
طارق الطاهر
منذ سنوات كانت الإعلانات تعتمد على المباشرة الشديدة فى حث المصريين على التبرع للمحتاجين والمرضى، وكانت هذه الإعلانات تمثل وجعًا يوميًا متكررًا على مدى الساعة، وبقدر ما كانت تؤثر فى النفوس، إلا أنها كانت تسىء للمحتاجين من الفئات المختلفة، ولكن هذا العام مالت الإعلانات إلى جذب المشاهدين، بأغنيات معروفة تم تطويع بعض كلماتها لتناسب الموقف، فمثلًا الأطفال الذين يغنون من أجل مؤسسة مجدى يعقوب، استطاعوا أن يثيروا الانتباه بأغنيتهم التى أثرت فى النفوس، وأصبحت محببة الاستماع إليها، بدلًا من إعلانات أخرى لم تصل إلى قلوب المصريين، لأنها كانت تثير الحزن بشكل كبير، ولعبت هذه الأغنية مفعول السحر، فبدلًا من أن يبتعد بعض المشاهدين بمجرد رؤية الإعلانات السابقة، الآن أصبح هذا الإعلان وغيره مصدر جذب للمشاهدة مرارًا وتكرارًا دونما ضيق، ولعل المشهد الأخير الذى يحتضن فيه العالم الدكتور مجدى يعقوب، هو رسالة واضحة إلى الدور الكبير الذى تلعبه هذه المؤسسة، ليس فقط فى قلوب الأطفال الذين يحتاجون للعلاج، بل فى قلوبنا، بما يمثله من قيم تظهر واضحة فى تجمع هؤلاء الأطفال حوله، كما لو كانت دعوة صادقة لتجمع المصريين حول هذه المؤسسة التى تداوى جراح قلوب أطفالنا وتحتاج إلى دعم، هذا الاحتياج وصل برقى هذا الإعلان لنا جميعا.
وكما بدأت مقالى أنه يبدو أننا أمام توجه إعلانى مختلف، فقد لفت نظرى فى الإعلان الخاص بالتبرع للقرى الأكثر فقرًا، أنه اعتمد على معلومات توضح كم الجهد الذى تبذله مؤسسة مصر الخير فى مثل هذه القرى، التى تحاول أن تنقلها إلى قرى تحترم آدمية الإنسان، وتوفر لهم المكونات الأساسية للحياة من صرف صحى ومياه شرب ومدارس، وأن هذا يتم أيضا بالتعاون مع أجهزة الدولة التى لا تنسى دورها، ولكنها كذلك تحتاج إلى الجهود المدنية لسرعة الإنجاز، لأنه لم يعد مقبولًا ولا معقولًا أن تعانى بعض القرى من نقص الإمكانيات الأساسية للحياة.
فقد لفت نظرى فى إطار هذه الرؤية الجديدة للإعلانات التى لا تميل للمباشرة فى طرح ما تريد، هو كم المعلومات المتوافر فيها، ففى الإعلان الذى أشرت إليه سابقا، هناك أسماء محددة للقرى التى تعمل بها مؤسسة مصر الخير، وهذا الإعلان يؤكد مصداقية ما يحدث على أرض الواقع، ويدفع بهذه المصداقية القادرين إلى مد المزيد من يد العون، لكى تنتقل هذه القرى إلى وضع أفضل.
إن هذه الإعلانات بالطريقة التى تظهر بها، تبين أننا نملك من المواهب، التى تستطيع أن تصل إلى القلوب والعقول، وأن تحقق أهدافها برقى شديد.
