البث المباشر الراديو 9090
السراج وأردوغان
تطورت الأزمة الليبية بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، وتبعتها تحركات تركية على مختلف الأصعدة والمستويات لاستغلال هذه الأزمة لتحقيق مصالحها فى شرق المتوسط.

وأصدر المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية قراءة للأبعاد المتوقعة للاتفاقيات التى جرى توقيعهما مع الجانب التركى، والدوافع وراء الإسراع فى الاتجاه إليها فى ظل المشهد الليبى الحالى، فضلًا عن المواقف التى صدرت عن أطراف الصراع متناولةً تلك الاتفاقيات، وصولًا إلى التداعيات المُحتملة لها على مسار الصراع المُحتدم.

وأشارت القراءة إلى استثمار حكومة الوفاق الوطنى حالة التداخل والتباين بين المجتمع الدولى حول الصراع الليبى، والاعتراف الأممى الذى نالته بعد اتفاق الصخيرات بالعام 2015، لتمارس مهام السيادة والسلطة على الأراضى الليبية بما يحقق استمراريتها وبقائها، متجاهلةً تداعيات تلك الممارسات على سلامة ومصالح الدولة الوطنية الليبية الموحدة.

ليبيا وتركيا

وألمحت إلى الاتفاقيات التى تم توقيعها بين حكومة الوفاق وتركيا والتى اعتبرتها بمثابة عقود تنازل، إذ أوضحت أنه "اشتمل لقاء وفد المجلس الرئاسى الليبى بقيادة السراج والرئيس التركى فى نوفمبر 2019 محادثات حول تطورات الأوضاع فى ليبيا، كذلك الجهود الدولية لحل الأزمة الليبية، بالإضافة إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك، وجاء فى ختام المحادثات توقيع مذكرتى تفاهم إحداها حول التعاون الأمنى، والثانية مذكرة تفاهم فى المجال البحرى، دون توضيح أى تفاصيل أو معلومات حول طبيعة الاتفاقيتين".

وكشفت لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولى بمجلس النواب أن الاتفاقية الأمنية يستطيع بموجبها الجانب التركى استخدام الأجواء الليبية وكذلك البرية والدخول للمياه الإقليمية من دون أخذ أذن من الجانب الليبى وكذلك إنشاء قواعد عسكرية فى ليبيا.

حركت عدة دوافع لدى تركيا وحكومة الوفاق الطرفين للتوقيع بشكل سريع وغير مُعلن على الاتفاقيات، والتى تتابين فى الاتجاهات بين مصالح الهيمنة الاقتصادية لدى تركيا وأخرى ذات طبيعة عسكرية لدى الوفاق.

ولخصت القراءة الدوافع التركية وحكومة الوفاق فى مناوئة منتدى غاز شرق المتوسط، وتبرير التدخل التركى بالشأن الليبى، وفرض الإرادة على الوفاق المتراجعة، وإشعال الصراع واستنزاف الموارد، وتوفير الدعم للميليشيات المسيطرة على العاصمة.

ليبيا وتركيا

وعن مواقف الأطراف الليبية من اتفاقيات الوفاق وتركيا فقد تباينت ردود الفعل بين رفض للبرلمان الليبى المنتخب والمؤسسات الليبية المختلفة للاتفاقيات، فيما جاءت مواقف وزراء الوفاق مُدافعةً عنها كونها تحقق أهدافًا استراتيجية للدولة الليبية.

وهناك العديد من الأخطار الكامنة وراء اتفاقية ترسيم الحدود بين تركيا وليبيا، إذ أشارت القراءة إلى توقع الرئيس التركى ورئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج، اتفاقية لترسيم الحدود البحرية وتضمن الاتفاق منح تركيا النفوذ على مناطق ساحلية لا تملك حكومة السراج أى نفوذ فيها.

وأكدت أن الاتفاقية "قوبلت بالرفض وعدم الاعتراف بشرعيتها من قبل بعض الدول المطلة على حوض البحر الأبيض المتوسط مصر واليونان وقبرص وإسرائيل، فى حين اقتصر موقف الاتحاد الأوروبى على التنديد بالاتفاقية فقط".

ليبيا وتركيا

ولخصت القراءة أسباب توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين حكومة الوفاق وتركيا فى معارضة تركيا الطويلة الأمد لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار UNCLOS لعام 1982، وحالة الإحباط التى انتابت أنقرة من توقيع العديد من الاتفاقيات بين جيرانها فى السنوات الأخيرة، والتى تنظر إليها على أنها تتعارض مع المصالح التركية فى المنطقة، ومن هذه الاتفاقيات، اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الإقليمية التى وقعتها قبرص مع مصر فى عام 2003، إضافة إلى عرقلة تركيا جهود مصر وقبرص واليونان وإسرائيل للتوسع فى عمليات التنقيب عن الغاز فى شرق البحر المتوسط.

وتسعى تركيا لتجد موضع قدم جديدًا لها فى ليبيا كما فعلت فى العراق وسوريا، وهو ما يعنى سيطرة أنقرة على مساحة شاسعة فى المنطقة وتحقيق نفوذ قوى لم يسبق لها الحصول على مثله منذ انهيار الخلافة العثمانية.

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز