
إسلام الغزولى
جاء الاستجواب على خلفية ما أثير بشأن وقائع انتهاك خصوصية وضعف تأمين بيانات ومعلومات مستخدمى أكبر منصة تواصل اجتماعى فى العالم، الأسئلة التى وجهت كانت تنطلق من خلفية واقعة تدخل روسيا فى الانتخابات الأمريكية الأخيرة التى فاز بها الرئيس دونالد ترامب من خلال اختراق واستغلال بيانات ملايين المستخدمين الأمريكيين لفيسبوك الذين لهم حق التصويت فى الانتخابات.
تسريب معلومات وبيانات المستخدمين الأمريكيين للفيسبوك قد يكون ساعد فى قراءة اتجاهات الرأى العام الأمريكى قبيل الانتخابات والتصويت، فتم استخدام نفس المنصة فيسبوك لإطلاق أخبار كاذبة من شأنها إحداث تغيير فى اتجاهات الرأى العام الأمريكى ليفوز المرشح آنذاك دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية على غريمته هيلارى كلينتون.
لا شك بأن كل ما سبق من توجيه بعض الأسئلة لا يزال موضع التحقيق ولا يستطيع أحد أن يجزم بما تنتهى إليه التحقيقات المرتبطة بداية من التحقيق فى واقعة التدخل فى الانتخابات الأمريكية وحتى الاستجواب الذى تم مع الرئيس التنفيذى ومؤسس وصاحب فكرة فيسبوك.
هناك العديد من الملاحظات التى يمكن أن نتوقف أمامها فى هذا الشأن، ولكن أعتقد أن أهم تلك الملاحظات فى الاستجواب الذى دار مع مؤسس فيسبوك أنه اعترف ضمنيًّا بأن الموقع الأشهر عالميا فيسبوك كأكبر منصة تواصل اجتماعى فى العالم، يعتبر فى وضع احتكارى لكونه ليس له منافسون، يقدمون نفس الخدمة وأن منصات التواصل الاجتماعى الأخرى مثل تويتر ليست بديلة، ولكنها تقدم خدمات أخرى مختلفة.
الأمر الثانى هو الاعتراف بأن هناك قصورا، وأن هناك اشتباهًا فى وقائع تسريب بيانات المستخدمين، وأن هناك شبهة فى أن يكون قد تم استخدام فيسبوك للتأثير على اتجاهات الرأى العام الأمريكى قبيل الأنتخابات الرئاسية، وأن هناك احتمالات كبيرة لتسريب بيانات المستخدمين واستخدامها فى أغراض تجارية، وأن فيسبوك يظل متابعا لنشاط رواده بشكل عام حتى بعد إغلاق البرنامج سواء على الموبايل أو الكمبيوتر الشخصى، وأن فيسبوك لم يضع إستراتيجية ورؤية واضحة للعمل على ضبط خصوصية ملايين المستخدمين لفيسبوك فى العالم.
لا شك أن هذا الاستجواب أظهر أن فيسبوك أصبح أمرا واقعيا، ولن ينتهى هذا الاستجواب بعقوبات قاسية قد تؤدى إلى إغلاق أو انهيار مالى للشركة رغم الانخفاضات التى شهدتها أسهم الشركة بالتزامن مع الاستجواب، وأن فيسبوك أصبح أقوى من أن تملك حكومة حجبه أو إيقافه بعد أن بات متشابكا مع الواقع بشكل لم نكن نتخيله، خاصة بعد الانتشار الواسع لفيسبوك فى السنوات القليلة الماضية والتى على إثرها أصبح مؤسسه أحد أصغر أغنياء العالم، حيث لم يتجاوز عمره حوالى 33 عاما، بدليل الثروة التى أعلن مارك زوكربيرج وزوجته بريسيلا تشان فى العام 2015 عن تخليهم عن 99% من ثروتهم والتى تبلغ حوالى 45 مليار دولار، بعد أن رزقا ببنت سموها ماكس، وأصبح مارك وشركته فيسبوك أحد أكبر الملهمين للشباب فى العالم.
أظن أنه رغم كل الأحداث الدراماتيكية التى نتناقش حولها بسب هذا الاستجواب وتأثير الفيسبوك على حياتنا الشخصية فيظل لفيسبوك العديد من الإيجابيات التى يمكن أن نطورها ونركز عليها فى مجتمعنا ليكون أداة بناء لا هدم.
