رولا خرسا
تردد المقوقس فى دخول الإسلام، إلا أنه بعث بهدايا كثيرة إلى الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، وكان على رأس الهدايا السيدة "مارية" وبعض من منتجات مصر، وعندما أنجبت السيدة مارية لسيدنا محمد ابنه إبراهيم، أصبح هناك روابط ما بين مصر والعرب.
وهناك أحاديث عدة جاءت على لسان النبى محمد تنبأ فيها بفتح مصر منها:
فقال رسول الله: إِنَّكُم سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ، وَهِيَ أَرْضٌ يَسمَّى فِيْهَا القِيْرَاط، فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا، فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا؛ فَإِنَّ لَهُم ذِمَّةٌ وَرَحِمًا، فَإِذَا رَأَيْتَ رَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ فِيْهَا فِى مَوْضِعَ لَبْنَة، فاخرُج مِنْهَا.
وقال عن أهل مصر: "فَاسْتَوْصُوا بِهِم خَيْرًا، فَإنَّهُم قُوَّةٌ لَكُم، وَبَلَاغٌ إِلَى عَدُوِّكُم بِإِذْنِ الله".
وقد تحدثت فى مقال سابق عن الأسباب التى دفعت عمر بن الخطاب رضى الله عنه - الخليفة وقتها - لفتح مصر، فتحدثت عن الأسباب الاقتصادية والسياسية والعسكرية، إضافة طبعا للأسباب الدينية.
ولماذا عمرو بن العاص هو من فكر فى فتح مصر؟ فى كتاب "معاهدة القبط بين والى مصر وعظيم النوبة: من صور الرق فى القرون السبعة"، ذكر المؤرخ أن عمرو بن العاص كان قد زار مصر فى الجاهلية، وعرف طرقها، ورأى فيها كثرة ما فيها.
كما أن ابن العاص كان ببيت المقدس، والتقى بشماس من شمامسة الروم من أهل الإسكندرية، جاء للتجارة فى بيت المقدس "القدس الآن"، وأنقذه أثناء نومه من حية، فلما علم الشماس عرض عليه، أن يأتى لبلاده وأن يعطيه ديتين لأنه أنقذه من الموت مرتين مرة من العطش ومرة من الحية، وقال لعمرو "لو أنك دخلتها لعرفت أنك لم تدخل مثلها".
كانً عمر بن الخطاب متخوفا من فتح مصر، إلا أن عمرو بن العاص أقنعه حين قال له: "إن فتحتها كانت قوة للمسلمين وعونا لهم، وهى أكثر الأرض أموالا وأعجزها عن الحرب والقتال".
فوافق عمر على شرط إذ قال له: "سر وأنا مستخير الله فى مسيرك، وسيأتيك كتابى سريعا إن شاء الله، فإن أدركك كتابى، أمرتك فيه بالانصراف عن مصر قبل أن تدخلها، وإن دخلتها قبل كتابى فأمض لوجهك واستعن بالله واستغفره".
وأرسل عمر مع عمرو ابن العاص جيش قوامه ما يقرب من أربعة آلاف جندى، ثم استخار ولَم يشعر بالراحة، فأرسل إليه رسولا يطلب منه العودة من مصر، كان عمرو على مشارف مصر عندما شاهد رسول الخليفة، فلم يأخذ منه الرسالة إلا بعد دخوله قرية ما بين رفح والعريش، عندها استلم منه الرسالة وقرأها على جنوده، ثم قال: "ألستم تعلمون أن هذه القرية من مصر".
قالوا: "بلى"، فقال: "فإن أمير المؤمنين عهد إلى وأمرنى إن لحقنى كتابه ولم أدخل مصر أن أرجع، ولم يحلقنى كتابه حتى دخلنا أرض مصر فسيروا على بركة الله".
هذا هو عمرو بن العاص داهية العرب الذى يستحق المرة القادمة مقالا منفصلا عنه.