محمود بسيونى
البحث عن واسطة لعلاج على نفقة الدولة لغير القادرين. ارتفاع تكاليف العلاج، وغيرها كثير من الأزمات فى ملف الصحة المتَّخم بكثير من الألم، والحزن الممتد عبر سنوات طويلة.
ومع إعلان الدولة بدأ تنفيذ مشروع التأمين الصحى الشامل، كان الترقب سيد الموقف، هل الدولة قادرة؟.. وهل ما يُطرح من تصريحات حقيقى ويضع فى الاعتبار ارتفاع تكاليف العلاج؟.. ثم يظهر الاجتماع الرئاسى بحضور رئيس الوزراء ووزيرة الصحة فى نفس يوم افتتاح أكبر 3 محطات لتوليد الكهرباء فى الشرق الأوسط، ليظهر تكليف الرئيس للحكومة بسرعة الانتهاء من قوائم الانتظار فى المستشفيات.
الرئيس أمر بإنهاء قوائم انتظار الجراحات الحرجة، والتدخلات الطبية الطارئة لأكثر من 18 ألف مريض بالمستشفيات التابعة لوزارة الصحة على أن يتم انهاؤها خلال 6 أشهر بتكلفة تقديرية 607 ملايين جنيه.
يظهر التشكك مرة أخرى.. من سيتم علاجه. المؤمَّن عليه أم غير المؤمَّن عليه، وهل الأمر متاح أمام الجميع؟!
الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، ترد على المتشككين بأن عمليات تسجيل مرضى قوائم انتظار الجراحات الحرجة والعاجلة مستمرة، وتتم عبر الموقع الإلكترونى www.wl.smcegy.com، والخط الساخن 15300 الخاص بالرد على استفسارات المرضى من جميع أنحاء الجمهورية، مؤكدة أن جميع تكاليف العلاج يتحملها التأمين الصحى إذا كان المريض مؤمَّن عليه صحيًا ويتحملها العلاج على نفقة الدولة إذا كان المريض ليس له تغطية تأمينية.
وزيرة الصحة والسكان أكدت أن جميع التكاليف العلاجية للمرضى من عمليات جراحية سيتم حسابها بناء على تسعيرة الخدمة التى سيتم تقديمها مع تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل الجديدة، والتى تبدأ فى بورسعيد خلال الفترة المقبلة.
للدولة تجربة ناجحة فى علاج فيروس سى، شهد لها الخارج قبل الداخل، والقاصى قبل الدانى، وهى تجربة قابلة للتكرار مع قوائم الانتظار.. والبداية من قوائم الانتظار تشير إلى وجود رؤية لتغيير واقع الصحة فى مصر، فقوائم الانتظار واحدة من أخطر الأزمات التى عانى منها المصريون. التكليف الرئاسى ومتابعة الرئيس السيسى الشخصية تعطى تفاؤلًا كبيرًا بنجاح المرحلة الأولى لإصلاح قطاع الصحة.
بالتأكيد، المتابع لما يجرى فى مصر، لديه نفس التوقع، يعزز ذلك هذا الكم الهائل من الشائعات الذى لاحق قطاع الصحة تحديدًا، فى محاولة يائسة لمنع وصول تلك الخدمة إلى من يستحقها، وتخويف الناس من تلقى العلاج، ولكن الحركة الموجودة فى وزارة الصحة، وإصرار الرئيس على حل المسألة جذريًا مثلما حدث فى قطاعات الكهرباء والطاقة تُنبئ بانفراجة فى ملف الصحة.
جودة الخدمة والتعامل بشفافية هو ما ينتظره الناس فى ذلك الملف.. بالتأكيد المسألة لن تسير بسلاسة، وخصوصًا خارج القاهرة، وهنا يكمن دور الرقابة فى متابعة تنفيذ التكليف، وقطع الطريق على أى تلاعب قد يحدث لتتم التجربة ويصل الدعم الصحى الغائب لسنوات طويلة إلى مستحقيه.
الدولة تتجه إلى الاستثمار فى البشر.. تحسين مناخ الحياة فى مصر هو بداية مرحلة جنى ثمار الإصلاح الاقتصادى الصعب.. لقد تحدث الرئيس عن بناء الإنسان وزراعة الأمل. وفلسفة التحرك لبناء الإنسان المصرى تتطلب تحسين صحته، وتعليمه، وتدريبه، وتثقيفه، وتنويره، كلها إجراءات تحتاج إلى سنوات، وكانت تنتظر البداية، والرئيس أعلن فى تعهدات ولايته الثانية أن بناء الإنسان على رأس أولويات المرحلة المقبلة.
الاستثمار فى البشر، استثمار فى مستقبل مصر.. وتحصين الدولة المصرية مستقبلًا بمواطنيها يعكس وعيًا بتحديات سابقة وحالية، تنطلق من تجذير هوية غابت وصولًا إلى جودة معيشة يتوق إليها المصريون فى دولتهم الجديدة.