
ثروت إمبابي
وقال إمبابى، إنه في زمنٍ يتسابق فيه العالم مع شبح الجوع وتغير المناخ، تبدو الصورة في مصر أشبه بلوحة معقدة التفاصيل: "زيادة سكانية متسارعة، تراجع في الموارد الطبيعية، ومطالب يومية متزايدة، وفي هذا السياق، يصبح التوفيق بين الإنتاج الزراعي والاستدامة البيئية تحديًا وجوديًا، لا رفاهية في التفكير فيه ولا وقت للمساومة عليه، إذ أصبحنا نعيش معادلة دقيقة، طرفاها الأرض والإنسان، ومفتاحها الوعي والابتكار".
أضاف، لطالما كانت الزراعة في مصر العمود الفقري للاقتصاد والمجتمع، حيث شكلت عبر التاريخ شريان حياة امتد من دلتا النيل حتى أطراف الصحراء، ولكن، في العقود الأخيرة، بدأت الممارسات الزراعية التقليدية تُلقي بظلالها الثقيلة على البيئة.
وقال إنَّ الإسراف في استخدام الأسمدة والمبيدات، ونُظم الري غير الفعالة، والاعتماد الكلي على نهر النيل، كلها عوامل أدت إلى تدهور التربة، وتلوث المياه، ونُدرة في الموارد التي لطالما اعتُبرت مسلّمة.
وأشار رئيس لجنة الزراعة والرى بحزب الوعي، إلى أنَّ الاستمرار على هذا النحو لم يعد خيارًا مقبولًا، بل إنَّ السؤال الذي يجب أن نطرحه ليس هل نستطيع التوفيق بين الإنتاج والاستدامة؟ بل كيف نبدأ فورًا؟.
وتابع: "أؤمن أنَّ الحل يكمن في التحول من الزراعة الاستهلاكية إلى الزراعة الواعية، من الكم إلى الكيف، ومن النمط العشوائي إلى التخطيط القائم على التكنولوجيا والوعي البيئي".
تابع: "تمتلك مصر فرصة تاريخية لإعادة رسم خريطتها الزراعية، ليس فقط من خلال استصلاح أراضٍ جديدة، بل من خلال إعادة النظر في فلسفة الزراعة ذاتها، ويجب أن نُدمج التقنيات الحديثة في إدارة المياه، مثل الري بالتنقيط واستخدام مستشعرات الرطوبة، إلى جانب التوسع في استخدام الطاقة الشمسية في تشغيل المضخات والمعدات الزراعية".
أضاف "إمبابي"، كما أن التوجه نحو الزراعة العضوية والزراعة الذكية مناخيًا، سيمنح البيئة فرصة للتعافي، ويمنح الإنسان غذاءً صحيًا مستدامًا، وقد بدأت بالفعل تظهر تجارب واعدة في هذا السياق، مثل مشروعات الفرافرة وتوشكى الجديدة، التي تمثل نموذجًا أوليًا لما يمكن أن يكون مستقبل الزراعة في مصر، لكن هذه المبادرات تحتاج إلى دعم حقيقي، سواء من خلال التشريعات، أو من خلال رفع وعي المزارعين، أو من خلال دمج مفاهيم البيئة في التعليم والمناهج.
واختتم: "لا أرى التوازن بين الإنتاج الزراعي والاستدامة البيئية كرفاهية فكرية، بل كضرورة أخلاقية، ومسؤولية وطنية، نحن لا نحافظ على البيئة من أجل الأشجار والأنهار فحسب، بل من أجل أطفالنا وأمننا الغذائي وكرامتنا الإنسانية، فالأرض لا تطلب منا الكثير؛ فقط أن نُحسن إليها، لتُحسن إلينا".
