
طارق الطاهر
الواقعة باختصار هى قيام طلبة السنة السادسة بكلية الطب بجامعة المنصورة، ويبلغ عددهم 1200 طالبًا، بعدم استكمال الامتحان الخاص بمادة الجراحة العامة، والانسحاب من الامتحان بشكل جماعى بعد مرور 35 دقيقة فقط، بدعوى أن الأسئلة تعجيزية.
وعلى إثر هذه الواقعة شكلت الجامعة لجنة تقصى حقائق، انتهت إلى أن الامتحان لم يكن تعجيزيًا، وأوصت أن يمنح الطلبة جميعًا صفر فى المادة، بدلا من فصلهم على سلوكهم، حرصًا على مستقبلهم.
هذا هو تقرير اللجنة، ولكن المنطق والواقع يقولان عكس ذلك، فهؤلاء الطلبة وهم كل الدفعة، بالتأكيد أولا أن من بينهم أوائل عبر الأعوام الماضية، وبالتأكيد ثانيًا من بينهم، أيضًا، من حصل على تقديرات تصل إلى جيد وجيد جدا، وبالتأكيد ثالثًا، أن المغادرة لا تمثل ضميرًا جمعيًا، بقدر ما تمثل عجزًا وانهيارًا، وبالتأكيد رابعًا كذلك أن هؤلاء الطلبة لم يفعلوا هذا الأمر مع مواد أخرى، وهذا يدل على رغبتهم وقدرتهم على أداء الامتحانات بشكل طبيعى، لكن ما حدث بالنسبة لى أمر مفزع، بصرف النظر عن تقرير اللجنة التى شكلت من قبل جامعة المنصورة.
إن دلالة ما وقع مرعب ومخيف من كافة الجوانب، فهؤلاء الطلبة الذين أوشكوا أن يكونوا أطباء، ويتم توزيعهم على المستشفيات المختلفة، جاء امتحان الجراحة العامة ليكشف ليس مستواهم فقط، بل أن ما تعلموه فى هذه المادة الحيوية والهامة، لم يكن على المستوى المطلوب، ليقفوا عاجزين أمام أسئلة، فماذا يفعلون أمام المرضى!! هل سيكون كشفهم صحيحًا، ما الذى أدى أن يصل بعض هؤلاء الطلبة من أوائل دفعاتهم، إلى هذه الدرجة من الانهيار، ومعنى ذلك هل من الممكن أن ينهاروا أمام حالات ويتركوا المرضى بلا تشخيص.
القضية ليس فيها مدان وبرئ، بل هى قضية مجتمع وطلبة حصلوا من قبل على أعلى الدرجات التى أهلتهم ليلتحقوا بكلية حكومية، ثم وصلوا إلى السنة السادسة، أى امتلكوا القدرة على اجتياز الامتحانات طوال سنوات خمس، ثم نكتشف أننا أمام حالة لا يمكن وصفها أو تقييمها من الناحية التعليمية، أن يحصلوا على "صفر"، أى لا يوجد أى طالب استطاع التعامل مع امتحان المادة، إذن ماذا كانوا يدرسون طوال العام، وإذا لم يكن الامتحان تعجيزيًا، فنحن إذن أمام طلبة فشلة ومستهترون. فكيف بعد فترة ما سيكونون حاصلين على بكالوريوس فى الطب، أى بكالوريوس هذا.
يجب عدم السكوت على هذه الواقعة وضرورة بحثها من جميع جوانبها، فالسكوت على إعادة فتح هذا الملف بمعرفة جهة محايدة تمامًا عن جامعة المنصورة لهو أمر فى غاية الأهمية والضرورة.
