
مؤمن المحمدى
الموجى وحليم عرفوا بعض فى أوائل الخمسينات، كان الاتنين عندهم طموح للتجديد والتغيير والنجاح والمجد، وكانوا على عتبة واحدة. الموجى كان عنده غنوة اسمها "صافينى مرة" محدش راضى يغنيها، مع إنه عرضها على طوب الأرض، وكانت بتغنيها مطربة مغمورة اسمها زينب عبده فى صالة درجة تالتة. وكان حليم بـ يدور على المزيكا المختلفة، ولقاها عند كمال الطويل، بس ملحن واحد مش كفاية.
فـ الخمسينات، حليم غنى للموجى 33 لحن عاطفى، رصيد كبير فى سنين قليلة، بس مع نهايات العقد ده بدأ الخلاف، لأن التجربة فى الأول كانت زى مركب واتنين بـ يجدفوا سوا، بعد شوية بقت زى عربية ليها دريكسيون واحد، لازم يكون فـ إيد حد.
نتيجة التسع عشر سنين طول مكنتش عادلة بالنسبة للموجى، حليم حصد معظم نصيب التجربة من الشهرة والفلوس، وما بقوش على عتبة واحدة: بقوا مطرب وممثل مشهور حركات أخبار وكلماته مانشيتات، والتانى بقى صديق البطل، وده مكنش كافي، خصوصا إن الموجى كان جى بلدهم يغنى ويبقى مطرب.
أثناء الشغل فى أغنية "حبك نار" بان قوى الفرق ده، القرار الفنى فى إيد حليم، والجزء اللى كان الموجى عايز يحذفه من الغنوة، هو الجزء اللى نجح: يا مدوبنى فـ أحلى عذاب ...، فـ عبد الحليم مش يسكت؟ لا، ده يصمم على إنه: شفت يا محمد! شفت الحتة اللى كنت عايز تشيلها عجبت الناس ازاي؟
يروح الموجى يجرب، يمثل فيلم والتانى، يطلع مطربين تانيين: كمال حسنى ومحرم فؤاد، بس فـ الآخر يلاقى برضه إن نجاحه مع حليم موضوع تانى. حتى أم كلثوم، مكنش اسمه فى شغلهم سوا باين، يمكن لأنه كان لحد الوقت ده دينى ووطنى بس.
فترة الستينات علاقة حليم بالموجى كانت توترات يتخللها فترات صلح، وطول العشر سنين، كل اللى غناه العندليب للموجى كان 6 أغاني: جبار، كامل الأوصاف، مغرور، أحبك، أحضان الحبايب، حبيبها. (طبعا باستثناء الدينى والوطنى وأغانى المناسبات)
سنة 1962 الموجى عمل تصعيد فـ الخلاف مع حليم، فتح مدرسة لتقديم الأصوات الجديدة، نطربين ومطربات، وفضل يصرف عليها سنتين على أمل إنها هـ تطلع قماش، ويبقى فيه مطربين ينافسوا عبد الحليم ومطربات ينافسوا أم كلثوم، بس هو بصراحة كان مسكين، لأن حليم وأم كلثوم مش مجرد مطربين. المهم إنه كل كام شهر ينجح مطرب منهم بـ غنوة، فـ يسيب المدرسة، لـ حد ما قفلها تماما سنة 1964.
فضلت العلاقة كده فى حالة الشد والجذب، والجرايد تقريبا مش بتجيب إلا اتخانقوا، اتصالحوا، مرات الموجى عاملة سحر لعبد الحليم، حليم يعمل مؤامرة علشان يصالح الموجي، لحد ما جينا للسبعينات، وحليم كان لازم يلجأ للموجي، مش بس علشان حكاية الطويل المنسحب وبليغ المنفصل، لكن لأسباب فنية، ليها مقال لوحدها.
بالفعل، اشتغلوا سوا رسالة من تحت الماء، بعد سنين طويلة من اللاشيء، بس الموجى رجع اتقمص تاني، والوضع ده استمر أكتر من سنة، وحليم كان عايز يستمر فى الاتجاه الجديد، وبـ يجهز لـ "قارئة الفنجان"، فاضطر إنه يستضيف الموجى فى فندق خمس نجوم، متحملا فاتورة إقامة "أول إنكلوسيف"، لمدة سنة كاملة.
تخيل بقالك سنة بـ تصرف بالشكل ده على غنوة، فـ تروح المسرح، تلاقى واحد جايب بدلة مرسوم عليها فنجان قهوة وكوباية شاي، والناس اللى المفروض تسمع، مش بـ تبطل صفير وزعيق، تعمل إيه؟
أكيد لازم تدفن وشك فـ المنديل، وتفكر إيه اللى وصلنى هنا؟ وأخرج من الحتة دى ازاى؟
