
محمود بسيونى
فلقد بح صوته خلال الخمس سنوات الماضية للتأكيد على وجود مؤامرة هدفها اسقاط الدولة المصرية، وسرد الكثير من الدلائل، إلى أن قررت أكبر المؤسسات الإعلامية الأمريكية أن تقدم دليل لا يتطرق له الشك على وجود تلك المؤامرة، وأنها جزء أصيل منها وهو ما يفسر موقفها العدائى شديد الغرابة والحده من الدولة المصرية .
جاءت تسريبات القاهرة كاشفة بأكثر مما ينبغى لطريقة تعامل الإعلام الغربى مع مصر، وكيف يمكن لأى "نصاب" أن يصل للصفحات الأولى من جريدة عالمية بحجم النيويورك تايمز لمجرد أنه حصل على أصوات عدد من الإعلاميين والفنانين فى تسجيل "صبيانى" تافه، وكيف تدوس على المهنية فى الصحيفة العريقة، لتشويه الدولة المصرية .
كما كشفت عن تنسيق غريب بين الجريدة الأمريكية وقناة الجزيرة وملحقاتها فى تركيا، فكيف للانفراد أن يتحرك من الجريدة إلى هذه القنوات التى ادعت شراءه، دون إعلان عن اتفاق بينهم فى سابقة هى الأولى من نوعها فى الصحافة الأمريكية، فالمعروف أن الانفراد ملك لوسيلته الإعلامية وعرضه فى قنوات أخرى يتم باتفاق معلن، ولقد كان لى حظ زيارة النيويورك تايمز عام 2009 والتعرف على قواعد النشر بها وصرامتها الشديدة فى التمسك بملكيتها للمواد المنشورة على صفحاتها أو فى باقى وسائلها وهو ما يعنى أمرين، الأول أن محرر الموضوع قد باع من الباطن ما بحوزته من تسجيلات للجزيرة أو أن هناك اتفاق غير معلن بين النيويورك تايمز والجزيرة لنشر تلك المواد المملوكة لها .
لكن فى حالة تلك التسريبات الكوميدية تم ضرب القواعد الصارمة للنيويورك تايمز عرض الحائط، وتحركت مواد مملوكه لها بطريق البيع لقنوات ثانية بحسب اعتراف أحد مذيعى هذه التسريبات الذى قال أنها عرضت عليه قبل النشر فى النيويورك تايمز ثم لم يذكر كيف حصل عليها بعد ذلك، و هى محاولة مكشوفة للتغطية على الصحيفة أو محرر الموضوع لأن النشر بتلك الطريقة مخالف لقواعد العمل بالجريدة، وقد يعرضها لفضيحة داخلية، إذا لم يتم التحقيق فى الأمر .
المخالفة الثانية هى كيف تثبتت الصحيفة من شخصية المتحدث الحقيقة فى التسجيل الصوتى، خاصة وأن هيئة الاستعلامات المصرية نفت وجود ضابط بهذا الاسم فى الجهاز الأمنى المذكور فى الموضوع، ولم تعطى النيويورك تايمز أى دليل يؤكد تبعيه صاحب الصوت لأى جهاز أمنى مصرى، وهو الخطأ المهنى الجسيم الذى وقعت فيه الصحيفة والذى يعطى الحق للفنانة يسرا وكاتبنا الكبير مفيد فوزى والكابتن عزمى مجاهد ونائب البرلمان سعيد حساسين فى مقاضاه كاتب الموضوع والصحيفة لأن النشر بتلك الطريقة شوه صورتهم بين أبناء وطنهم، وحوله إلى جريمة نشر فى نظر المحاكم الأمريكية ويمهد الطريق لحصولهم على تعويضات من الجريدة .
يبقى السؤال.. لماذا مصر، ولماذا الآن؟
مصر هى صاحبة مشروع قرار مجلس الأمن الذى أدان القرار الأمريكى الذى قدمته للمجلس بموجب عضويتها، ولأن الفيتو الأمريكى متوقع عملت على تمريره لليمن من أجل تقديمه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو ما تم، وبالتالى فالموقف الرسمى المصرى رافض للمساس بهوية القدس، فهى من ثوابت السياسة الخارجية المصرية غير القابلة للتغيير، والحقيقة كان صوت مصر أقوى من محور قطر وتركيا .
تسعى قطر وتركيا إلى نقل الحصار من قطر إلى دول رباعى الحصار، عبر عمليات التشويه المعنوى، وبالنظر لما ينشر فى النيويورك تايمز تحديدا تجد هجوما ضاريا على مصر والإمارات والسعودية والبحرين ونبره دفاع غريبة عن قطر ومظلوميتها .
والأهم هو تسخين الأجواء فى مصر عبر مجموعة من الموضوعات بنفس النوعية، تستخدم فيها بهارات الصحافة بكثافة مثل لفظ "تسريبات"، ثم تحويل "الفبركات" إلى موضوعات صحفية جاده بنشرها فى جريدة عالمية مثل النيويورك تايمز قبل ذكرى أحداث 25 يناير، وبداية الانتخابات الرئاسية، وهو ما يجعلنا نتوقع تصعيدا إعلاميا غير مسبوق هدفه التأثير فى المواطن المصرى قبل الذهاب إلى صناديق الانتخابات، وربما تشويه العملية الانتخابية والتلاعب بالدولة قبل إعلان اسم الرئيس الجديد .
