
إسلام الغزولى
وقد قامت شرطة خفر السواحل اليونانية باعتقال أعضاء السفينة "أندروميدا" وطاقمها وهى سفينة ترفع العلم التنزانى، وبعد الكشف عنها وتفتيشها فى منطقة مفتوحة بعرض البحر قرب جزيرة كريت، إذ تبين من أوراق الشحن أن حمولتها وُضعت عليها فى ميناءى مرسين والإسكندرونة التركيين، وتم اقتياد السفينة إلى ميناء "هيراكليون" فى جزيرة كريت اليونانية.
إن هذه الكمية من المتفجرات تعادل ما قامت باستخدامه الولايات المتحدة الأمريكية أثناء تجارب المحاكاة التى قامت بها لتفجير رأس نووى صغير واستخدمت فيها ما يقرب من خمسمائة طن من نفس المادة المتفجرة التى ضُبطت فى السفينة التركية، هذه التجربة تسببت فى هزة أرضية بقوة 2.7 على مقياس ريختر، وسحابة دخان نتيجة التفجير بطول سبعمائة متر وإحداث حفرة قطرها تجاوز الثلاثة كيلومترات، وتسببت فى موجة تفجيرية مداها يتراوح بين الكيلو ونصف إلى الأربعة كيلومترات.
وبمقارنة هذه التجربة المرعبة وحجم أثرها التخريبى، لابد أن نتوقف ونسأل من المستهدف فى ليبيا حتى يتم إرسال مثل تلك الكمية من المواد المتفجرة إليه؟ وهل الهدف واحد أم أهداف عدة؟، ولو كانت أهداف عدة، فهل جميعها داخل ليبيا أم أنها أهداف ممتدة لباقى دول المنطقة؟ وهل المقصود إحداث تفجير واحد يطال مثلًا المواقع النفطية فى ليبيا، أم مقرات أمنية أم كلاهما؟
إلا أن السؤال الأهم بالنسبة لى بما أن الله حفظ ليبيا وشعبها من هذا الجحيم، من أين حصلت تركيا على كل هذه الكميات من المواد المتفجرة، ومن مول هذه العملية، ومن المتضامن معهم فى الداخل الليبى لتنفيذ مثل هذه العملية القذرة ضد وطنه؟! ومن الجهة التى عقدت الاتفاق سرًا مع الجانب التركى ومن الجهة التى عقد الاتفاق العلنى مع الشركة التى تمتلك السفينة، ومن الذى كان سيستقبل هذه الشحنة فى ميناء مصراتة؟
من خلال الرد على تلك الأسئلة يمكننا أن نمسك بداية الخيط للوصول إلى حجم المؤامرة المستمرة التى لم تتوقف قوى الشر عن تنفيذها.
هناك سلسلة من الأسئلة تحتاج لأكثر من تحقيق على المستوى الدولى والمحلى بلا شك والتى ستقود لواحدة من أكبر شبكات التهريب، وتجارة السلاح وستكشف الغطاء عن عمليات أخرى لم يتم رصدها.
لقد سارعت جمهورية مصر العربية بتوجيه طلب لمجلس الأمن للبدء فى تحقيق دولى عاجل فى هذه الواقعة، ولكن قد تكون هناك دول كبرى لها مصالح فى استمرار الصراع فى ليبيا، وخصوصًا أنه من الممكن أن يكون له علاقة بصراعات سوق النفط العالمية وحجم الإنتاج، وصراع السيطرة على مصادر الطاقة التقليدية فى العالم، وهناك دول أخرى لها مصالح سياسية فى استمرار الصراع فى المنطقة سواء بين تركيا، وليبيا، وتركيا، وإيران، والسعودية، وإيران، أو قطر.
ولاشك أن الدولة المصرية ليست بعيدة عن أىٍّ من تلك الأطراف، إلا أن المؤكد أن هناك محاولات من القوى الدولية أن تظل هذه الصراعات مشتعلة لحين الاستقرار على ترتيب أوضاع الاقتصاد العالمى المضطرب حاليًا.
وبغض النظر موقف الدول العظمى التى قد تتجاهل جريمة حرب ضد الإنسانية كهذه أمام تحقيق مصالحها، فعلى كلٍ من الدول المصرية والليبية والقبرصية واليونانية أن يفتحن تحقيقًا مشتركًا بينهن للوقوف على تفاصيل تنفيذ الصفقة وأطرافها المشاركين بشكل مباشر والمحرضين، وإظهار النتائج أمام دول العالم أجمع والعمل على نشر هذه العملية على نطاق واسع لإظهار التهديدات التركية وحلفائها ضد الإنسانية.
