البث المباشر الراديو 9090
طارق الطاهر
بالتأكيد دخلت الدكتورة إيناس عبد الدايم التاريخ من أوسع أبوابه، عندما تم اختيارها لتكون أول امرأة تتقلد منصب وزير الثقافة فى مصر.

لكننى من وجهة نظرى أن الأهم هو أنها عازفة فلوت من طراز فريد، لها حفلاتها ذائعة الصيت داخل وخارج مصر، أى أنها تعزف بتناغم تام مع الفرقة الموسيقية، وإذا فقدت هذا التناغم تخرج عن السياق.

بصراحة، من السهل أن نتحدث عن سلبيات كثيرة ومتعددة فى الإدارة الثقافية، لكن واحدة من هذه السلبيات هو عدم التناغم بين قطاعات الوزارة المختلفة، مما يضيع فرصًا كبيرة للتعاون، وتكون السمة الغالبة هو تكرار ذات النشاط، لذا من أبرز الأمور التى تحتاج لهذا التناغم على سبيل المثال، هو تنسيق النشر بين القطاعات المختلفة، وهنا أتذكر تجربة لم يكتب لها النجاح، فعندما تولى الدكتور جابر عصفور منصب وزير الثقافة، شكل لجنة عليا للنشر، من رؤساء القطاعات الثقافية، وعدد من المثقفين، وحضر اجتماعين معهما، لكن للأسف لم ينفذ أى قرار مما اتخذته هذه اللجنة، وعندما تولى الدكتور عبد الواحد النبوى منصب الوزير، أعاد تشكيلها واجتمعت من غيره اجتماعين لا ثالث لهما، وأيضًا لم ينفذ أى قرار مما اتخذته اللجنة، التى اجتمعت مرات فى عهد حلمى النمنم، لكنها طوال أكثر من عام ونصف لم تجتمع مرة أخرى، رغم الأهمية الخطيرة المنوط لها القيام بها، وهى التنسيق بين القطاعات المحتلفة، استنادًا إلى أن لدينا هيئة "أم" مسؤولة عن النشر هى "هيئة الكتاب" والجهات الأخرى لها مهام أساسية، وإن كان هذا لا يمنع أن تنشر، ولكن بحسابات تخدم أنشطتها، هذه اللجنة رغم نبل مقصدها تم وأدها، وغيرها من اللجان التى الغرض منها ليس القضاء على النشاط، ولكن تقنينه.

وزارة الثقافة تفتقد هذا التقنين، بعض رؤساء الهيئات يلعبون بما يكسبون به، حتى لو لم يكن من مهامهم الأصلية، فمثلا هناك من يرى أن النزول للشارع يحقق له شهرة فيسعى لذلك، رغم أن لديه مهام أخطر، ليس معنى ذلك أن تنكفئ الهيئات على نفسها، ولا تطور أداءها، لكن يجب أن يحدث التناغم بين الجميع، حتى تتحقق المصلحة العامة، وليس مصلحة هذا المسؤول أو ذاك.

التناغم هو جزء أصيل فى تكوين إيناس عبد الدايم، باعتبارها فنانة موهوبة، وقادت الأوبرا لسنوات بنجاح كبير، يحسب لها، لكن هل تستطيع أن تنقل تجربتها الشخصية إلى المجال العام؟، هذا هو الاختبار الأهم لإيناس عبد الدايم، لا سيما أننا نحتاج هذا التناغم فى هذا الوقت تحديدًا أكثر من أى زمن مضى، فلابد من وضع استراتيجية واضحة المعالم لأجهزة الوزارة من خلالها يتولى كل جهاز تنفيذ مهامه الأصيلة والتنسيق مع غيره فى أى مهمة أخرى، وهذا هو الدور المنتظر من الدكتورة إيناس عبد الدايم.

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز