
محمود بسيونى
جاء هذا الانتصار بعد معركة كبيرة مع عناصر التنظيم المختبئة فى المناطق الجبلية الوعرة، حتى تمكنت من الوصول إلى الأمير وإعطائه تذكرته إلى جهنم.
المتابع لمجريات الأمور فى سيناء سيلمس اقتراب العملية من نهايتها بتطهير كامل لترابها المقدس من تلك العناصر، العملية الضخمة حققت نتائج مبهرة على مستوى التخطيط والتنفيذ ودقة المعلومات، كما أظهرت الاحترافية فى الأداء، والخبرات التى تراكمت لدى القوات المسلحة من طول المواجهات مع التنظيم الإرهابى.
الإرهابى "أبو زقول" راعى غنم، لا يفقه شيئا فى الدين، ومن كوادر الصفوف الأخيرة فى التنظيم وتولى قيادة عملياته فى وسط سيناء دون دراية بفقه تلك الجماعات المنحرفة كما اعتدنا فى مثل تلك التنظيمات التى ترقى كوادرها بناء على هذا المعيار، وهو دليل مهم على أن التنظيم يحتضر، وقياداته أصبحت تأتى من الصف الأخير، فلا يمكن مقارنة "أبو زقول" بقيادات سابقة فى التنظيم نجح الجيش المصرى فى القضاء عليها خلال السنوات الماضية.
تنظيم بيت المقدس الإرهابى امتداد لتنظيم التوحيد والجهاد الذى تم تكوينه على أرض سيناء عام 2000 على يد الإرهابيين خالد مساعد ونصر الملاحى، وجاء الاسم تيمنا بالتنظيم الذى قاده أبو مصعب الزرقاوى فى العراق عام 2003. نشأ التنظيم على أفكار السلفية الجهادية وتأثر بأسلوب تنظيم القاعدة فى التخطيط للعمليات الإرهابية وتنفيذها، وانضمت إليه عناصر سابقة فى التنظيم عادت من أفغانستان، وتوفر لدى تلك العناصر خبرات قتالية من واقع المواجهات التى تمت بينها وبين القوات الروسية ثم الأمريكية، واستفادت من الطبيعة الجغرافية الوعرة فى سيناء للاختباء وتخزين الأسلحة والذخائر.
تبنى التنظيم أفكار السلفية الجهادية، وأفتى قيادته بتكفير الحاكم والمجتمع، ومع توسعه فى ضم الأتباع ، بدأ البحث عن تمويل لأنشطته الإرهابية حيث نسج علاقات مع تجار المخدرات للمشاركة فى زراعة وتهريب المخدرات.
أعلن التنظيم عن نفسه عام 2004 بتفجيرات طابا ونويبع، ثم تفجيرات شرم الشيخ 2005، وتزامنت التفجيرات مع ذكرى احتفالات وطنية، مثل تحرير سيناء وذكرى العبور فى السادس من أكتوبر، وفق منهج الرسائل المتعددة التى يرسلها التنظيم من وراء عملياته، فهو يضرب الاقتصاد المصرى عبر استهداف السياحة، ويهدد الأجانب، ولا يعترف بالوطن ولا بمناسباته الوطنية، ويتحدى أجهزة الدولة الأمنية، ويجذب مزيدا من الأتباع على خلفية استهداف الإسرائيليين.
وبعد مقتل خالد مساعد فى اشتباك مع قوات الشرطة عام 2005 تولى نصر الملاحى قيادة التنظيم، إلا أن الملاحقات الأمنية المكثفة دفعت أفراد التنظيم للهرب إلى داخل غزة ليظهر بعد ذلك الخليط المصرى الفلسطينى الذى شكّل تنظيم أنصار بيت المقدس، وأعلن عن نفسه فى عام 2011 بتفجير خط الغاز المصرى والعمليات ضد عناصر القوات المسلحة والشرطة يوميا خلال فترة حكم المجلس العسكرى.
انتهز التنظيم وصول تنظيم الإخوان الإرهابى للحكم ونفّذ عملية رفح الأولى، ثم هدأ الوضع لتفاهم بين التنظيم والإخوان، ثم على إثره دخول عناصر إرهابية من جنسيات متعددة أرض سيناء والالتحاق بالتنظيم حتى يساند الجماعة الإرهابية فى حال الثورة عليها، وهو ما حدث فى 30 يونيو 2013، وأكده تهديد الإرهابى محمد البلتاجى بتوقف هجمات التنظيم إذا ما عاد الإخوان للحكم.
تلقى التنظيم دعما ممتدا من عناصر السلفية الجهادية فى غزة ودعمته بالأسلحة والأموال عبر الأنفاق، وتكشف أوراق قضية الإرهابى عادل حبارة أن كل التنظيمات الإرهابية التى ظهرت على مسرح الشرق الأوسط بعد ما أطلق عليه الربيع العربى كانت على اتصال مع التنظيمات الموجودة فى سيناء، وأن الاموال المتدفقة لدعم الإرهاب جذبت مرتزقة وإرهابيين من جميع أنحاء العالم إلى سيناء لقتال الجيش المصرى والاستيلاء على ثروات سيناء.
تطور أداء تلك التنظيمات مع ظهور قنوات داعمة لها مثل قناة الجزيرة القطرية ومجموعة قنوات التنظيم الإرهابى فى تركيا، وأصبح لديها اهتمام خاص بأن يكون لديها سلاح إعلامى، وتطور استخدامها لتقنيات التواصل الاجتماعى ليصبح لديها أداة إعلامية تقدم من خلالها بياناتها الإرهابية وفيديوهات توثق عملياتها لتحصل على مقابلها، وبذلك تحولت من مجرد تنظيم إرهابى إلى جيش يحارب بالوكالة أو "مخلب قط " لدول تريد مصر دولة فاشلة، وتتمكن من إعادة التنظيم الإرهابى للحكم ومن خلاله تسرق دور الدولة المصرية وثروات شعبها.
نموت ولا يدخل مصر خسيس وجبان.. رسالة كتبها أبطالنا من الشهداء بدمائهم، ويسير على هديها شجعان القوات المسلحة والشرطة لاستكمال طريق الثأر للشهداء وتنفيذ خطة التطهير الكامل والشامل لسيناء من دنس تلك العناصر، رأينا تطهير جبل الحلال وشاهدنا جحورهم ومراكز تدريبهم تقع تحت أقدام جنودنا بالصوت والصورة، ونجحت العمليات فى القضاء على قوة التنظيم و تجفيف منابعه، وظهر ذلك فى تراجع معدل العمليات الإرهابية بسيناء عقب البدء فى تنفيذ العملية الشاملة وحصار أوكار تلك العناصر برا وبحرا وجوا.
رسالة القضاء على كوادر التنظيم أبو زقول وقبله أبو دعاء وأبو رحاب واضحة للعناصر الإرهابية.. لا مكان للاختباء فى سيناء، رصاص قوتنا سيلاحقهم أينما كانوا فى شمالها أو وسطها، فوق أو تحت الأرض فى الأنفاق، وانتظارهم لن يطول من أجل الحصول على تذاكرهم الخاصة نحو رحلتهم النهائية إلى جهنم.
