البث المباشر الراديو 9090
رولا خرسا
أنا وأختى عشنا حياة مختلفة عن كثيرين، ولدنا فى لبنان وعشنا طفولتنا هناك وكنا نقضى الصيف فى أوقات كثيرة بالإسكندرية بلد جدتى لأبى "أمينة".

أنا أكبرها بعام واحد ولكننى كنت أتعامل معها أننى المسؤولة صاحبة الكلمة، يجب عليها أن تسمع كلامى وتنفذ ما أقول، ورغم أنى كنت مفترية ساعات عليها، إلا أنها كانت تثق فى بشكل كبير، أو على الأرجح لأننى كنت مفترية كانت تعطينى هذا الإحساس خوفًا منى.

ومرت الأيام التى أثبتت أن أختى هى الأكثر واقعية بيننا والأكثر معرفة بالأمور الحياتية فيما يخص الأوراق والمعاملات والشراء وتفاصيل كثيرة أخرى، وأنا عكسها تماما أَى بيروقراطية وورق أو حتى شراء أى أمر لا أفقه شىء فيهم.

أختى حتى اليوم تعتبرنى ساذجة وهى الناصحة وبالتالى هى اللى لازم تاخد بالها منى عشان محدش يستغل طيبتى، تحاول إقناعى أن العقل مضمون وأنا أحاول جرجرتها إلى عالم القلب بجماله، تردد لى دوما أنى ابنتها الثالثة، ولكن الابنة الأصعب لأنى لا أسمع كلامها وماشية بدماغى، فى كل نقاشاتنا نختلف بل نكون طرفى نقيض، ورغم هذا اكتشفت مؤخرًا أن هناك ما هو أقوى من كل الاختلافات، رباط الدم، رباط سحرى موجود، بل موجود جدا، تكتشفه فى الأزمات الكبيرة عندما تضيق عليك الدنيا أو فى حالات المرض أو الفقد.

تلتفت حولك لتجد أن عدد من يحيطونك أقل من القليل وتجد نفسك مع أخيك أو أختك، ورباط الدم هذا غريب جدًا، كأنه يربط ما بين القلوب، تشعر بمزيج من الحب والارتباط والواجب والتشابه فى الظروف وبأن الطرق مهما تباعدت لا بد من لقاء، علاقاتنا بأخواتنا فى فترة الطفولة تختلف من شخص لآخر، البعض يعتبر أخته هى صديقته المقربة والبعض الآخر يعتبرها الكائن المزعج الذى نضطر للعيش معه لأن أهلنا أجبرونا على العيش تحت سقف واحد، ولكن مع مرور السنين إحساس المضطر يستبدل بالتعود والتجارب والمواقف تقرب أكثر فأكثر.

لكل من يقرأ مقالى أقول أختك هى دمك التى إن تخلى العالم كله عنك لن تتركك، أنا محظوظة أن الله أنعم على بأخت حرصت أن اعتبر بناتها أخوات لابنتى، تباعدت بيننا المسافات فهى منذ سنين طويلة لا تعيش فى مصر ولكن فى كل مرة لحظة اللقاء الأول تُشعرنا اننا لم نفترق أبدًا، فى كل صعب وأما أكثر الصعاب أجدها ترسل إلى ما يعيننى على المسير، خلاصة قولى أن الأراء والاتجاهات فى الحياة تختلف ولكن يبقى حب رباط الدم ليجمع بين الإخوة إلى الأبد، حافظوا على أخواتكم وودوهم، حافظوا على صلة الرحم دوما، ليس من منطلق الواجب بل من منطلق الحب، مهما اختلفتم ستتصافوا فى أوقات الأزمات، وتبقى الأخت هى الأقرب دوما، حافظوا على أخواتكم بالحب، فالحب بأشكاله المختلفة هو المعين الوحيد على هذه الحياة.

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز