مهمًا لمصادر الدخل، ولكن يجب الالتفات هنا لمتغيرات عالمية فى هذا الشأن مثل انخفاض الضريبة الفيدرالية الأمريكية على معظم الشركات من 35% الى 21% وقابلتها الصين بتخفيض الضرائب المعاد استثمارها داخل الصين من 25% إلى 15%، هذا بخلاف اتجاه بعض الدول الأوروبية فى الفترة المقبلة لتخفيض الضرائب، وعلى رأسها فرنسا، وهنا يجب أن تكون هناك آلية لإعادة التفكير فى هذا الشأن، ويمكن لنا مبدئيًّا الاستفادة من الطريقة الصينية، وذلك بتخفيض الضرائب على الاستثمار الأجنبى، المعاد استثماره فى مصر من 22.5% إلى 15% أو أقل من ذلك، وهذا سوف يمثل حافزًا كبيرًا للمستثمر الأجنبى.

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز