البث المباشر الراديو 9090
إيران قبل الثورة الإسلامية
تطورت تجمعات عفوية فى إيران، بدأت فى الغالب كاحتجاجات على ضعف اقتصاد البلاد والتضخم والبطالة، إلى تظاهرات مناهضة للنظام الإيرانى، مُطالبة بـ"الموت لروحانى"، وسرعة التوقف عن التدخل فى الشأن السورى والتفرغ الكامل لما يعانيه الشعب.

عانى الاقتصاد الإيرانى ركودًا وتضخمًا وبطالة، رغم أن البلاد لديها كميات كبيرة من النفط واعتادت أن يكون لديها صناعة طاقة مزدهرة، وعندما انتهت العقوبات فى عام 2016 كان هناك تفاؤل كبير بأن الاقتصاد سيتحسن، لكن لم يحدث ذلك.

وعن السبب، ذكرت الكاتبة إلين والد، فى مقالة لها بصحيفة "فوربس" الأمريكية، أن السياسات والأيديولوجيات الراسخة صعّبت على إيران اجتذاب نوع الاستثمار الذى يحتاجه، مشيرة إلى أن الحكومة الثورية الإيرانية تستند إلى فكرة أن "الثورة" قوة مستمرة يجب حمايتها وإدامتها، وطالما بقى هذا النظام فى السلطة ويعزز "الثورة" ضد ما يظنهم أعداء لهم، فإن الاقتصاد الإيرانى لن يتحسن وسيزداد وضع المواطنين مرارة.

الشعارات التى يرفعها المتظاهرون، فى احتجاجات هى الأكبر منذ التظاهر ضد إعادة انتخاب الرئيس السابق المحافظ المتشدد محمود أحمدى نجاد عام 2009، تكشف رغبتهما القوية فى استرجاع ما كانوا يأملونه من الثورة التى اندلعت فى 1979 احتجاجًا على ديكتاتورية الشاه محمد رضا، لكن لسوء الحظ فى الوقت الذى كانت تغادر فيه طائرة الشاه إيران بحثًا عن مكان آمن، أتت أخرى من باريس على متنها الإمام الخمينى ومجموعة من حلفائه الذين اختطفوا الثورة الإيرانية ليعيدوا بنظامهم إيران إلى العصور الوسطى.

قبل عقود من الثورة، كانت الحياة فى إيران مختلفة تمامًا، إذ إنه خلال فترة حكم الشاه رضا رغم ديكتاتوريته وقمعه للحريات السياسة، دفع بلاده إلى اعتماد التحديث العلمانى الغربى ما سمح بقدر من الحرية الثقافية.

وفى ظل حكم الشاه، توسع الاقتصاد الإيرانى والفرص التعليمية، واعتبرت بريطانيا والولايات المتحدة إيران حليفًا رئيسيًّا لها فى الشرق الأوسط، ومع ذلك، فإن إجراءات الشاه الاستبدادية المتزايدة وإلغاءه فى نهاية المطاف، الأحزاب السياسية مع الإبقاء على الحزب الحاكم مهّد الطريق للثورة المشؤومة، وعلى مدى ما يقرب من 40 عامًا، قاد الشاه إيران إلى سلسلة من التغييرات الكاسحة.

وبسبب إمدادات إيران الكبيرة من النفط، وقربها من الهند والحدود المشتركة مع الاتحاد السوفييتى دعمت بريطانيا والولايات المتحدة الحكومة الإيرانية دعمًا كاملا، ومع ذلك حتى قبل الثورة الإسلامية كانت قبضة الشاه، الذى حكم البلاد من 1941 وحتى 1979، غير مستقرة.

فنظرًا للتغيرات التى طبقها لم يلق وحكومته الموالية للغرب بقبول لدى الشيوعيين وأفراد المجتمع المتدينين، وفى عام 1953، اضطر الشاه إلى الفرار من إيران ليعود بعدها ويطيح برئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق، الذى أراد تأميم صناعة النفط الإيرانية.

وعلى غرار أتاتورك فى تركيا، أجرى شاه الرضا  سلسلة من الإصلاحات الرامية إلى تحويل إيران لدولة غربية حديثة، وشملت هذه الإصلاحات هيكلة طهران حول الهوية الفارسية المركزية، والقمع الوحشي فى كثير من الأحيان للقبائل وقوانينها فى مقابل وجود حكومة مركزية قوية، وتوسيع نطاق حقوق المرأة.

فى عهد شاه إيران حُظر الحجاب فى الأماكن العامة، وشُجعت النساء أيضًا على الالتحاق بالمدارس والحصول على التعليم، ورغم أن الشاه كان يهدف إلى تحويل إيران إلى دولة غربية حديثة، لكن حظره الملابس الدينية كان يثير غضب المحافظين الدينيين والتقليديين.

ومع ذلك، تمكن الشاه من خلق حياة مدينة تبدو عالمية، فاختلطت النساء والرجال بحرية، ووسع نطاق الفرص التعليمية إلى حد كبير، كما أصبحت الملابس والمعايير الغربية متأصلة فى قطاعات كبيرة من السكان الإيرانيين، وكانت الأسرة الإيرانية الحاكمة رائدة فى "التغريب"، فهذه الصورة للإمبراطورة ثريا.

وفى إطار دعوات العائلة المالكة، أصبحت إيران مقصدًا شعبىيا للمشاهير ورؤساء الدول، وفى هذه الصورة تظهر الممثلة الإيطالية وزوجها يزوران مسابقة رياضية كضيوف للأميرة أشرف بهلوى الإيرانية.

وقامت الأسرة المالكة الإيرانية بالمثل، وتجولت فى عواصم العالم، وهنا يظهر الشاه وزوجته مع ونستون تشرشل فى لندن.

كما مولت طهران الدراسة فى الخارج فى أوروبا للإيرانيين، وبنت المدارس والعيادات فى جميع أنحاء الريف الإيرانى لرعاية الأطفال الفقراء كجزء من "الثورة البيضاء" للشاه، وساهم ارتفاع أسعار النفط والاستقرار النسبى بالشرق الأوسط فى زيادة المشروعات فى المدن الإيرانية الكبرى.

لكن بحلول عام 1975، ألغى رضا شاه نظام تعدد الأحزاب الإيرانى، وركز أكثر على وضع قدر أكبر من السلطة فى يديه تحت حزب راستاخيز (حزب البعث) الذى تسمح به الحكومة، ونظرا لتفاقم الديكتاتورية فى 16 يناير 1979، فر رضا شاه من إيران خلال الثورة الإيرانية، وبدأت الثورة كحركة شعبية يغذيها الغضب ضد البذخ الحكومى والفساد والوحشية وقمع الحقوق الفردية قبل أن يختطفها آية الله الخمينى.

فهل وبعد 4 عقود من اختطاف الثورة يتمكن الإيرانيون من تصحيح ما حدث فى 1979، هذا ما ستشكفه الأيام القليلة الماضية.

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز