البث المباشر الراديو 9090
أردوغان والسراج
يبدو أن أوهام الخلافة العثمانية المزعومة لا زالت متعلقة بذهن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان حتى فى العام الجديد الذى يستقبله العالم بالسلام، فأحلامه يبدو أنها لا تنقطع بالحروب والدماء، وهو ما ظهر فى كلمات له عبر اتصال هاتفى أجراه مع الجنود العاملين فى أحد مراكز الحدود.

أردوغان أكد فى الاتصال الهاتفى أن تركيا بصدد اتخاذ خطوة جديدة فى ليبيا وشرق المتوسط، قائلا "ها نحن بصدد اتخاذ خطوات جديدة ومختلفة فى كل من ليبيا وشرق البحر المتوسط".

وأعرب أردوغان عن أمله فى أن "يحقق جنودنا فى شرق المتوسط ملاحم بطولية كتلك التى حققها (أمير البحارة العثمانيين) خير الدين بربروس (1478-1546)، وهم بالفعل سيواصلون كتابة تلك الملاحم"، بحسب وكالة "الأناضول" التركية.

وتحدث أردوغان مع الجنود عبر مكبرات الصوت بالهاتف، ووجه حديثه بداية إلى وزير الداخلية سليمان صويلو، الذى قدم له معلومات حول دور القوات ومهامها.

خطة أردوغان باستخدام المرتزقة والميليشيات وداعش

لكن الحديث هذا يتبين كذبه بالأدلة، ففى الوقت الذى تنقل فيه تركيا المئات من مقاتلى داعش من سوريا إلى ليبيا، يقوم النظام التركى حاليا بإخلاء سبيل المئات من منتسبى داعش توطئة للدفع بهم إلى الساحة الليبية فى مهمة جديدة قد تكون الأسوأ على الإطلاق.

وقال المراقبون، إن ما زعمته تركيا عن محاربة داعش ووضع مئات من مقاتلى التنظيم من سوريا والعراق فى سجونها، فى إطار التحالف الدولى لمحاربة داعش، قد بانت حقيقته الآن وهى أن "سجناء داعش فى تركيا" لم يكونوا سجناء فى واقع الأمر بل كانوا فى معسكرات تجميع معظمها فى منطقة "اكاكلى" التركية القريبة من الحدود السورية بها كل وسائل الترفيه انتظارا لشن حملة إرهاب جديدة وأن مصابيهم كانوا يتلقون العلاج فى المشافى التركية تحت غطاء منظمات إغاثية وإنسانية تعمل تحت غطاء كامل من الحكومة التركية.

بدورهم، أكد خبراء المركز الأوروبى لمكافحة التطرف، ومقره ستوكهولم، أن النظام التركى قد تعمد بالفعل ممارسة التضليل المعلوماتى للعدد الفعلى لعناصر داعش الموجودين على الأراضى التركية توطئة للدفع بهم فى مهام جديدة تخدم خطط الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى السيطرة على الشرق الأوسط وإرهاب حلفائه الغربيين فى حلف شمال الأطلنطى.

ففى إشارة مضللة قال أردوغان إن بلاده قد ألقت القبض على 17 ألفا من عناصر داعش منذ عام 2016، بينما بثت وكالة الأنباء التركية الرسمية الأناضول تقريرا بتاريخ 29 أكتوبر 2019 أشارت فيه إلى أن عدد من ألقت تركيا القبض عليهم من الدواعش هو 13 ألفا و696 عنصرا منذ عام 2016 وهو أقل بأكثر من 3 آلاف عنصر عما أعلنه أردوغان.

وذكر تقرير المركز الأوروبى لمكافحة التطرف أن نسبة لا تتعدى 10% من منتسبى داعش الموجودين فى تركيا هم بالفعل "سجناء حقيقيين" ربما لقيامهم بارتكاب أعمال تخريبية ضد تركيا سواء فى داخلها أو فى مناطق توسعها فى سوريا.

وأوضح التقرير أن أردوغان قد بدأ فى الإفراج عن سجناء داعش منذ مطلع العام الجارى فى عملية اتسمت بالسرية والتدرج وأن الإفراج شمل داعشيين صدرت بحقهم أحكام بالسجن من محاكم تركية وأن عدد منتسبى داعش ممن قرر أردوغان إطلاق سراحهم هذا العام بلغ 1163 داعشا حتى 24 أكتوبر الماضى.

وفى أواخر العام 2018 أفرجت تركيا عن 1354 من مقاتلى داعش من أصل 5500 داعشى اعترف الرئيس التركى فى 10 أكتوبر الماضى بوجودهم فى معتقلات تركية نصفهم من غير العرب وأنه ينوى ترحيلهم إلى دولهم، وهو ما يناقض ما كان قد أعلنه بن على يلدريم نائب أردوغان خلال مشاركته فى فبراير 2018 بمؤتمر ميونيخ للأمن أن تركيا تعتقل 10 آلاف من منتسبى داعش فى سجونها حاليا.

ورصد التقرير الأوروبى تصريح أردوغان نفسه فى 6 نوفمبر 2018 أمام برلمانه بأن عدد الدواعش "السجناء" فى تركيا هو 2000 داعشى فقط يناقض ما صرح به نائبه بن على يلدريم، وأكد التقرير أن الفارق العددى ما بين 10 آلاف حسبما أعلن يلدريم و2000 حسبما أعلن أردوغان يكشف عن أن ما لا يقل عن 8 آلاف من العناصر الإرهابية الداعشية قد صاروا طلقاء وقد عبأهم نظام أردوغان للقيام بمهمة جديدة وهو ما لم ينتبه إليه المجتمع الدولى فى حينه.

وأوضح التقرير أن إفراج أردوغان عنهم لا يعنى أنهم "ليسوا تحت قبضة الدولة التركية" حيث أن هذا العدد سيكون هو القوة الضاربة "الداعشية" الجديدة التى سيتم الدفع بها إلى الساحة الليبية فى مهمة جديدة.

وتفادى أردوغان، خلال لقائه مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى البيت الأبيض يوم 13 نوفمبر 2019، الكشف عن العدد الحقيقى لمنتسبى داعش الموجودين فى "سجون تركيا"، كما أصدر أردوغان قرارا فى الأول من يناير الماضى يسمح للاستخبارات التركية بمبادلة "عناصر داعش" فى أى وقت وفى أية تسويات لتبادل الأسرى الأتراك أو مقابل الحصول على معلومات مهمة دونما الحصول على إذن مسبق من البرلمان التركى الذى كان يحظر على الاستخبارات القيام بذلك.

وفى داخل تركيا، بدا بوضوح تساهل القضاء التركى مع المتهمين المنتسبين لداعش ممن يتورطون فى أعمال إجرامية، فبتاريخ 21 من الشهر الجارى قام النائب العام التركى بإخلاء سبيل عنصرين خطيرين تبين انتماؤهما لداعش وألقت الشرطة التركية القبض عليهما وبحوزتهما سيارة مسروقة مركب عليها لوحات أرقام زائفة وعثر بحوزتهما كذلك على جهاز إلكترونى متطور للتشويش الإشارى على الاتصالات وتمت واقعة الضبط بتاريخ 3 ديسمبر الجارى.

وتبين أن المخلى سبيلهما هما من أخطر المطلوبين من عناصر داعش العملياتية فى سوريا أحدهما يدعى "محمد – ب" ويبلغ من العمر 37 عاما والآخر يدعى "صلاح الدين – د" ويبلغ من العمر 47 عاما، وقال مراقبون بالمركز الأوروبى لمكافحة التطرف والعنف إن سلطات الادعاء العام التركية باتت تأتمر بأمر أردوغان وتتساهل مع العناصر الداعشية وهو ما تكشف مؤخرا فى وقائع أخرى مشابهة كان من أبرزها إخلاء النيابة التركية فى 29 أكتوبر 2019 وبتعليمات من أردوغان سبيل عناصر من داعش ضبطتها المباحث التركية فى اسطنبول وهى تحضر لتنفيذ هجوم بسيارة مفخخة ضد أحد الأهداف الأجنبية فى تركيا انتقاما لمقتل أبوبكر البغدادى زعيم داعش.

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز