
أسامة سلامة
والذى أتته الفكرة نتيجة لعمله السابق فى إنشاء السد العالى بأسوان.
كانت المشكلة خلال الاستعداد للحرب هى كيفية تدمير الساتر الترابى أو فتح ثغرات فيه تسمح بمرور قواتنا بعد عبور قناة السويس، وتراوحت الاقتراحات وقتها بين استخدام القنابل والصواريخ، والمفرقعات، والمدفعية، وكان تنفيذ هذه الاقتراحات يؤدى إلى خسائر مادية وبشرية كبيرة بجانب توقع إسرائيل أن نلجأ إلى هذه الوسائل، ما يجعلها مستعدة له خاصة وأن جميع الآراء أكدت أن فتح الثغرات من خلال هذه الطرق يستغرق من 12 إلى 15 ساعة.
خطرت فى ذهن المهندس باقى خلال أحد الاجتماعات التى عقدت لمناقشة المشكلة فكرة استخدام المياه فى هدم هذا الساتر، لأنه أثناء عمله بالسد العالى من عام 1964 وحتى 1967 كان يجرى استخدام المياه المضغوطة لتجريف جبال الرمال ثم سحبها وشفطها فى أنابيب خاصة من خلال مضخات لاستغلال مخلوط الماء والرمال فى أعمال بناء جسم السد العالى، وفى حالة الساتر الترابى شرق القناة المطلوب هو توجيه مدافع مياه مضغوطة إليه لتجرى رماله إلى قاع القناة ما يؤدى الى فتح ثغرات يتم عن طريقها عبور المركبات والمدرعات إلى عمق سيناء، وطلب القادة من باقى زكى إعداد تقرير فنى وافٍ وصل فيما بعد إلى يد الرئيس جمال عبد الناصر، والذى اهتم بالفكرة المبتكرة ، وأمر بدراستها وتجربتها قبل تنفيذها.
نجحت الفكرة نجاحا باهرا خلال المعركة وكانت سببا رئيسا فى العبور والانتصار الغالى، وتقديرا لجهوده تم منحه نوط الجمهورية العسكرى من الطبقة الأولى عام 1974، ووسام الجمهورية من الطبقة الثانية عام 1984، هذه الوقائع يعرفها كل من اهتم بتاريخ حرب أكتوبر وأبطالها ، ولكن الدروس المستفادة منها كثيرة للغاية، وأهمها أن الحل موجود مهما كان حجم المشكلة، فقط نحتاج إلى الخيال، فقد كان التفكير التقليدى مثل استخدام القنابل أو الصواريخ لهدم الساتر الترابى سيكلفنا أرواحا كثيرة وسيؤثر على خطة العبور بالكامل، ولكن التفكير خارج الصندوق كان السبب فى الوصول إلى الحل، أيضا إعطاء الفرصة للموهوبين وعدم تجاهل الشباب، فقد كان باقى ضابطا صغيرا ولكن القادة الكبار سمحوا له بعرض فكرته واستمعوا لاقتراحه ولم يقمعوه، بجانب ضرورة الاستفادة من الخبرات المكتسبة فقد جاءت الفكرة من خلال عمل باقى فى السد العالى، وهو ما يعنى أهمية تكامل الخبرات فى المجالات المختلفة.
وأخيرا فإن القرار النهائى تم اتخاذه بعد تجارب عديدة والتأكد من إمكانية نجاح الفكرة بنسبة كبيرة، وهو ما يؤكد أهمية العلم فى أى معركة نخوضها، هذه هى دروس تجربة الراحل الذى سيظل باقيا فى وجداننا.
