إيرينى ثابت
يأتى فى مقدمة البرامج الرمضانية بالنسبة لى برنامج "ورطة إنسانية".. ولمن لا يتابعه: هو باختصار مجموعة مواقف إنسانية يفتعلها القائمون على البرنامج لقياس تعاطف الشارع مع تلك الحالات الإنسانية.. يقف شاب فى الشارع حاملاً لافتة مكتوبة بخط اليد يطلب فيها متبرع بالدم لوالده الذى يجرى جراحة فى مستشفى ما.. أو طفل صغير وكأنه من أطفال الشوارع يجلس بكتب مدرسية على الرصيف ويطلب من المارة أن يساعده أحد فى حل سؤال.. دون أن يقبل نقود أو طعام على الإطلاق.
فى هذا البرنامج الرائع يظهر معدن مصرى أصيل عبارة عن خليط من الشهامة مع الجدعنة مع الكرم مع البذل.. ولا يختلف فيه مصرى عن آخر.. فتجد المتبرعين والمتطوعين للمساعدة من الشباب والكبار والبنات والأولاد والسيدات دون فرق.
وتأتى "الرحلة" فى مقدمة المسلسلات الرمضانية.. ولا يقل "اختفاء" عنها فى تكنيك الكتابة الصعب والمتميز.. فى "الرحلة" تتلاحم القصص الثلاث الرئيسية بهدوء وسلاسة لتربط ريهام عبد الغفور الهاربة بابنتها من زوجها المريض المهووس بالكاتب الدرامى الذى يحاول التعامل مع صدمة العلاقة السابقة لعروسه دون أن تصرح له بذلك قبل الزواج ثم دخول حنان كرم مطاوع وأختها المصورة وظروفهما المعقدة فى قصة الزوجة الهاربة وابنتها.
روعة المسلسل فى توازى القصص الثلاث بمشاهد ممتدة، وجيدة القطع، وتوازى الحوار بينها بشكل انسيابى رائع.. وبطريقة مشابهة تدور أحداث مسلسل "اختفاء" لنيللى كريم بتواز بين القصة القديمة لـ"نسيمة" وزوجها المقتول، و"فريدة" أستاذة الجامعة وزوجها الكاتب الذى اختفى بعد أن كتب قصة "نسيمة".. رغم قيام نيللى كريم بدور "نسيمة" و"فريدة"، الأحداث جيدة والتنقل بين القصة القديمة والأحداث الجديدة وبين الشخصيتين سلس وممتع.
ويبدو "ليالى أوجينى" مسلسلاً مختلفًا بالزمن القديم الأنيق وببورسعيد والقاهرة وبالبيوت القديمة والملابس القديمة والسيارات القديمة والحفلات القديمة.. عطور زمان التى ما تزال تداعب خيال المشاهد بعصور الرومانسية القوية الهادئة، الرومانسية الأنيقة شكلا حتى ولو كانت تدمر أصحابها فى ذلك الزمن المختلف.
أما "بالحجم العائلى" فهو مسلسل خفيف لطيف يعتمد على تيمة انشغال الأبناء بحياتهم وتباعدهم عن الآباء.. ويجسد فيه الفخرانى بخفة دمه وكاريزمته دور السفير الطباخ الذى يخطط لاستقطاب أبنائه وأحفاده ناحيته بمرسى علم، ويتحدى زوجته مرفت أمين التى أبعدت أولاده عنه.. ميزة المسلسل الأولى هى يحيى الفخرانى بنجوميته التى يستحقها.. وأيضًا بعض الشخصيات الجذابة خفيفة الدم التى تجذب المشاهد الذى يود أن يستمتع بالضحك وبالمناظر الحلوة بالقرية السياحية والبحر الرائع.
ومن الملاحظ أن الدراما الرمضانية اجتمعت فى هذا العام على عدة مظاهر عجيبة.. التدخين بشراهة للرجال والسيدات.. الأزواج الذين يضربون الزوجات بقسوة وتكرههم الزوجات.. كما تظهر على الشاشة مشاهد العنف المنزلى بوضوح.. أيضًا من الملاحظ تكرار وظيفة الكاتب الروائى أو الدرامى.. وتكرار وجود ابنة واحدة لكثير من الأزواج فى المسلسلات.
عدة حملات إعلانية تميزت بالمتعة كأورنج مثلاً التى يردد الكثيرون أغنيتها "جارى يا جارى يا حتة سكرة".. وقطعًا فوازير ماجد الكدوانى ودنيا سمير غانم والكوميديا اللطيفة والتفاهم العجيب بين النجمين فى إيطاليا.. وتتميز – كما كل رمضان – حملة مركز مستشفى دكتور مجدى يعقوب للقلب بتصوير هادئ وراق مع أغنية "قلبى ومفتاحه" وتوظيفها الجيد فى الإعلان.
وما زال رمضان فى ثلثه الأول وقد نكتشف الجديد فيما تحمله لنا الأيام القادمة.. ربما تتغير الآراء حول مسلسل أو اعلان.. لكن تبقى حلقات "ورطة إنسانية" هى الأقوى فيما تحمله من أمل فى مستقبل شعب يتصرف بعفوية لكن بمنتهى الإنسانية.. شكرًا لصناع هذا البرنامج وكل رمضان والجميع بخير.