إسلام الغزولى
الواقع أن النشطاء ومتابعى مواقع التواصل الاجتماعى دائما وأبدا يحاولوا تشويه أى شئ، ودائمى التسرع والمبالغة فى توجيه الانتقادات بالتقصير، وحكمهم على القصة بالكامل بناءً على عدة مقاطع مصورة صورها الأهالى قرب موقع الهجوم على الكنيسة، والمؤكد أنهم لم يدركوا كافة أبعاد الموقف على الطبيعة وليس عندهم أى معلومات من أرض الواقع، بل كلها أحكام من وحى المقاطع المصورة، وللأسف الشديد ينتهز البعض تلك الأزمات ويحاول يصدرها، وفى بعض الأحيان نجد أن مثل هذه الدعاية السلبية تلقى رواجًا لدى بعض أوساط المسيحيين المهيئين نفسيًا لتصديق أى شائعة سلبية تحت تأثير مثل هذه المحن والظروف الصعبة التى تستهدف الوطن.
الجميع يسأل عن رجال الشرطة فى هذه المقاطع المصورة من زوايا محددة، ولكن مع مرور الوقت وصدور التصريحات الأمنية واستكمال الرواية من زاوية أخرى بدأت الصورة تكتمل، فالقوة الأمنية المُكلفة بحراسة الكنيسة قد اشتبكت مع منفذ الهجوم الإرهابى واستشهدوا، وحاول بعدها الإرهابى أن يقتحم الكنيسة لينفذ مذبحة جديدة قد تكون أكبر من مذبحة مسجد الروضة.
لكن شجاعة المواطنين داخل الكنيسة وسرعة البديهة بإغلاق أبواب الكنيسة قد أفشلت عليهم مخططهم، وهو الأمر الذى ساعد فى تغيير المخطط والاستهداف مما جعل منفذ الهجوم الإرهابى يحاول البحث عن هدف آخر بعدما فشل مخططه، حتى ظهر مأمور قسم حلوان وهو يشتبك مع الإرهابى واستطاع أن يصيبه برصاصة فى قدمه، وانقض عليه الأهالى للسيطرة عليه، وكان أولهم المواطن صلاح الموجى الذى احتفى به الإعلام المصرى، وقبلها كان المواطن محمد عبد الله الذى ألقى الإرهابى بحجر كبير على رأسه وأصابه، لكن الإرهابى ظل يتجول بعدها باحثا عن هدف آخر.
أما أمناء الشرطة الاثنين اللذين استشهدا فى اشتباكهم مع الإرهابى، فقد كانا يقوما بواجبهما الوطنى بالدفاع عن الكنيسة وكُتب لهم الشهادة، وكذلك المواطنين المسيحيين الذين استهدفهم الإرهابى، وعندما استطاع مأمور قسم حلوان استهداف الإرهابى عن بعد، هاجمه الأهالى للسيطرة عليه خشية أن يحمل قنبلة أو حزام ناسف، وهو الأمر الذى ثبت صحته بعد ذلك - حيث كان الإرهابى بالفعل يحمل قنبلة، والأهالى ساعدوا الشرطة فى السيطرة عليه.
ورغم استكمال الرواية عن الواقعة من كل الجهات (شهود العيان والمواطنين داخل الكنيسة والداخلية)، ظهر للجميع لأى درجة أن المواطنين جميعا كانوا يسعون للسيطرة على الإرهابى المسلح الذى كان يتجول فى الشارع سعيًا وراء هدف جديد.
أظن أن الهجوم الذى وقع على رجال الشرطة نتيجة التسرع فى الحكم على رواية الهجوم على كنيسة حلوان، يجعلنا نقف لنذكر بحقيقة أن جهاز الشرطة والقوات المسلحة أبطال يستحقون أن نقف بجوارهم وندعمهم وأن نقدر الخطر اليومى الذى يتعرضون له.
للأسف الشديد انجرف جمهور كبير وراء دعاية سلبية مغرضة، أطلقت من منصات محددة على مواقع التواصل الاجتماعى للترويج بسقوط جهاز الشرطة فى التعامل مع الهجوم الإرهابى، فى إطار تحضيرات تلك المنصات لتثبيت حالة الانهزام وفقد الثقة فى جهاز الشرطة.
إن التعامل مع تلك المواقف يجب أن يكون على كامل بينة ودقة ومعلومات مؤكدة حتى يتثنى لنا تحقيق رؤية وتحليل يتفق مع الواقع السليم، بعيدًا عن التحليلات والاستنتاجات التى تتم من المقاهى والمنازل.